مبادرة ماكرون وتعنت حزب الله.. أزمة تشكيل حكومة لبنان تراوح مكانها
المبادرة الفرنسية تركز بشكل أساسي على تشكيل حكومة مصغرة من اختصاصيين مستقلين غير حزبيين لتقود عملية إصلاح مالي واقتصادي
تصدّرت المبادرة التي أطلقها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أثناء زيارته الأخيرة إلى بيروت، والخاصة بتشكيل حكومة مصغرة، تغريدات اللبنانيين، على وقع تعنت حزب الله وحركة أمل.
وتضمنت المبادرة الفرنسية تشكيل حكومة اختصاص مستقلة مصغرة، لكنها تواجه صعوبات تتمثل أبرزها في رفض حزب الله وحركة أمل، الالتزام بأهم بنودها، وهي المداورة الشاملة في جميع الوزراء، بجانب تسمية أشخاص غير حزبيين.
وكان الرئيس اللبناني ميشال عون، أجرى أمس الثلاثاء، سلسلة مشاورات مع عدد من الكتل النيابية الحزبية، لكن لم تفض إلى أي نتيجة، وذلك بعد تمسك حركة أمل وحزب الله وإصرارهما على تسمية وزراء حزبيين، فضلا عن تمسكهما بوزارة المالية، باعتبارها "ضمانة طائفية".
وبعد هذه التطورات، انتشرت المعلومات عن نية رئيس الوزراء المكلف مصطفى أديب، الاعتذار عن مهمته بسبب عدم قدرته على تطبيق بنود المبادرة.
وفي هذا السياق، حمّل سياسيون ونشطاء لبنانيون "حزب الله" ومن خلفه رئيس مجلس النواب ورئيس حركة "أمل" نبيه بري، مسؤوليه فشل المبادرة التي تعتبر الأمل الوحيد للبنانيين، لمحاولة الخروج من أزمتهم التي تفاقمت بعد انفجار مرفأ بيروت.
وكتب رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي اللبناني وليد جنبلاط، على تويتر: "يبدو أن البعض لم يفهم أو لا يريد أن يفهم بأن المبادرة الفرنسية هي آخر فرصة لإنقاذ لبنان".
وتابع جنبلاط: "عاد كبار الفرقاء إلى لعبة المحاصصة مع إدخال أعراف جديدة دون الاتصال بأحد يقودها هواة جدد على الساحة".
وقال الصحفي اللبناني محمد نمر إن: "حزب الله وحركة أمل يخوضان مواجهة سياسية ضد سعد الحريري.. هما يريدان حكومة محاصصة وفساد وطائفية، والحريري يدعم خيار أديب الذي يريدها حكومة مستقلة مصغرة من اختصاصين تلبي مطالب الشعب وتشبه المبادرة الفرنسية".
وأضاف نمر: "الثنائي (حزب الله وحركة أمل) يريد حكومة لمصالحهما، بينما الحريري يدعم أديب بحكومة لمصلحة لبنان".
أما المسؤول الإعلامي في حزب الكتائب اللبناني سيرج داغر فكتب: "إذا لم تشكل حكومة كفاءات مستقلة في الـ٤٨ الساعة القادمة، سوف يكون الثنائي أمل وحزب الله مسؤولان عن ضرب المبادرة الفرنسية وتعريض لبنان للعقوبات، والحصار الاقتصادي، والجوع و الهجرة و الانهيار".. إرفعوا أيديكم عن لبنان".
وغّرد الإعلامي اللبناني يزبك وهبة: "برأيي ليس الوقت مناسباً لبعض الأطراف في لبنان أن يتمسّكو بشروط وأسماء لتأليف الحكومة".
وأكد "نحن بظرف استثنائي جدا، ولو بمن أتينا لن يستطيع الاستمرار إذا لم يكن هناك دعم مالي دولي"، وتابع: "نعم للتمسّك بالمبادرة الفرنسية".
وقال الناشط اللبناني جورج حايك: "أفشل الثنائي الشيعي المبادرة الفرنسية من خلال تكبير الحجر والمطالبة بما ليس له لا بالدستور ولا بالعرف انما بالسلطة".
وأوضح: "لم يبق أمام الرئيس المكلف إلا اعلان تشكيلته التي تتلاءم مع المبادرة الفرنسية أو الاستقالة ليواجه هؤلاء المزيد من العقوبات".
المغرّد اللبناني أنطوني بركات قال من جانبه: "من ينتظر موقف وطني من حزب الله لتسهيل تشكيل الحكومة، كالذي ينتظر أغنية جميلة من علي الديك".
أما الناشطة والإعلامية اللبنانية مايا ريدان فقالت: "اللعب بمصير البلد في الوقت الضائع بانتظار الانتخابات الأمريكية".
وأضافت: "مصادرة وزارات، تجاوز التحاصص الوقح إلى استملاك وطن بالقوة، وانقلاب على مفهوم الدولة واتخاذها رهينة. فسادهم غطى على كل الأنظمة القمعية".
في المقابل دافع عدد من أنصار "حزب الله" عن تصرف الحزب وهددوا بطلب تدخل إيران.
من جانبه، قال النائب اللبناني السابق ناصر قنديل: "من يظن أن الخيارات مقفلة أمام الغالبية عليه الانتظار فإن سقطت المبادرة الفرنسية بعدما تحولت إلى استهداف سيرى حكومة صقور الغالبية وخيار الصين وايران، وتبادل عيني وبالليرة اللبنانية وفتح حدود مع سورية واجراءات اصلاحية وتحقيقية في الفساد تطال رؤسا كبيرة".
أما الناشط اللبناني المقرب من "حزب الله" حسام مطر فغرّد قائلا: "منذ 100 عام تعرض شيعة جبل عامل لهزيمة ساحقة على يد الفرنسيين وأجبروا على الخضوع لشروط مذلة وضعت وجود جبل عامل على المحك بحسب السيد عبد الحسين شرف الدين".
وتابع: "أما اليوم تعجز فرنسا، مع من خلفها ومن أمامها، أن تفرض على هذه الجماعة التخلي عن حقيبة وزارية.. بالفعل الزمن لا يرحم ولا ينتظر أحد".
يذكر أن المبادرة الفرنسية التي أطلقها ماكرون تركز بشكل أساسي على تشكيل حكومة مصغرة من اختصاصيين مستقلين غير حزبيين لتقود عملية إصلاح مالي واقتصادي بمدة قصيرة تفتح المجال أمام المجتمع الدولي لتقديم المساعدات.