محمود جبريل.. أيقونة الدولة المدنية في مواجهة "أفغنة" ليبيا
الراحل كان سياسيا من الطراز الأول، تميز بهدوئه وتصريحاته المتزنة، عرف عنه انتماؤه لوطنه وحبه الشديد لبلاده
وضع وباء كورونا "كوفيد 19" الذي يجتاح العالم نهاية لرحلة سياسية كبيرة خاضها السياسي الليبي المخضرم رئيس الوزراء السابق محمود جبريل، الذي وافته المنية الأحد، متأثرا بإصابته بالفيروس.
تاريخ سياسي كبير تجاوز الأربعين عاما سطره جبريل، انتقل خلاله من صفوف المعارضة الليبية لنظام الرئيس الليبي الراحل معمر القذافي إلى موقع القيادة عقب الانتفاضة التي أطاحت بالقذافي في 2011
يعتبر الراحل محمود جبريل من الداعيين للتغيير في ليبيا وإسقاط نظام معمر القذافي، واشترط لرجوعه إلى ليبيا زمن النظام الجماهيري مجموعة من الشروط التي تخدم توجهه السياسي الليبرالي الداعم للحريات، وقد وافق النظام على بعض هذه الشروط ضمن خطة مصالحة مع المعارضة الليبية في الخارج.
ليس مستغربا أن توافي السياسي الليبي المخضرم المنية في مصر التي ارتبط بها منذ زمن بعيد؛ اجتماعيا بزواجه من مصرية هي ابنة شعراوي جمعة وزير داخلية مصر الأسبق، بالإضافة إلى أنه اعتبر القاهرة حضنا سياسيا يتسق مع توجهاته الليبرالية المنفتحة.
كان جبريل سياسيا من الطراز الأول، تميز بهدوئه وتصريحاته المتزنة، عرف عنه انتماؤه لوطنه وحبه الشديد لبلاده، إنه السياسي الليبي البارز "محمود جبريل".
تاريخ سياسي كبير
ولد جبريل عام 1952، وتخرج في كلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة عام 1975، كما حصل على الماجستير في العلوم السياسية من جامعة بتسبيرج الأمريكية عام 1980، بالإضافة الدكتوراه في التخطيط الاستراتيجي من نفس الجامعة عام 1984.
عمل أستاذا للتخطيط الاستراتيجي في جامعة "بتسبيرج" لعدة سنوات، ثم تولى بعد ذلك تنظيم وإدارة العديد من برامج التدريب لقيادات الإدارة العليا في كثير من الدول العربية والأجنبية منها مصر والسعودية وليبيا والإمارات العربية المتحدة والأردن والمغرب وتونس وتركيا وبريطانيا.
ترأس محمود جبريل المكتب التنفيذي (بمثابة رئاسة الحكومة) في المجلس الوطني الانتقالي الذي تشكل في ليبيا منذ 5 مارس 2011 وحتى 23 أكتوبر 2011، ليكون معبرا عن الشعب الليبي الذي تحرك للإطاحة بنظام العقيد القذافي، وكان على رأس المجلس الانتقالي المستشار مصطفى عبدالجليل
مناهضة مشروع الإخوان وقطر
كان محمود جبريل بمثابة جرس الإنذار المبكر الذي حذر من خطر تنظيم الإخوان الإرهابي ومن خلفه قطر.
وأدرك رئيس وزراء ما بعد فبراير 2011 (محمود جبريل) أن الحراك الشعبي العفوي قد بدأت قطر توظفه لخدمة مشروعها الإرهابي فتصدى لهذه المحاولات وتحول إلى مشروع مناهض لـ"أفغنة ليبيا" على يد قطر والتنظيم الإرهابي.
واكتشف جبريل مبكرا الدور القطري في ليبيا ومحاولاته تمكين تنظيم الإخوان الإرهابي من السلطة بالاستعانة بتنظيمات وفصائل إرهابية، وبعد مقتل القذافي طالب جبريل بحل المليشيات التي تشكلت بهدف إسقاط القذافي وتسليم سلاحها، ولما لم يحدث ذلك استقال من المجلس التنفيذي في أكتوبر 2011، وقال جبريل قولته المشهورة: "المليشيات الإرهابية سرقت حلم الليبيين."
وتعرض السياسي الليبي الراحل لحملات تشويه ضارية من الأبواق والمنصات القطرية حين حاول الحد من النفوذ القطري في المجلس الانتقالي، وتحويل مسار الثورة، والوقوف ضد قيام جيش ليبيا الوطني بدوره، ومحاولاتها إنشاء جيش مواز من الإرهابيين بقيادة فوزي بو كتف وقتها، والذي كان يتلقى التعليمات والتمويل والسلاح من قطر تحت ستار دعم الثوار.
وكشف جبريل عن المؤامرة القطرية في تصريحاته العلنية ثم لجأ إلى الشارع الليبي وبعد إجراء انتخابات المؤتمر الوطني شكل الراحل كتلة التحالف الوطني الديمقراطي داخل المؤتمر الوطني في يوليو عام 2012 لمواجهة زحف التنظيم الإرهابي والجماعة المقاتلة وتنظيم القاعدة على كافة المناصب والمقدرات في ليبيا.
وساهم في كشف المؤامرة الإرهابية أمام الرأي العام، ونظم التحالف الذي ترأسه مئات المظاهرات والفعاليات الرافضة لسطوة المليشيات الإرهابية على مقدرات البلاد تحت غطاء الثورة لتحويل ليبيا إلى أفغانستان جديدة.
الوفاة
توفي في الخامس من أبريل/نيسان 2020 في العاصمة المصرية القاهرة، إثر إصابته بمرض فيروس كورونا، كما أنه كان يعاني من مشكلات في القلب.
aXA6IDMuMTQxLjQyLjQxIA== جزيرة ام اند امز