العنف والفتنة والإرهاب.. أسلحة إخوان تونس "كلما زادت عزلتهم"
لم تتوان الحركة على مدار سنوات حكمها من تمكين عناصرها وتقوية نفوذها في مقابل استخدام العنف والتهديد بالتصفية لإسكات الأصوات المناهضة
"سيلجأون إلى العنف كلما زاد اختناقهم شعبيًا".. كانت هذه آخر كلمات الزعيم اليساري التونسي شكري بلعيد قبل اغتياله في 6 فبراير/شباط 2013 ضمن خطاب هاجم خلاله حركة النهضة الإخوانية وغيرها من الحركات المتطرفة.
فحركة النهضة الإخوانية التي قفزت على السلطة عقب سقوط نظام زين العابدين بن علي مستغلة حالة الفراغ السياسي بالبلاد، فضحتها سنوات حكمها وكشفت عن حقيقتها للتونسيين فباتت اليوم جماعة غير مرغوب فيها.
فلم تتوان الحركة على مدار سنوات حكمها من تمكين عناصرها وتقوية نفوذها في مقابل استخدام العنف والتهديد بالتصفية لإسكات الأصوات المناهضة لها والداعين لرحيلها عن الحياة السياسية.
الأرقام والاستطلاعات أثبتت بالدليل القاطع أن نهاية سوداوية تنتظر التنظيم الإرهابي مع أول انتخابات مقبلة في تونس وهو ما أدركته الجماعة فساندت حكومة هشام المشيشي خشية حل البرلمان والاتجاه لانتخابات مبكرة ومن ثم إقصاء نهائي.
وعمدت الجماعة إلى استمرارها في منظومة الحكم ولو قليلا حتى تتمكن من تنفيذ الخطط البديلة وهي الترهيب والعنف وتأجيج الفتنة والصراعات بين مؤسسات الحكم لتفكيكها كبيئة خصبة تفضل العيش بها، وفق مراقبين.
وتشير الأرقام إلى تراجع كبير في نسب إخوان تونس بالبرلمان، حيث حصلت في 2011 على 90 مقعدا بالبرلمان من إجمالي 27، فيما حصلت في 2014 على 70 نائبا بينما الآن لها 54.
ووفق أحدث الاستطلاعات فإنه في حالة إجراء انتخابات برلمانية فمن المتوقع حصولها على ٢٠ مقعدا فقط.
إرهاب سوسة
وتأتي عملية دهس دورية أمنية في منطقة "القنطاوي" من محافظة سوسة الساحلية، الأحد، ضمن المنطلقات الإرهابية للإخوان، بعد تراجع شعبيتهم ورصيدهم الانتخابي.
وقال الكاتب المختص في الجماعات الإسلامية، أنس الشابي، إن حركة النهضة تعتمد العنف كآلية لإحراج السلطة منذ انبثاقها في سبعينيات القرن الماضي.
وأوضح الشابي، في تصريحات لـ"العين الإخبارية"، أن حركة النهضة فقدت أكثر من مليون صوت منذ انتخابات 2011، حيث تدحرجت من مجموع مليون وأربعة مائة ألف صوت إلى 400 ألف صوت فقط سنة 2019، من مجموع 8 مليون ناخب تونسي.
وتابع قائلا: "إن تجربة الإخوان في تونس أثبتت فشلها اقتصاديا واجتماعيا، وأوصلت البلد إلى أزمة أمنية دائمة مع انتشار الجماعات الإرهابية".
وتعرض عنصرا أمن تابعان لسلك الحرس التونسي صباح الأحد لعملية دهس من قبل أربعة إرهابيين بواسطة سيارة في مفترق "أكودة القنطاوي" سوسة وسط شرق البلاد.
وعقب الحادث، وجه الرئيس التونسي قيس سعيد، رسالة مبطنة للإخوان، بأن الشعب "لم تعد تخفى عليه خافية"، واصفاً من يريد تغيير المشهد السياسي عن طريق الإرهاب بأنه "واهم".
