الروائية مي خالد لـ"العين الإخبارية": أكتب بقوة قانون الجذب
منى أبوالنصر
الكاتبة والروائية المصرية مي خالد تحدثت عن رحلتها الأدبية التي وصفتها بأنها مليئة بالشغف وبعيدة عن الملل
تجدد الكاتبة والروائية المصرية مي خالد في كتابها العاشر "تمار" إيمانها بالأحلام، ودروب البحث عن الذات، ولا محدودية التواصل بين البشر أينما كانوا أو حلّوا.
رواية "تمار"، الصادرة عن دار "العربي" للنشر والتوزيع، تدور أحداثها بين القاهرة وجورجيا، في توظيف لسرديات المكان الذي تعتبره صاحبة "تمار" أحد مفاتيحها الخاصة في رحلتها مع الكتابة، التي بدأتها عام 1998 بمجموعتها القصصية "أطياف ديسمبر".
وتعد روايتا "مقعد أخير في قاعة إيوارت" و"سحر التركواز" من أبرز أعمال مي خالد، وكذلك المجموعة القصصية "مونتاج"، وكتاب أدب رحلات "مصر التي في صربيا"، وتُرجمت روايتها "سحر التركواز" إلى الألمانية والإنجليزية، وفازت روايتها السابقة "جيمنازيوم" بجائزة أفضل رواية بمعرض القاهرة الدولي للكتاب عام 2016 وتم ترجمتها إلى اللغة الصربية.
"العين الإخبارية" التقت الكاتبة المصرية وسألتها عن أحدث أعمالها "تمارا"
- في "تمار" احتفاء بفكرة التعددية والاختلاف.. من أين جاءتكِ شرارة فكرة الرواية؟
أي عمل ولو كان قصة قصيرة يكون محملا بأفكار وشخصيات ربما لا تجمعهم علاقة مباشرة، حتى تحدث لحظة الإنارة التي تجعلني أربط بينهم، وأجد لهم مكانا ملهما لاستيعابها، ما أقرره هو استخدامها في سياق ومكان مختلف، وتكون رحلة متعة أعيشها عبر الاستكشاف.
- كيف اقتربتِ من عالم البطلتين "تمار" و"تقى" في الواقع قبل الكتابة عنهما؟
أي شخصية أكتب عنها تحمل بذرة شيء أحبه أو شيء أريد أن أعرفه حقا، وهذا ما يجعل رحلة بحثي مليئة بالشغف وبعيدة عن الملل، بالنسبة لشخصية "تمار" فكانت فكرة الموضة التي ترتبط بها هي فكرة محببة بالنسبة لي منذ طفولتي المبكرة، فبحثت كثيرا ودرست في الموضة، ودرست فن التفصيل لأتمكن من الكتابة عن التفاصيل التي تخص بطلة الرواية، ذاكرت هذا المجال واستغرقت به جدا لاكتشاف تحديات وصعوبات، وليس فقط العالم البراق الشائع عنه، فلقد استغرق مني البحث لكتابة هذه الرواية نحو 3 سنوات، وكتبتها في سنة، فأي عمل أقوم بمذاكرته حتى يتحول كما يقولون لـ"الطبيعة الثانية second nature" لي، أستطيع أن أتحدث عنه كأنني جزء منه، وهذا ما يعطي مصداقية للشخصيات والحدث.
- في الرواية حضور للمأثور الشعبي، الرؤى، الأحلام وتأويلها، النزعة الصوفية، حدثينا عنها كمفاتيح للرواية؟
عندما أكتب أقوم بالتعبير عن شخصيتي، أحتفظ بداخلي بشخصيتين، الأولى البنت الشعبية والثانية خريجة الجامعة الأمريكية، أعتز بالاثنتين جدا، ربما هذا ما يترك في كل أعمالي تقريبا سمة التنوع الثقافي، كما قدمت في روايتي "سحر التركواز" و"جيمنازيوم" التي كانتا تدور بين القاهرة وسويسرا، لذلك فقد جاء المأثور الشعبي في الرواية كجزء أصيل من اهتمامي الشخصي، وقمت بالبحث كثيرا عن مكان غير مستهلك روائيا كالجمالية والحسين، ليدور بها جانب مهم من أحداث الرواية، ووقع اختياري على منطقة "الدرب الأحمر" الشعبية التي أبهرتني بتفاصيلها.
