ماكرون أبلغ واشنطن بمغامرة الانتخابات.. وهذا رد فعل فريق بايدن
يتجه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى خسارة مقامرته الانتخابية أمام اليمين المتطرف وهو ما يثير قلق الإدارة الأمريكية.
ومع انطلاق الجولة الأولى من الانتخابات التشريعية، يتجه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وكما كان متوقعا، إلى خسارة مقامرته الجريئة بالعودة إلى الناخبين بعد أسابيع من هزيمة حزبه أمام اليمين المتطرف في الانتخابات الأوروبية وهو الأمر الذي يثير قلق الإدارة الأمريكية من أن تتجاوز التداعيات حدود فرنسا.
وقبل الإعلان عن دعوته للانتخابات المبكرة، كشف ماكرون عن قراره لنظيره الأمريكي جو بايدن الذي كان يختتم زيارته إلى فرنسا للاحتفال بذكرى يوم النصر وفقا لما ذكرته صحيفة "بوليتيكو" الأمريكية نقلا عن مصادر مطلعة على المحادثات الخاصة بين الزعيمين.
وقالت المصادر إن حالة من الذهول أصابت الدائرة الداخلية لإدارة بايدن فيما تضاعفت المخاطر بعد هزيمة حزب ماكرون أمام حزب التجمع الوطني اليميني المتطرف بزعامة مارين لوبان في انتخابات البرلمان الأوروبي.
لكن رد الفعل الأمريكي تحول مؤخرا من الذهول إلى الحيرة والفزع، حيث بدأت واشنطن تتقبل حقيقة أن ماكرون يتجه نحو الهزيمة.
ولا يبدو بايدن وفريقه حاليا في وضع يسمح لهم بالتشكيك في المناورات السياسية حيث يعاني الرئيس الأمريكي من النتائج العكسية للمناظرة التي سعى لإجرائها مبكرا مع خصمه الجمهوري الرئيس السابق دونالد ترامب فبدلا من تغيير السباق لصالحه يطالب الديمقراطيون حاليا بانسحابه.
وعند سؤالهم عن الانتخابات الفرنسية، جاءت التعليقات العامة للمسؤولين الأمريكيين حذرة، وقال مسؤول إن المناقشات الداخلية لمساعدي بايدن حول الأصوات الفرنسية "كانت أكثر تعجباً بسبب دعوة ماكرون لإجراء الانتخابات بدلاً من الحديث عن النتائج أو التأثيرات المحتملة".
لكن الوضع مختلف خلف الأبواب المغلقة حيث تثور المخاوف من أن تؤدي خطوة ماكرون إلى تداعيات تتجاوز حدود فرنسا، الأمر الذي قد يتسبب في إضعاف الاتحاد الأوروبي، وقد يؤدي على المدى الطويل، إلى إضافة المزيد من التحديات للولايات المتحدة وحلفائها في أماكن مثل أوكرانيا.
ووفقا للمؤشرات، فإن اليمين المتطرف يستعد للفوز بعدد كبير من المقاعد وربما يتمكن من السيطرة على الهيئة التشريعية ومع ذلك فريق بايدن وجد العزاء في الثلاث سنوات المتبقية في ولاية ماكرون في قصر الإليزيه خاصة وأن الرئيس الفرنسي يتمتع بسلطة كبيرة في السياسة الخارجية الأمر الذي قد يحافظ على بعض الاستقرار في علاقات البلدين.
لكن لوبان أشارت قبل أيام إلى أن حزبها قد يسعى إلى إيجاد وسائل تتعلق بالميزانية وغيرها من الوسائل لتقييد يدي ماكرون على الساحة الدولية.
وحتى لو لم يتمكن اليمين المتطرف من تشكيل الحكومة فإن حصوله على مقاعد تؤهله لتشكيل كتلة معارضة كبيرة سيؤدي أيضا إلى تضاؤل دور ماكرون الذي سيصبح أكثر عزلة في سنواته الأخيرة في الحكم.
