«اصنع في الإمارات».. قصص نجاح تلهم الصناعة الوطنية وتدفع النمو الاقتصادي

تمثل مبادرة "اصنع في الإمارات" حجر الأساس في تحويل الرؤية الصناعية لدولة الإمارات إلى واقع ملموس، حيث أسهمت بدور محوري في تمكين الشركات المحلية من تحقيق قفزات نوعية في الإنتاج والتصدير.
ومن خلال توفير التمويل المدعوم، والحوافز الضريبية، والبنية التحتية المتطورة، نجحت المبادرة في دفع عجلة النمو لشركات رائدة مثل "نافكو" و"الغربية للأنابيب" وغيرها من الشركات الوطنية، مما عزز مكانتها محليًا وعالميًا.
وتُظهر هذه النماذج كيف تحول الدعم الحكومي إلى فرص استثمارية ناجحة، تعكس قدرة الاقتصاد الإماراتي على بناء صناعات مستدامة تنافس على المستوى الدولي.
وتستعد النسخة الرابعة من منتدى "اصنع في الإمارات" لتقديم نموذجًا متميزًا يعكس قوة التعاون بين القطاعين الحكومي والخاص، حيث يبرز دور "مجموعة أدنيك" كشريك استراتيجي بما تمتلكه من إمكانيات لوجستية متطورة وحلول تمويلية مبتكرة وعوامل تنافسية فاعلة، ويأتي هذا التعاون لتعزيز تأثير المنتدى الذي يتجاوز الحدود المحلية ليترك بصمته على الساحتين الإقليمية والدولية، من خلال توفير بيئة جاذبة للمستثمرين تمكنهم من إطلاق وتوسعة مشاريعهم الصناعية، وتمهد الطريق لمنتجاتهم للوصول إلى الأسواق العالمية بتنافسية عالية.
كما يحرص المنتدى على تعزيز الجدوى الاقتصادية للاستثمارات الصناعية عبر تنويع الحوافز المقدمة للقطاع الصناعي الوطني، وهو ما أسهم بشكل ملموس في ارتفاع معدل النمو السنوي للمنشآت الصناعية إلى 10%، إلى جانب توفير فرص وظيفية متنوعة للكفاءات الإماراتية.
في هذا التقرير، نستعرض قصص نجاح شركات إماراتية حققت إنجازات كبيرة بدعم "اصنع في الإمارات".
أرقام تكشف عن حجم دعم "اصنع في الإمارات"
يشكل القطاع الصناعي ركيزة أساسية في الاقتصاد الوطني للإمارات العربية المتحدة، حيث يحتل المرتبة الثانية من حيث مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي، وتشير أحدث البيانات إلى تطور كبير في أداء هذا القطاع، مع ارتفاع مساهمته بنسبة 59% خلال الفترة من 2020 إلى 2024، حيث من المتوقع أن تتجاوز قيمته 210 مليار درهم إماراتي، وعلى الصعيد العالمي، حققت الإمارات قفزة نوعية في مؤشر التنافسية الصناعية، حيث صعدت إلى المرتبة 27 عالميًا بعد أن كانت في المركز 35 عام 2019، متقدمة بثماني مراتب في غضون سنوات قليلة فقط، ويعود هذا التقدم الملحوظ إلى استراتيجية "مشروع 300 مليار" الطموحة التي تركز على ثلاثة محاور رئيسية: تعزيز التحول التكنولوجي والابتكار، وتطوير البنية التحتية الصناعية، وجذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة.
وتأتي مبادرة "اصنع في الإمارات" كأحد أهم أدوات تنفيذ "مشروع 300 مليار"، حيث تلعب دورًا محوريًا في تسريع التحول التكنولوجي في القطاعات الصناعية والإنتاجية.
ويبرز مصرف الإمارات للتنمية كشريك استراتيجي في هذه المبادرة، حيث خصص محفظة مالية ضخمة تبلغ 30 مليار درهم لدعم القطاعات الصناعية الرئيسية، بما في ذلك الشركات الكبيرة والمتوسطة والصغيرة.
