صدامات المدربين والنجوم.. أفكار فنية أم عجرفة وغرور؟
تحدث خلافات متعددة بين المدربين الكبار ونجوم فرقهم، في مختلف أنحاء العالم، تكون لها أسباب متعددة تختلف من حالة لأخرى.
كل مدرب كبير أو لاعب شهير تكون لديه رغبة في تحقيق نجاحات أو طموحات معينة، والحصول على التقدير المناسب، أو تنفيذ خطط وأفكار معينة، وهو ما قد يؤدي أحيانا لحدوث مشاكل تتعلق بطبيعة شخصية كل لاعب وكل مدرب.
أزمات المدربين الكبار مع اللاعبين لها علاقة كبيرة بقدر نجومية كل منهم، فاللاعب في مسيرته قد يلتقي عددا كبيرا من المدربين الذين ينتقدونه، لكنه حين يتحول لنجم لا يكون المجال أمامه واسعاً لتقبل كل النقد في كثير من الأحيان.
وتستعرض "العين الرياضية" خلال السطور التالية عددا من أشهر الصدامات التي حدثت بين نجوم كبار ومدربيهم في ملاعب الكرة.
جوارديولا وإبراهيموفيتش
أثار السويدي زلاتان أبراهيموفيتش مهاجم فريق ميلان الإيطالي الحالي وبرشلونة الإسباني السابق جدلاً كبيراً بسبب علاقته مع بيب جوارديولا، مدرب مانشستر سيتي الإنجليزي الحالي، الذي لعب "السلطان" تحت قيادته في برشلونة خلال موسم 2009-2010.
برشلونة ضم زلاتان من إنتر ميلان الإيطالي بناء على طلب جوارديولا، مقابل دفع 40 مليون يورو والتخلي عن الكاميروني صامويل إيتو أفضل مهاجمي الفريق في السنوات العشرين الأخيرة.
لكن إبرا فاجأ وسائل الإعلام العالمية بوصف جوارديولا بالجبان في تصريحات لشبكة "سكاي سبورتس" البريطانية، سجلها بشكل أوسع لاحقا في كتاب سيرته الذاتية "أنا زلاتان".
ووصف إبرا أسلوب تعامل بيب معه بأنه مثل شخص قام بشراء سيارة "فيراري" ثم قادها كأنها "فيات".
وجاء هذا التشبيه ليوضح بسهولة بالغة جزءا من الأزمة وليس الأزمة كلها، فإبرا يرى أن إمكانياته الفنية لم تستغل جيداً من قبل جوارديولا، والأمر هنا بعيداً عن أوصاف إبرا المتبجحة يرتبط بشكل أكبر بطبيعة المدرب وفكره الخططي الذي لم يتناسب مع إبرا، وهو ما جعل اللاعب ينتقده وتبدأ المشكلة، ليرحل الأخير بعد عام واحد في كامب نو إلى ميلان الإيطالي.
طبيعة شخصية إبرا المتعجرفة والمغرورة كان لها دور كبير في انتقاد جوارديولا خاصة أنه كان الوحيد من مجموعة نجوم كبار لم يوجه أي منهم نقدا من هذا النوع لبيب ولا حتى نقدا أقل.
على الجانب الأخر، لم يكن جوارديولا من نوعية المدربين القادرين على التعامل نفسياً مع لاعب مثل إبرا على عكس مدرب قريب له في الشخصية مثل البرتغالي جوزيه مورينيو مدربه السابق في الإنتر ولاحقاً في مانشستر يونايتد الإنجليزي.
مورينيو وبوجبا
شخصية مورينيو الذكية والقادرة على احتواء النجوم فشلت في فعل الأمر نفسه مع لاعب مثل الفرنسي بول بوجبا، الذي اشتبك مع المدرب في أكثر من موقف خلال عملهما في مانشستر يونايتد من 2016 إلى 2018.
في إحدى المرات قام بوجبا بمسك يد مورينيو بشكل عكس تحولا في شخصية المدرب البرتغالي الذي قيل إنه بدأ يفقد هيمنته وسيطرته على اللاعبين بسبب الموقف الذي حدث.
الأزمة تسبب فيها عدم التزام اللاعب الفرنسي، حيث إن الصحافة الإنجليزية أكدت أن مورينيو قال له: "أنت لا تلعب ولا تحترم زملاءك أو جماهير فريقك، أنت مثل شخص مصاب بفيروس تصيب به كل من حولك".
ما قاله مورينيو يعكس أمرين، أولهما فشله في احتواء بوجبا بطرقه السابقة، ومحاولته أن يمنحه كل الفرص قبل أن يثور عليه ويؤكد أن اللاعب الفرنسي من جانبه لم يحاول طاعة مدربه أو احترامه.
جزء من أزمة بوجبا ومورينيو كان بسبب رغبة اللاعب في الرحيل لريال مدريد الإسباني وتعنت إدارة النادي في التعامل مع هذه الرغبة.
سوء نتائج يونايتد مع مورينيو تسبب كذلك في نقد بوجبا لطريقة اللعب، فلاعب في مقتبل العمر مثله كان يبحث عن ألقاب ومجد شخصي، ثم وجد فريقه يعاني من سلسلة نتائج سلبية، لكن مورينيو من جانبه كان حاسماً في نقده للنجم الفرنسي، ورفضه تعليق لاعب من لاعبيه عليه بهذا الشكل.
وكان لأزمة شارة القيادة التي منحها مورينيو للفرنسي ثم سحبها منه دور أيضاً في خلافاتهما معاً، وتحول حديثهما من المديح إلى الاتهامات المتبادلة.