- المكان كذلك أحد أبطال الرواية، محط أحلام ومرجعية للأفكار، حدثينا عن المكان في "تمارا" والتنقل في حدوده الواسعة في الرواية؟
أنا من عشاق السفر وتوظيفه في الكتابة، فبعد أن دعيت إلى مؤتمر أدبي في "جورجيا" فوجئت بأشخاص يحدثوني عن فخرهم بأصولهم المصرية، يتحدثون عن أجدادهم الفاطميين والمملوكين، وعندما وصلت إلى مصر وجدت من يحدثني عن أصوله الجورجية، فوجدت أن هذا التبادل ملهم جدا، وبدأت أن أنسج خيوطي الخاصة، وساعدني في ذلك ناشر الرواية شريف بكر، والدكتور حمدي السيسي الذي له أصول جورجية وأمدني بالكثير من الحكايات، وأهديت لهما الرواية لهذا الإلهام، وكذلك أهديتها إلى السيدة نجوى مهدي وهي صاحبة شقة الدرب الأحمر، التي لولاها ما كنت قد اقتربت من عالم الدرب الأحمر الشعبي، وما تعرفت على جانب آخر مغاير عن الصورة الدرامية النمطية للحارة المصرية.
- منحتِ البطلتين مُطلق الحرية في حكي الحكاية من وجهة نظرهما، ما أدواتكِ لإحكام السيطرة على السرد في النهاية؟
غالبا.. أكون على علم بمسار ونهاية رحلة أبطالي، في هذه الرواية كنت أتصور في البداية نهاية مختلفة من وجهة نظر شخصية "تقى" لكنني مع تقدم الكتابة غيرت الخطة.. وهذا يحدث دائما في الكتابة.
- في "تمار" حضور للألوان.. وفي "سحر التركواز" خلقتِ سيادة للون الأزرق، هل الألوان واحدة من أدواتكِ الكتابية؟
لا يوجد لدي لون مفضل، الألوان بالنسبة لي شغف، حتى الأحلام أراها بالألوان، أردت في "تمار" أن أبرز بلون جبال جورجيا وطبيعتها المدهشة، واستخدمت "تيمة" الألوان في "سحر التركواز"، وكنت أقصد أن ينتهي القارئ من الرواية ويشعر بعدها أنه خرج من علبة ألوان.
- ما الذي تغير في رؤيتكِ لمشوار الكتابة منذ خضتِ أولى تجاربكِ إلى صدور "تمار"؟
من قرأ "تمار" قال إنها أكثر نضجا، وهذا يسعدني، أنا أحب الكتابة وأعتبرها لعبة، ولكنني ألعب بجدية تامة، وقد قررت منذ دراستي للإعلام والصحافة أنني سأمارس الكتابة الإبداعية دون ضغوط، أعمل بفكرة الهاوية، وأستمتع برحلة الكتابة، وأكتب كثيرا بقوة قانون الجذب الذي يصحبني خلالها، أدركت منذ فترة طويلة الأهمية الكبيرة للأماكن منذ أولى رواياتي "جدار أخير"، التي دارت بين تركيا ومنطقة السكاكيني في مصر، المكان دائما يُكمل لي الناقص، وهذا من مفاتيح كتابتي، كذلك المعرفة والشغف المرتبط بها، حفاظا على التجديد وعدم تكرار نفسي، خاصة بعد أن صدر لي الآن 10 كتب على مدار تاريخي الأدبي، اكتشفت بالكتابة كذلك أن الإنسان واحد في كل العالم، لمست ذلك بالحديث بعمق مع الناس في الدول التي سافرت لها، ليس بمنظور السائح، وإنما بمنظور الإنسان، ما يختلف مجرد اختلافات ثقافية طفيفة، لكن الإنسان واحد، هذا ما أريد أن أعبر عنه بالكتابة قدر ما تؤلمني الحروب المشتعلة في العالم ولا يريدها البشر الذين ينشدون السلام.