وتتنوع أشكال الدعم المقدمة لتشمل خمسة محاور أساسية:
- أولاً: تمويل التكنولوجيا والمعدات المتقدمة الذي يركز على تحديث الآلات والمعدات الحالية بأجهزة أكثر تطورًا وفعالية، خاصة تلك التي تعتمد على تقنيات الثورة الصناعية الرابعة.
- ثانيًا: التمويل الأخضر الذي يقدم حلولاً مالية للشركات التي تعتمد الطاقات البديلة أو تسعى للتحول إلى مصادر الطاقة النظيفة تحقيقًا للتنمية المستدامة.
- ثالثًا: دعم توسعة الأعمال الذي يهدف إلى تمكين الصناعات المحلية من تطوير أنشطتها الحالية والتوسع في أعمالها لتعزيز الإنتاجية والقدرة التنافسية.
- رابعًا: التمويل المهيكل والاستثمار في رأس المال الذي يوفر حلولاً تمويلية مبتكرة تساعد الشركات الصناعية في إعادة هيكلة ميزانياتها ودفع عجلة النمو.
- خامسًا: دعم برنامج القيمة الوطنية المضافة الذي يقدم حوافز مالية للشركات العاملة في القطاعات ذات الأولوية الوطنية، بناءً على رصيد نقاطها وحصولها على شهادة القيمة الوطنية المضافة.
وتهدف هذه الحزمة الشاملة من الحوافز والتمويلات إلى دعم أكثر من 13,500 شركة صناعية في مختلف أنحاء الدولة، عبر حلول تمويلية بقيمة 30 مليار درهم، بما يعزز التنمية الاقتصادية الشاملة ويحقق الرؤية الطموحة للإمارات في بناء قاعدة صناعية متينة ومستدامة.
قصص نجاح تألقت بدعم برنامج "اصنع في الإمارات"
تشهد دولة الإمارات العربية المتحدة تحولاً صناعيًا غير مسبوق، تجسّد من خلال مبادرة "اصنع في الإمارات" التي أصبحت منصةً حقيقيةً لإطلاق قدرات الشركات المحلية وتمكينها من المنافسة العالمية، تروي هذه المبادرة قصص نجاح ملهمة لمؤسسات صناعية ارتقت بجودة منتجاتها ووسّعت آفاقها بفضل الدعم الحكومي المتكامل الذي يشمل التمويل الذكي، والحوافز الاستثمارية، والبنية التحتية المتطورة، ومن هذه الشركات ما يلي:
شركة نافكو المتخصصة في مجال السلامة من الحرائق
تُعتبر شركة نافكو (NAFCO) واحدة من قصص النجاح الملهمة في إطار رؤية دولة الإمارات لتعزيز الصناعة المحلية، وتُركر الشركة على تقديم حلول متكاملة لحماية الأرواح والممتلكات، ومن أبرز إنجازاتها مركبة Falcon 8×8، أكبر سيارة إطفاء في العالم، تمتلك نافكو شبكة واسعة من الفروع والموزعين، وتصدر منتجاتها لأكثر من 100 دولة، مما يعكس التزامها بالابتكار والجودة، وعبر برنامج "اصنع في الإمارات" سلط خالد الخطيب الرئيس التنفيذي للشركة الضوء على أهمية المبادرة منذ بدايتها، حيث ساهمت في تعزيز نمو القطاع الصناعي وخلق بيئة أعمال تنافسية وجذابة، وأوضح أن المبادرة قدمت حوافز ودعمًا للمستثمرين الصناعيين، مما ساعد في تأسيس ونمو الأعمال الصناعية وتحقيق التحول التكنولوجي المستدام.
وأشار الخطيب إلى التطور الكبير الذي شهدته الحياة الاقتصادية في الإمارات بفضل توجيهات القيادة الرشيدة، مستعرضًا تجربته مع افتتاح أول مصنع لشركته في جبل علي عام 1991، وما توفره الدولة من مزايا تنافسية لدعم نمو الأعمال وتعزيز قدرتها على الوصول للأسواق الإقليمية والعالمية.
