مصمم "اللوفر أبوظبي": أردتُ متحفا ينتمي لتاريخ الإمارات
أراد اللعب مع الصحراء والشمس والسماء والبحر، وترك المجال لنفاذ الضوء والرياح،في تناغم يجعل من المتحف ملاذا للباحثين عن المعرفة
قال المهندس المعماري الفرنسي، مصمّم "لوفر" أبو ظبي، جان نوفيل، إنه أراد تصميم متحف ينتمي لتاريخ الإمارات التي تشهد عصرها الذهبي، ويكون شاهدا على إتاحة فهم الثقافات للأجيال القادمة.
متحف لتاريخ الإمارات
نوفيل اعتبر، في مقابلة مع صحيفة "لوفيغارو" الفرنسية، اطلعت عليها بوابة العين الإخبارية، قبل أيام قليلة من تدشين المتحف المنتصب على جزيرة السعديات بإمارة أبوظبي، أن الخصوصية المعمارية للمبنى «تتماشى مع روح المكان».
وأضاف: «لا يمكن أن أكون مهندسا معماريا يولي أهمية لروح الأشياء وسياقها أن يصمم مباني متشابهة».
وأكد أن «أي صرح لا ينبغي أبدا أن يتجاهل موقعه وبيئته، ولذلك ينبغي التأقلم وفهم ثقافة المكان، وتلبية تطلعات أصحاب المشروع"، عبر تصميم مبنى مختلف عن الموجود.
وبالنسبة لـ «نوفيل» الذي قضى 11 عاما في العمل على لوفر أبوظبي، فإن تصميم المباني ينبع من رؤيته الفلسفية المتوافقة مع عصره.
ولفت إلى أن تكرار نفس النماذج الجاهزة مسبقا، وإسقاطها على جميع أرجاء المعمورة سيقود نحو شكل نمطي موحد من شأنه أن يدمر التاريخ والجغرافيا.
وتابع: «أردت تصميم متحف ينتمي لتاريخ الإمارات التي تشهد عصرها الذهبي، ويكون شاهدا على إتاحة فهم الثقافات للأجيال القادمة».
وخلص المهندس المعماري إلى أن الخصوصية هي تلك الميزة التي تتماشى مع مكان بعينه دون سواه، وهذا الحال بالنسبة لمتحف لوفر أبوظبي الذي لم يكن من المعقول أن يشيَد في باريس أو في أي مكان آخر من العالم.
ولتصميم صرح بملامح مميزة، تحدث نوفيل عن أول خطوات عمله في المشروع، والتي كانت قبل حتى اطلاعه على طبيعة المشروع بشكل كامل، هي «فهم معالم متحف الحضارات هذا، لخلق نوع من التأقلم بين تصميمه وبين الثقافة العربية، وهذا ـ برأيي ـ الدور الأساسي للمهندس المعماري».
مدينة عربية
المهندس المعماري الذي يولي أهمية كبرى لـ «البعد الروحي» لتصميماته كما يقول، وضع لـ «لوفر» أبوظبي تصميماً مرتبطا كليا بروح المكان وثقافة المنطقة الجغرافية والتاريخية.
نوفيل ذكر أنه استوحى تصميمه من الثقافة العربية، حيث أراد هندسة بمثابة «مدينة عربية» تنتصب على مساحة 97 آلف متر مربع، بينها 8 آلاف و600 في شكل قاعات عرض.
وبالنسبة له، فإن كل قاعة منها صممت لتكون بحد ذاتها مبنى، ومغطاة بقبة ضخمة بيضاء، رمزاً للثقافة العربية التي تحمي جزئياً هذا الحي والأماكن الخارجية للتنزه، مع إظهار تدفق الضوء عبر القبة والمباني، في شكل سيول من النجوم الضوئية المنهمرة، ليلا نهارا، على الأرضية والجدران.
نوفيل الذي يؤمن بأن المتحف لا ينبغي أن يكون مجرد مكان لعرض التحف الفنية، وإنما مجالا لكشف روح الأعمال الفنية المعروضة فيه، اعتبر أن لوفر أبوظبي يشكل «ثمرة تعايش رائع بين المهندس المعماري وأصحاب المشروع».
