هجمات إرهابية بغرب مالي.. تحوّل تكتيكي يدق ناقوس الخطر في دول الساحل

هجمات إرهابية استهدفت مواقع تابعة للجيش في مالي، أثارت التساؤلات حول جهود مكافحة التنظيمات الإرهابية.
خبراء متخصصون في شؤون الإرهاب بمنطقة الساحل اعتبروا أن الهجمات المنسقة التي استهدفت مواقع للجيش المالي في 7 مدن بغرب البلاد، تمثل تحوّلًا استراتيجيًا مقلقًا في نشاط الجماعات الإرهابية.
وأكد الخبراء أن هذه الضربات تمثل اختبارًا مزدوجًا لكل من المجلس العسكري الحاكم في باماكو و"فيلق أفريقيا" الوليد، في ظل غياب الشركاء الغربيين وتنامي قدرات الجماعات الإرهابية المسلحة على التنسيق والانتشار.
وفجر أمس الثلاثاء، استيقظ سكان 7 مدن في غرب مالي على أصوات إطلاق نار وانفجارات، ضمن أكبر عملية منسقة لجماعة "نصرة الإسلام والمسلمين" فرع تنظيم القاعدة الإرهابي في الساحل، بقيادة إياد أغ غالي.
الهجمات استهدفت مدنًا استراتيجية مثل كاي، ونونو، ونيارو دي سايل، ومولودو، وديبولي، وغوغي، وساندار، وجميعها تقع قرب الحدود مع السنغال وموريتانيا، وهي مناطق تُشكّل العمق الاقتصادي الحيوي لمالي.
ورغم إعلان الجيش المالي صدّ الهجمات، ومقتل أكثر من 80 إرهابيًا، ومصادرة أسلحة ومعدات ثقيلة، فإن حجم العملية وتنسيقها الجغرافي والزمني يكشف عن تطور كبير في قدرات الجماعة الإرهابية، التي أعلنت لاحقًا عبر منصاتها أنها سيطرت على 3 ثكنات عسكرية ومواقع استراتيجية.
وهذا التصعيد يُعدّ الأول من نوعه منذ انسحاب القوات الفرنسية في 2022، وانتهاء مهام بعثة الأمم المتحدة "مينوسما"، وهو تصعيد يضع المجلس العسكري المالي أمام مسؤولية مباشرة لضمان الاستقرار دون دعم خارجي يُذكر.
ويرى الدكتور أليو ديارا، الباحث في "مركز الساحل للدراسات الأمنية" بباماكو، أن الهجمات تمثل تحولًا نوعيًا في العمليات الإرهابية.
وقال ديارا لـ"العين الإخبارية": "نحن أمام مرحلة جديدة من الصراع، حيث تخلّت الجماعات عن أسلوب الكرّ والفرّ، واعتمدت على التخطيط والاقتحام المتعدد الجبهات".
واعتبر أن هذه الهجمات تعني أن انسحاب القوى الدولية فتح فراغًا استراتيجيًا بدأ يُملأ من قبل خصوم الدولة.
أما الباحث الموريتاني سيدي محمد عبدو، الخبير في شؤون الجماعات الإرهابية في الساحل، فأشاد في تصريحات لـ"العين الإخبارية" بردّ الجيش المالي.
واعتبر أن "العملية، رغم خطورتها، كانت فرصة لقياس الجاهزية القتالية للقوات المالية".
وقال إن "ما حدث هو اختبار أول لفيلق أفريقيا، والتحالفات الجديدة بين باماكو وبوركينا فاسو والنيجر"، مشيرًا إلى أن المعركة الآن أصبحت "معركة صبر وإرادة، وليست فقط مواجهة عسكرية".
وأوضح الخبير ذاته أن ما يثير القلق لدى المحللين العسكريين هو قدرة التنظيم الإرهابي على ضرب 7 مدن في وقت متزامن، ما يكشف عن وجود شبكة تنسيق لوجستي وميداني عالية الكفاءة، واحتمال وجود خلايا نائمة في هذه المدن.
وقال إن "بعض المناطق المستهدفة تقع قرب حدود حيوية، مثل كاي الواقعة على طريق رئيسي للتجارة مع السنغال"، مشيرًا إلى أنه بينما يحاول المجلس العسكري في مالي تعزيز موقعه كضامن للأمن في ظل غياب فرنسا والأمم المتحدة، تُظهر هذه الهجمات المتزامنة أن الجماعات الإرهابية تسعى لإثبات عودتها بقوة".
وأضاف أن "هذه الهجمات هي بمثابة جرس إنذار لدول الجوار، بأن معركة الساحل لم تنتهِ، بل دخلت فصلًا جديدًا أكثر تعقيدًا".
aXA6IDIxNi43My4yMTYuMjUyIA== جزيرة ام اند امز