وقال سعيد، في تصريحات إعلامية: "العمليات الإرهابية والإجرامية لن تربط التونسيين، وواهم من يريد أن يرتب من خلال هذه العمليات لأوضاع سياسية جديدة، لأن الشعب لم تعد تخفى عليه خافية".
رصيد شعبي متآكل
وكشفت مؤسسة "سيغما كونساي" (خاصة ) عن انهيار شعبية الإخوان أمام حزب الدستوري الحر (ليبرالي) الذي تتزعمه عبير موسي بفارق 15 نقطة.
وتحصل الدستوري على نوايا 35 بالمائة من الرضا الشعبي مقابل 20 بالمائة لحركة النهضة، مع تسجيل 72 بالمائة من التونسيين الذين يعتبرون الغنوشي أسوأ شخصية سياسية في تاريخ البلاد.
وربطت الباحثة التونسية، نرجس بن قمرة، بين تآكل رصيد الإخوان وتنامي العمليات الإرهابية بالقول "إن الخلايا الإرهابية النائمة تنشط في تونس بأوامر من زعيم الإخوان".
وأوضحت في تصريحات لـ"العين الإخبارية" أنه على قيس سعيد رفع الغطاء عن الخلايا النائمة باعتباره رئيس الدولة والقائد الأعلى للقوات المسلحة، والرجل الأول المسؤول عن سيادة تونس ضد الهجمات الإرهابية الممولة خارجيًا.
ورجحت بن قمرة وجود علاقة بين الخلايا الإرهابية في تونس وجماعة "فجر ليبيا" التي يشرف عليها الإخواني الليبي عبد الحكيم بلحاج والذي زار تونس في أكثر من مناسبة في السنوات الماضية وخاصة منها زيارة سرية لمنزل راشد الغنوشي في عام 2019.
وضمن هذا السياق كشفت، الجمعة، مصادر أمنية في تصريحات لـ"العين الإخبارية" أنه تم تفكيك ثلاث خلايا تكفيرية في محافظة سوسة الساحلية، وضبط أسلحة وخرائط كانت ستستهدف مراكز أمنية.
وأشارت هذه المصادر إلى أن هذه الخلايا تنشط بين تونس وليبيا، ولها ارتباطات بشبكات ترويج المخدرات في الجنوب التونسي وتنظيم رحلات الهجرة غير النظامية باتجاه أوروبا.
كما أن الداخلية التونسية أعلنت في نهاية شهر أغسطس/آب عن تمكنها من الكشف عن خلية تكفيرية تخطط للالتحاق بإحدى بؤر التوتر ودعم الجماعات الإرهابية.
وأفادت بأنها تتجاوز 10أشخاص لهم ارتباطات بجماعات مسلحة في الغرب الليبي، وينشطون في مجال تهريب الأسلحة بين تونس والقطر الليبي.
ويعتبر متابعون أن هذا التراجع المدوي للإخوان سيدفع بخلاياها السرية إلى تكثيف عمليات معادية ضد الدولة التونسية وخاصة ضد من انتزع شعبيتهم ورصيدهم على غرار الرئيس التونسي قيس سعيد.
ولعل شواهد التاريخ السياسي في تونس تثبت مدى عنف الإخوان في لحظات الانتكاسة، حيث اعتمد راشد الغنوشي سنة 1991 مبدأ "تحرير المبادرة" حيث أعطى الحرية لأبناء حركته لتنفيذ عمليات إرهابية لإحراج الدولة.
هذه العمليات بقيت راسخة في الذاكرة التونسية بشكل سلبي مثل حرق مقرات الأحزاب العلمانية والاعتداء على الفنانين والمثقفين ونشر ثقافة التكفير التي مازلت تجد مدلولاتها الفكرية في أدبيات الخطاب الإخواني.
aXA6IDQ0LjE5Mi45NS4xNjEg جزيرة ام اند امز