شركة الغربية للأنابيب
أحد أبرز قصص النجاح هي شركة الغربية للأنابيب (AGPC) التي تأسست في مايو 2015 كمشروع مشترك بين ثلاث شركات رائدة: "صناعات" (إحدى أكبر الشركات القابضة في الإمارات)، "جيه إف إي ستيل" (ثامن أكبر مصنّع للصلب عالميًا)، و"ماروبيني إيتوتشو ستيل" (المتخصصة في الدعم اللوجستي لقطاع النفط والغاز)، وتعد الشركة من أبرز مصنّعي أنابيب اللحام القوسي المغمور (LSAW) عالميًا، حيث تبنت تقنيات الصناعة 4.0 منذ مراحل تأسيسها، مدعومةً ببنية تحتية ذكية تعتمد على الذكاء الاصطناعي لضمان أعلى معايير الجودة.
شهدت الشركة مسيرة نمو استثنائية، بدءًا من وضع حجر الأساس في 2015، مرورًا بتشغيل المصنع في 2019، وحصولها على شهادة API وموافقة أدنوك لإنتاج أول دفعة تجارية.
وبحلول 2022، حققت إنجازًا كبيرًا بإنتاج 300 كيلومتر من الأنابيب، وزيادة طاقتها الإنتاجية إلى 400 ألف طن متري، كما أعلنت مؤخرًا عن تجاوز إنتاجها 500 ألف طن منذ تأسيسها، مما يعكس كفاءتها التصنيعية وتوظيفها للتكنولوجيا المتقدمة، بما يتماشى مع استراتيجية "مشروع 300 مليار" الإماراتية لتعزيز التصنيع المحلي والشراكات العالمية.
وخلال منتدى " اصنع في الإمارات" أطلقت وزارة الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة مبادرة "التحول 4.0" بهدف تسريع التحول الرقمي والتكنولوجي في القطاع الصناعي الإماراتي، بما يتماشى مع استراتيجية "300 مليار"، وتم اختيار شركة الغربية للأنابيب ضمن 100 شركة صناعية واعدة لدعمها في رحلتها نحو تبني تقنيات الصناعة 4.0، مثل الذكاء الاصطناعي، والأتمتة، وإنترنت الأشياء (IoT)، لتعزيز كفاءتها الإنتاجية وقدرتها التنافسية.
وأبرز المزايا التي تستفيد منها الشركة هي دعم فني واستشاري لمساعدتها في تطبيق أحدث الحلول التكنولوجية، حلول تمويلية مبتكرة بالتعاون مع مصرف الإمارات للتنمية وشركة "دو" لتسهيل التحول الرقمي، وصول مجاني إلى منصات وتطبيقات رقمية متقدمة، مثل تلك المقدمة من شركة "إندستري آبس"، بقيمة 5.5 مليون درهم، وتعزيز الاستدامة عبر تقنيات تقلل الانبعاثات الكربونية وترفع كفاءة الطاقة.
شركة أركان لتصنيع الحديد ومواد البناء
تُعد أركان "إمستيل" (ADX: EMSTEEL) أكبر شركة لتصنيع الحديد ومواد البناء في الإمارات، حيث تدمج بين الابتكار التكنولوجي والاستدامة لتقديم حلول عالية الجودة لقطاعات التشييد والطاقة، مع تصدير منتجاتها إلى أسواق عالمية.
وتنتج المجموعة حديدًا صلبًا، وأسمنتًا، ومنتجات خرسانية، وأنابيب، ومونة جافة، مساهمةً بـ 11% من النشاط الصناعي في أبوظبي و60% من سوق الحديد بالإمارات.
وتلتزم الشركة بأعلى معايير الجودة والسلامة، وتدعم التحول الرقمي والاقتصاد غير النفطي تماشيًا مع "مشروع 300 مليار" و"الرؤية 2030"، حصلت على جوائز مرموقة مثل "الصناعة المستدامة" في منتدى "اصنع في الإمارات.
وساهمت جائزة 'اصنع في الإمارات" التي حصلت عليها الشركة في تطوير كفاءاتها، مما يدعم توسعها في الحصص السوقية ويعزز مكانتها كإحدى الشركات الرائدة في القطاع، كما تفتح الجائزة آفاقًا جديدة لجذب الاستثمارات، إلى جانب مساعدتها للشركات والفاعلين في القطاع على تحديد نقاط التحسين ووضع استراتيجيات واضحة لرفع مستوى الكفاءة والأداء في المستقبل.