مروان محفوظ.. حضور فني يقهر الغياب المأساوي
الفنان اللبناني مروان محفوظ رحل وحيدا في "مشفى الأسد الجامعي" في دمشق بدون عائلته التي تعيش في كندا
خطف فيروس كورونا الفنان اللبناني مروان محفوظ بصمت بعيدا عن بلده وعائلته الصغيرة لكن أغنياته لا تزال تصدح في أفراح اللبنانيين، حيث تفوّقت على اسم مغنيها إلى درجة أن البعض ولا سيما الجيل الجديد يرددها ويرقص عليها من دون أن يعلم أنها تعود لفنان يصنّف ضمن "عناقيد زمن الفن الجميل"، على حد تعبير نقيب الفنانين في لبنان جهاد الأطرش.
ويجمع كل من الأطرش والملحن اللبناني إحسان المنذر على أن محفوظ لم يأخذ حقّه في الوسط الفني على غرار عدد كبير من الفنانين اللبنانيين لأسباب عدة.
ويقول المنذر لـ "العين الإخبارية": "محفوظ كان محسوبا على عائلة الرحباني والتزم معهم في أعماله، وفق سياسة آل الرحباني الفنية، وحقّقا معا نجاحا كبيرا في مسرحيات وأغنيات، كان آخرها مع الفنان زياد الرحباني، وهي لا تزال حاضرة في أيامنا هذه ويرددها الجيل الحالي، لكن كان لهذا القرار وجهه السلبي لعدم انفتاح محفوظ على ملحنين آخرين حتى بعد توقف زياد الرحباني عن العمل".
ويضيف: "من هنا قد تقضي الأغنية على اسم الفنان عندما تصبح معروفة أكثر منه، وهذا ما حصل مع محفوظ ومع عدد من الفنانين".
ويرى المنذر أن "المشكلة تكمن بأن محفوظ لم يكن لديه مدير أعمال خاص به ولا يملك الإدارة الفنية الجيدة ولا القدرة للتعامل مع غير الرحباني".
ويضيف: "كان يمتلك الموهبة الكبيرة والصوت الجميل حتى إنه كان من القلة الذين يؤدون مواويل على المسرح، لكن يبدو أنه لم يكن يملك التفكير التجاري، ولم ينتج أعمالا جديدة مكتفيا بتلك التي تعاون معها مع الرحباني، وهذا قرار خاطئ لم يكن لصالحه، إذ إنه يفترض بالصوت الجميل أن يبحث عن كل من يعرف قيمته ويقدم له ما يساهم في نجاحه أكثر".
ومع تأكيده أيضا على موهبته يصف نقيب الفنانين جهاد الأطرش محفوظ بأنه "أحد عناقيد الزمن الجميل" الذي سقط من دون أن يأخذ حقه، ويقول لـ"العين الإخبارية": "عندما أعلن عن وفاة محفوظ سمعنا الكثيرين من الناس الذين تفاجأوا بأن عددا من الأغنيات تعود له. يحفظون أغانيه ولا يعرفون اسمه، وهنا المسؤولية ليست فقط على الفنان الذي قدّم أعمالا جميلة وراسخة في الذاكرة، وإنما على الدولة ووسائل الإعلام بالدرجة الأولى".
وفيما يرى أن أعمال محفوظ وجيله من الفنانين هي إبداع لن يتكرر، يقول الأطرش: "وسائل الإعلام بشكل عام والإذاعات بشكل خاص تتجاهل الحقوق الأدبية للفنان، بحيث لا يزال معظمها يبث هذه الأغنيات، إنما للأسف لا تعمد إلى ذكر أسماء مغنيها ومؤلفها وملحنها، على عكس مثلا ما يحصل في مصر حيث هذه الحقوق تبقى محفوظة عبر تكريم الفنانين بوسائل واحتفالات عدة ليبقى هذا التاريخ الفني حاضرا في ذاكرة الجيل الجديد".
وكانت نقابة محترفي الموسيقى والغناء في لبنان نعت، السبت، الفنان الكبير أنطوان محفوظ، المعروف بالاسم الفني مروان محفوظ، الذي توفي نتيجة إصابته بفيروس كورونا.
والفنان الذي عايش كبار المبدعين لحنا وشعرا، ومسرحا وسينما، وأطرب بصوته الجميل اللبنانيين والعرب، رحل وحيدا في "مشفى الأسد الجامعي" في دمشق بدون عائلته التي تعيش في كندا.
وولد الفنان الراحل في عام 1942، في بلدة المريجات في البقاع الأوسط، في لبنان حيث كان طفلا صغيرا حين اكتشفت عائلته جمال صوته، مما جعله يهتم بالموسيقى والغناء، ودفعه إلى بدء حياته الفنية باكرا، وأصبح يغني في حفلات المدرسة في بلدته.
وانتقل محفوظ إلى بيروت بحثا عن عمل في عام 1956، ثم التحق بعد 7 سنوات من وجوده فيها، بالمعهد الوطني العالي للموسيقى، لدراسة أصول الغناء، ليشارك بعدها بسنة واحدة، في برنامج "الفن هوايتي" على شاشة "تلفزيون لبنان".
وبسبب هذا البرنامج، اكتشف صوته الراحل عاصي الرحباني، فضمه إلى فرقته الموسيقية، ليبدأ محفوظ بعد ذلك رحلة الاحتراف في عالم الغناء والموسيقى، مع الرحابنة وغيرهم.
وكانت أولى مشاركاته في أعمال الرحابنة، بمسرحية "دواليب الهوا" في العام 1965، إلى جانب الفنانة صباح والفنان نصري شمس الدين، ثم شارك لاحقا في كل المسرحيات التي قدمها الرحابنة، من هذا العام حتى عام 1973، كما تعاون بين عامي 1969 و1974 مع المخرج ريمون حداد في بيت الدين، مشاركا بعدد من المسرحيات، التي أعدها إلياس الرحباني وإيلي شويري.
وأثمر لقاؤه بزياد الرحباني عن ولادة مسرحية "سهرية"، التي جمعته بجوزيف صقر، وصدور أكثر أغنياته شهرة وانتشارا: "يا سيف لي ع الاعدا طايل" و"خايف كون عشقتك وحبيتك".
وغنى محفوظ لكبار المؤلفين والملحنين من أمثال: فيلمون وهبي، وديع الصافي، سهيل عرفة وغيرهم، ولشعراء أمثال: موسى زغيب، عبد الجليل وهبي، غسان مطر وغيرهم.
وقدم خلال مشواره الفني الغني، عملين سينمائيين، حيث شارك في فيلم "سفر برلك"، الذي أعده الأخوان رحباني وأخرجه هنري بركات في عام 1967، كما قام ببطولة فيلم "فتيات حائرات".
aXA6IDMuMTQ1LjEwLjY4IA==
جزيرة ام اند امز