وشدد على أن هذا التعايش هو الشرط الأساسي لنجاح مثل هذا الصرح المشيد على مساحة شاسعة شبيهة بالأرخبيل»، كما يقول.
حوار الحضارات
وبعودته إلى الطابع المعماري للمتحف المستوحى من المعمار العربي، قال نوفيل إن ما يميز هذا المعمار هو الحجم والضوء.
ومضى يقول إن «مشروعي يتجاوز كونه مجرد مبنى، وإنما له بعد حضري، وهو مكان للاجتماعات والنقاشات تحت قبة مسطحة بقطر 180 مترا".
وعلاوة على حجم القبة الذي يبدو مختلفا وأكبر بكثير من القبب العربية التقليدية، قرر نوفيل توشيحها بثقوب توزع الضوء على أشكال هندسية على الأرض والواجهات الزجاجية، ليكتمل بذلك الركن الأساسي الثاني للمعمار العربي ألا وهو الضوء، حيث يشكل شعاع النور محوراً رئيسيا في هندسة «اللوفر- أبوظبي».
رحلة تحمل المرء عبر سلسلة من المباني البيضاء المستوحاة من المدن العربية، والمصممة في شكل 55 مكعبا، بينها 23 قاعة عرض يمكن أن يزيد عددها إذا لزم الأمر.
وعلى هذا الأساس، أوضح نوفيل أن فكرة تصميم مشروع قابل للتعديل ولدت بذهنه، خصوصا أنه لم يكن في البداية على دراية بحجم البرنامج، فكان أن صمم مدينة في مدينة، مع انفتاح على أبوظبي ومينائها، ما يعكس ـرمزياـ «الحوار بين الحضارات».
وأردف: «أردت اللعب مع الصحراء والشمس والسماء والبحر، مع ترك المجال لنفاذ الضوء والرياح والرمال، في توليفة متناغمة تجعل من المتحف بكنوزه قلعة وملاذا للباحثين عن المعرفة».
الضوء.. نقطة قوة المعمار
وفيما يتعلق بالبنية المعقدة للقبة التي جعلت من تسلل الضوء بين ثقوبها نقطة قوة التصميم المعماري للمتحف، أشار نوفيل إلى أن توزيع الضوء على أشكال هندسية على الأرض والواجهات الزجاجية، وبشكل متغير على طول ساعات الليل والنهار، يورث شعورا بانسياب الوقت.
وتتكون القبة من 8 طبقات، 4 منها خارجية مصنوعة من الفولاذ المقاوم للصدأ، ومثلها داخلية مفصولة بهيكل فولاذي بارتفاع خمسة أمتار.
وتستند القبة إلى 4 ركائز غير مرئية، وتتشكل من 10 آلاف عنصر تم تجميعها مسبقا في 85 من العناصر الضخمة بوزن 50 طنا.
وتتيح طريقة تركيبها اختراق كل شعاع ضوئي للطبقات الثمانية التي تتشكل منها القبة، حيث يظهر الشعاع ثم يختفي بطريقة تتشكل معها 7 آلاف و850 نجمة.
سيول من التأثيرات الضوئية قال المهندس إنها واضحة للعيان حتى من مسافات بعيدة للغاية، مؤكدا أنها «تمثل بالفعل نقطة قوة هذه العمارة».
أيقونة تلخص مشروع حياة
اعتبر نوفيل أن المتحف الذي قضى في العمل عليه 11 عاما، يشكّل "مشروع حياة» بالنسبة له.
كما وصفه بأنه أهم مشروع ينجزه في مسيرته المهنية، و«الأكثر طموحا وحساسية».
وفي يونيو/ حزيران 2006، تلقى نوفيل "خبرا سارا" من مدير "مؤسسة غوغنهايم"، توماس كرينز، يخبره فيها بتكليفه من قبل دولة الإمارات العربية المتحدة، باختيار فريق لبناء مركز ثقافي غير مسبوق، على جزيرة السعديات.
وأكد نوفيل أنّ "اللوفر" يتصدّر قائمة المتاحف الخمسة الأولى على الأرض، بعد أن تم التخلّي عن بعض المشاريع، فيما لا يزال موعد تنفيذ البعض الآخر غير محدّد.
aXA6IDMuMTM1LjIwNi4yMjkg جزيرة ام اند امز