وقالت ليوني ألارد، الزميلة الزائرة في مركز أوروبا التابع للمجلس الأطلسي "من الصعب أن نرى حزب ماكرون قادراً على بناء ائتلافات وتمرير القوانين وإيجاد حلول وسط بالطريقة التي فعلها في العامين الماضيين".
ورغم أن الانتخابات الفرنسية لا تشكل حاليا الشغل الشاغل لفريق بايدن خاصة بعد المناظرة فضلا عن الحرب في غزة وأوكرانيا إلا أن البيت الأبيض لا يزال ينتظر بفارغ الصبر النتائج الفرنسية بحسب مؤول كبير في الإدارة الأمريكية.
وأشار الدبلوماسي الأمريكي السابق جيف راثكي إلى أن "التعايش" بين ماكرون ورئيس وزراء معارض من شأنه أن يسبب فوضى سياسية في أوروبا، سواء فيما يتعلق بالمساعدات العسكرية والاقتصادية لأوكرانيا، أو في المسار الصعب تجاه روسيا، أو في العلاقات مع الصين".
وقال مسؤول في إدارة بايدن إن مقامرة ماكرون بالدعوة للانتخابات عززت التصورات حول تهور الرئيس الفرنسي الذي كان يأمل أن تتراجع غالبية الشعب عن تسليم السلطة الفعلية في البلاد إلى حزب التجمع الوطني اليميني المتطرف، الذي يغرق تاريخه في العنصرية لكنه نجح في إعادة تشكيل صورته لجذب المزيد من الناخبين.
وأضاف أن التأثير الفوري لفوز التجمع الوطني سيكون محدودا فيما يتعلق بالأولويات الأمريكية والأولويات المشتركة لمجموعة السبع لكن المخاوف الرئيسية تتعلق باستمرار الدعم لأوكرانيا.
وقبل أيام، قالت لوبان إن حزبها سيتحدى تحفظات ماكرون في مجالي الدفاع والسياسة الخارجية لكن التجمع الوطني أسقط أيضا قواعد الأمن القومي في برنامجه، معرباً عن دعمه لأوكرانيا، كما دعا فرنسا إلى البقاء في القيادة المتكاملة لحلف شمال الأطلسي (ناتو).
ومع ذلك، لا يتوقع كثيرون أن تتماشى لوبان بشكل كامل مع إجماع الناتو أو مجموعة السبع بشأن أوكرانيا، كما فعلت رئيسة الوزراء الإيطالية اليمينية المتطرفة جيورجيا ميلوني منذ انتخابها.
وفي سنواته الأخيرة في الإليزيه، قد يجد ماكرون نفسه مشغولا بالمعارك السياسية الداخلية أكثر مما كان يرغب وفقا لتشارلز كوبشان المسؤول السابق في مجلس الأمن القومي الأمريكي خلال إدارة الرئيس باراك أوباما.
وقال إن "وجود حكومة ضعيفة في فرنسا قد يعني حدوث شلل سياسي من نوع ما في قلب الاتحاد الأوروبي" مشيرا إلى ضعف الحكومة الائتلافية في ألمانيا.
وأضاف "هذه ليست أخبارا جيدة في وقت تحتاج فيه الولايات المتحدة إلى شريك قوي وهادف على الجانب الآخر من الأطلسي".
وقال بيتر روف، المحلل المتخصص بشؤون أوروبا في معهد هدسون إن "حركة ماكرون كانت دائما شخصية للغاية، وتدور حوله، الأمر الذي يطرح سؤالا حول ما إذا كان لحزب النهضة مستقبل من بعده".
ومع ذلك لا يزال هناك بعض الارتياح في البيت الأبيض لأن الانتخابات الرئاسية الفرنسية ستجرى بعد 3 سنوات وقال مسؤول بإدارة بايدن "هذه مجرد انتخابات برلمانية.. لو كان الأمر رئاسياً، لكان الناس أكثر توتراً".