برنارد أرنو يحذر: الحرب التجارية مع أمريكا كارثة.. والسلع الفاخرة ستنتصر دائما

في خضم اضطرابات السوق العالمية وتباطؤ الطلب في قطاع السلع الفاخرة، يخرج برنارد أرنو، رئيس مجموعة LVMH وأغنى رجل في أوروبا، عن صمته ليبعث برسالة واضحة: التصعيد التجاري مع الولايات المتحدة سيكون كارثيًا.
الرسالة جاءت في مقابلة حصرية مع "لو فيغارو"، تناول فيها أرنو بشفافية وضع شركته، وتنبأ بتعافٍ قريب.
وأكد أرنو أن الأزمات مؤقتة، لكن الابتكار والجودة هما الدائمان، وأن التباطؤ الحالي ظرفي، موضحًا أن مؤشرات النمو ستعود خلال عام إلى عامين. كما شدد على ضرورة التوصل إلى اتفاق ودي بين أوروبا والولايات المتحدة لتفادي حرب تجارية تهدد مصالح الجميع.
وبينما تتفاوض أوروبا على اتفاق حول الرسوم الجمركية مع واشنطن، يوجه الرئيس التنفيذي لـ LVMH نداءً لتجنّب التصعيد، ويعبر عن ثقته في تعافٍ سريع لسوق السلع الفاخرة.
وبمناسبة إعلان النتائج نصف السنوية لـLVMH، التي نشرت مساء الخميس بعد إغلاق البورصة، يحلل الرئيس التنفيذي لأكبر مجموعة للسلع الفاخرة في العالم الأزمة التي يشهدها هذا القطاع منذ أكثر من عام.
تفاؤل رغم التراجع
وأوضح أرنو أن التحديات الاقتصادية العالمية الحالية تشكل "رياحًا معاكسة" تؤثر على أداء المجموعة، لكنه عبّر عن تفاؤله على المدى المتوسط. وأشار إلى أن التباطؤ الذي تشهده الأسواق لا يقتصر على قطاع الفخامة، بل يطال جميع الصناعات، لافتًا إلى أن المجموعة اعتادت مواجهة مثل هذه الدورات، وخرجت منها دومًا أقوى بفضل استثمارها في الإبداع والإنتاج، حتى في فترات الانكماش.
وأضاف أن أولويته ليست الإيرادات، بل الحفاظ على الجودة والصورة الراقية للعلامات التجارية التابعة للمجموعة، وعلى رأسها لويس فويتون، ديور، وتيفاني.
رفض أرنو ما وصفه بـ"الحديث المتكرر عن نهاية عصر الفخامة"، معتبرًا أنه سمع مثل هذا الكلام منذ تسعينيات القرن الماضي، وأن التجربة أثبتت أن الطلب على السلع الفاخرة دائم النمو، مدفوعًا بارتفاع القوة الشرائية عالميًا وتوسع الأسواق الجديدة.
وأورد مثالًا على ذلك "سيفورا"، التي كانت تُعتبر استثمارًا فاشلًا مطلع الألفية، لكنها اليوم تحقق إيرادات تتراوح بين 15 و16 مليار يورو بهامش تشغيلي 10%.
السوق الصينية
أما فيما يخص السوق الصينية، فقد أشار أرنو إلى أن المجموعة ما زالت تحقق نموًا هناك، خصوصًا في مبيعات لويس فويتون. ورأى أن المنافسة مع العلامات المحلية صعبة على المنتجات الفاخرة الأوروبية، نظرًا لتاريخها العريق وجودتها الاستثنائية.
وأكد أن الصين تسعى إلى تعزيز الاستهلاك الداخلي، لكنها لا تزال تنجذب إلى المنتجات الأوروبية، وأن محاكاة هذا المستوى من الجودة والإرث أمر بالغ الصعوبة.
الفخامة الهادئة
وحول الفروقات في أداء الشركات الكبرى بالقطاع، أوضح أرنو أن الذوق العام يميل حاليًا إلى الفخامة الهادئة غير المتكلّفة، وهو ما يمنح علامات مثل لورو بيانا — التابعة للمجموعة — أفضلية واضحة في السوق.
