"ثلاثون عاما في صحبة نجيب محفوظ".. الوجه الإنساني لـ"صاحب نوبل"
الكتاب يركز على أمور بعيدة عن الحكايات المتعلقة بعالم الرواية، إذ تمتد معرفة الكاتب بنجيب محفوظ لأكثر من 30 عاماً.
يكشف كتاب "ثلاثون عاماً في صحبة نجيب محفوظ"، للكاتب محمود الشنواني، الوجه الإنساني للروائي العربي الحائز على نوبل في الأداب في عام 1988.
ويركز الكتاب على أمور بعيدة عن الحكايات المتعلقة بعالم الرواية، إذ تمتد معرفة "الشنواني"، وهو أستاذ بكلية طب قصر العيني، بنجيب محفوظ لأكثر من عاماً.
وبدأت معرفة "الشنواني" بـ"محفوظ"، خلال سنوات دراسته بالكلية عام 1976، حين التقى مصادفة صاحب "الحرافيش"، ووجه إليه الدعوة لحضور جلساته بمقهى "ريش" الذي كان يرتاده بوسط القاهرة.
وصدرت الطبعة الـ2 من الكتاب مؤخراً عن دار "صفصافة" بالقاهرة، في 158 صفحة من القطع الصغير، ويرصد المؤلف خلالها صفات "محفوظ"، وأهمها دقته والتزامه البالغ فيما يتعلق بحالته الصحية، ومواعيد تناول الأدوية، فضلاً عن مسافة وضعها مع غيره كشخصية عامة، وبين عالم عائلته وبيته الذي لم يدخله أحد إلا لحظة إعلان فوزه بنوبل في أكتوبر/ تشرين الأول 1988.
ويستعيد "الشنواني" ما رواه المخرج السينمائي توفيق صالح، وكان من بين أصدقاء "محفوظ"، بأن الأخير أخفى خبر زواجه وإنجابه ابنتيه لحوالي 6 أعوام، وتم الكشف عن ذلك بطريق الصدفة .
ويرصد الكتاب مسارات جلسات "محفوظ" المختلفة في المقاهي والفنادق التي كان يلتقي فيها الأصدقاء والقراء العابرين.
ويشير المؤلف إلى أنه كان يحرص على العودة لقراءة الأعمال الروائية التي يشيد بها "محفوظ" خاصة من الأدب العالمي، ومن بينها رواية الحرب والسلام " لتولستوي"، كما يشير الى حوادث تاريخية كثيرة تعرف إليها عبر حوارات "محفوظ" مع رواد جلساته.
وأوضح "الشنواني" أن سبعينيات القرن الماضي التي تعرّف فيها على "محفوظ" كانت من أخصب فترات الحياة السياسية في مصر، وحفلت بتحولات كثيرة، لذلك كانت النقاشات ثرية، وغلبت عليها دائماً الحيوية الفكرية.
ويقدم المؤلف مجموعة من الصور القلمية لرواد جلسة "محفوظ" من الكتاب والشخصيات التي لم تحظ بشهرة كبيرة، وأولهم الروائي مصطفى أبوالنصر( توفي عام 1995 )، وكان أكثر رواد الجلسة انتظاماً، لذلك حرص "محفوظ" على المشاركة في تشييع جنازته.
والثاني هو المحامي هارفي سعد، الذي عبر عن حرصه على حياة "محفوظ"، وظل يجلس خلفه في كازينو الأوبرا القديم لحمايته عند اندلاع أزمة رواية "أولاد حارتنا" عام 1959.
ويستعرض الكتاب وجوهاً ثقافية معروفة كانت ترتاد مقهى ريش خلال السبعينيات، ومنها: الناقد إبراهيم منصور، والشاعرين نجيب سرور وأمل دنقل، والشاعر العراقي عبدالوهاب البياتي، والروائيين جميل عطية إبراهيم، وبهاء طاهر، والكاتب المسرحي علي سالم، الذي واظب على حضور جلسات "محفوظ" حتى رحيله.
كذلك استعرض الكتاب الروائيين نعيم صبري، وزكي سالم، والمفكر فرج فودة، ومن بين النقاد الذين يذكرهم أيضاً إبراهيم فتحي وفاروق عبدالقادر.
ثم يعرض الكتاب ظروف انتقال جلسة "محفوظ" من مقهى ريش إلى كازينو قصر النيل، بالقرب من تمثال سعد زغلول بكورنيش الجزيرة، وتوقفت جلسة "محفوظ" بعد حادث محاولة اغتياله عام ١٩٩٤ وانتقلت للفنادق حتى وفاته عام ٢٠٠٦
كان هناك ما يُميز بين رواد الجلستين، فالأولى كانت جلسة أدباء ومثقفين يساريين، أما الثانية فقد اتسعت لتشمل رواد آخرين بغير أهواء أيدلوجية، لذلك كانت درجة الاستقطاب السياسي أقل مما كانت عليه جلسة "ريش".
وأهم ما يرصده "الشنواني" أن ما ميز "محفوظ" قدرته على إيجاد نقطة التقاء إيجابية مع كل من يتعامل معه، إلى جانب فهمه لمفاتيح شخصية من حوله، بحيث يعطي لمسة شخصية لعلاقته مع كل من يرتاد المقهى، ويحظى بصداقته، فضلاً عن رغبته الدائمة في عدم التورط في أي خلاف أو أية صراعات يمكن أن توقف عمله الدؤوب.
ويسرد "الشنواني" خبرته في قراءة أعمال "محفوظ"، وهي خبرة سبقت التعرف إليه مباشرة، وبدأها مع رفاقه خلال سنوات المراهقة في مدينة رأس غارب على البحر الأحمر، وينتهي إلى القول بأن ملحمة الحرافيش تظل هي أهم وأجمل أعماله.
aXA6IDMuMTQxLjI5LjIwMiA=
جزيرة ام اند امز