وأشار إلى أن البعض يصف LVMH بأنها مجموعة ضخمة، لكنه يرى أنها لا تزال "صغيرة" نسبيًا، ويحرص على إدارتها بروح الشركات الناشئة.
أرنو لم يستبعد إمكانية القيام باستحواذات جديدة خلال هذه الفترة، لكنه أوضح أن نشاط المجموعة الأساسي سيظل متمحورًا حول القطاعات الأربعة: الموضة والجلود، العطور ومستحضرات التجميل، الساعات والمجوهرات، والنبيذ والمشروبات الروحية. أما قطاع الضيافة، فرأى فيه نشاطًا تكميليًا وتراثيًا أكثر من كونه مجالًا للتوسع الاستراتيجي.
ضرورة اتفاق مع واشنطن
شدّد أرنو على أهمية التوصل إلى اتفاق ودي بين أوروبا والولايات المتحدة بشأن الرسوم الجمركية، مؤكدًا أن الدخول في حرب تجارية مع أمريكا سيكون "مدمرًا" لرواد الأعمال الأوروبيين والفرنسيين على وجه الخصوص.
ورأى أن قادة أوروبا — من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى المستشار الألماني فريدريش ميرتس ورئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني — يدركون خطورة الموقف، معربًا عن أمله في أن تسود "العقلانية" لتجنب التصعيد.
وحول قدرة أوروبا على مواجهة التحديات الاقتصادية العالمية، اعتبر أرنو أن الاتحاد الأوروبي يرزح تحت عبء بيروقراطي ثقيل أصبح حتى مسؤولوه يعترفون به. ورأى أن هناك حراكًا نحو التبسيط والديناميكية، لكن التحدي يكمن في التنفيذ، خصوصًا مع تعقيد آلية اتخاذ القرار داخل الاتحاد المكون من 27 دولة.
الإنتاج المحلي
فيما يتعلق بالإنتاج في الأسواق الكبرى، أوضح أرنو أن تصنيع منتجات لويس فويتون في الولايات المتحدة يتم وفق نفس المعايير الفرنسية الصارمة، وأنه لا يرى أي مشكلة في أن يشتري العملاء الأمريكيون منتجات مصنوعة في بلدهم.
أما بالنسبة للكونياك، فرفض تمامًا فكرة تعبئته في الصين، معتبرًا أن هذا المنتج بالذات لا يمكن فصله عن موطنه الأصلي.
اتفاق إيجابي مع الصين
عبّر أرنو عن رضاه على الاتفاق الذي تم التوصل إليه مع الصين بشأن الكونياك، والذي تم بموجبه رفع الأسعار بنسبة 10% تفاديًا لفرض رسوم جديدة، مشيرًا إلى أن ذلك جنّب القطاع اتهامات الإغراق، وأبقى على السوق الصينية مفتوحة أمام المنتج الفرنسي.
وأكد أن هذا الاتفاق تم بدفع من القطاع، لكن الرئيس ماكرون كان له دور بارز في إنجاحه.
ميزانية واقعية
وحول مشروع الموازنة الجديد، أشار أرنو إلى أن خفض الإنفاق وعدم رفع الضرائب هو توجّه في الاتجاه الصحيح، ويُعد شجاعًا في ظل التحديات السياسية. لكنه في الوقت ذاته عبّر عن قلقه من إمكانية تراجع البرلمان عن بعض بنود السياسة الضريبية.
وقال إن فرنسا مشهورة عالميًا بقدرتها على جمع الضرائب، لكن الإفراط في فرضها يؤثر سلبًا على التوظيف ويهدد جاذبية البلاد.
في ختام حديثه، حذر أرنو من خطر التراجع عن سياسة دعم العرض التي أطلقها الرئيس ماكرون قبل سبع سنوات، والتي ساهمت في جعل فرنسا الوجهة الأولى للاستثمار الأجنبي في أوروبا. وأكد أن فرض ضرائب إضافية على الشركات، كما حدث مؤخرًا، قد يؤدي إلى تراجع الاستثمارات ويضر بالنمو الاقتصادي.
aXA6IDIxNi43My4yMTYuMjA4IA== جزيرة ام اند امز