كومان وميدو
يقول الهولندي رونالد كومان مدرب برشلونة الإسباني الحالي، وأياكس أمستردام الهولندي السابق، إن المصري أحمد حسام "ميدو" مهاجم فريقه الأسبق كان يعامل في بلاده مثل الآلهة، وهو ما انعكس سلبا على شخصيته.
وكان ميدو ترك مصر في الـ16من عمره ليلعب في فريق جنت البلجيكي الذي انضم منه لأياكس، وبات نجما عالميا شهيرا في سن صغيرة.
لكن أزمة نشبت بين ميدو وكومان بسبب انتقاد المدرب لأسلوب اللاعب الواعد في التعامل مع الشهرة، ثم تأكيده على أن ميدو لا يمنح أفضل ما لديه للفريق.
هذا الأمر جعل المدرب يقوم بتحويل ميدو للفريق الثاني، مما أجبر اللاعب على الاعتذار، لكن بعد عودته للفريق الأول بـ3 أيام نشبت مشكلة جديدة بين الاثنين، ليلعب ميدو مع الفريق الرديف لنهاية الموسم ثم يترك أياكس بعدها.
وبعد مرور العديد من السنوات واعتزال ميدو وانتقال كومان لقيادة برشلونة، استغل النجما لمصري أزمة الأرجنتيني ليونيل ميسي قائد الفريق الكتالوني مع إدارة ناديه وانتقاده الصريح لطريقتها في التعامل مع ملف رحيل الأوروجواياني لويس سواريز ليطالب المدرب الهولندي بالتعامل بنفس الحدة التي تعامل بها معه مع ميسي، وهو ما لم يحدث.
خوليت وأدفوكات
كانت من أكبر الأزمات التي حدثت بين اللاعبين والمدربين ما حدث عام 1993 بين ديك أدفوكات مدرب منتخب هولندا وقتها ونجمه الكبير رود خوليت.
الأزمة هذه المرة كان سببها فنيا بحتا، حيث إن مدرب هولندا الأسبق أصر على إشراك خوليت في الجانب الأيمن أو الوسط في لقاء ضد إنجلترا في ملعب ويمبلي بدلاً من اللعب في العمق.
استبدال اللاعب في نفس المباراة وإدخال مارك أوفرمارس بدلاً منه زاد الطين بلة، ليقرر اللاعب عدم اللعب مع المنتخب في عهد أدفوكات، لكنه عاد للمشاركة في تحضيرات المنتخب لكأس العالم 1994، في لقاء ضد اسكتلندا، قبل أن يتم إيعاده مجددا.
لكن الأزمة تم حلها بشكل نهائي حين خرج المدرب واللاعب في ديسمبر/كانون الأول في برنامج "استوديو فوتبول" الهولندي، ليؤكدا أنهما ارتكبا خطأ ندما عليه والأمر لم يخرج عن كونه سوء تفاهم.
والأكثر من ذلك أن خوليت وأدفوكات عملا معاً في الجهاز الفني لمنتخب هولندا بعدها، حيث كان خوليت هو مساعده في 2017 في قيادة منتخب الطواحين.
أزمة خوليت وأدفوكات كانت من أكثر الأزمات التي تم التعامل معها برقي من قبل طرفيها لتنتهي نهاية مثالية للغاية، لكن بالبحث في الأسباب سنجد أن خوليت وقتها كان نجماً متوجاً بالعديد من الألقاب مثل جائزة أفضل لاعبي العالم في 1987 وكأس أمم أوروبا 1988 ودوري أبطال أوروبا مع ميلان.
بينما لم يكن المدرب أدفوكات قد حقق إنجازات بارزة في مسيرته التدريبية التي كان أبرز ما بها وقتها التتويج بدوري القسم الثاني الهولندي مع فريق سبورتفيرنجيج.
بيكهام وفيرجسون
رغم أن ديفيد بيكهام كان من أحد أهم اللاعبين الذي اكتشفهم المدرب الأسطوري السير أليكس فيرجسون في مانشستر يونايتد، وحققا معاً نجاحات عريضة، فإن علاقتهما في 2003 شابها بعض العطب.
لكن علاقة المدرب واللاعب الأسطوريين شهدت أزمة في 2003، حين قام فيرجسون بإلقاء أحد الأحذية في الهواء ليرتطم بوجه بيكهام ويتسبب في إصابته في الحاجب.
وبعد أشهر قليلة انتقل بيكهام إلى صفوف فريق ريال مدريد كما كان متوقعاً، ليربط الإعلام البريطاني والعالمي بين تلك الواقعة ورحيل اللاعب.
السبب في تلك الأزمة الوقتية كان غضب السير أليكس فيرجسون من لاعبيه عقب الخسارة من أرسنال في كأس الاتحاد الإنجليزي، علماً بأن الفريق كان وقتها يعاني من سوء نتائج.
لكن ما جعل البعض يشعر بأن العلاقات بين الاثنين لم تكن صافية، أن فيرجسون كتب في سيرته الذاتية لاحقاً أن: "بيكهام كان يجب أن يرحل لأنه شعر بأنه أكبر من المدرب"، وهو تصريح يلخص سبب الأزمة.
كرويف وروماريو
حقق البرازيلي روماريو العديد من الإنجازات الكبيرة في عقد التسعينيات سواء مع فريق برشلونة أو مع منتخب البرازيل بطل العالم في 1994.
لكن عقب التتويج بكأس العالم في صيف 1994، قام روماريو بزيادة فترة الراحة بين الموسمين، دون الرجوع للهولندي يوهان كرويف مدربه في برشلونة وقتها.
وغاب روماريو عن تحضيرات الفريق الكتالوني للموسم الجديد ليجد المدرب التاريخي للبارسا يعرضه لعقوبات انضباطية، ليقرر روماريو الرحيل في ميركاتو شتاء 1995 إلى فلامنجو البرازيلي.
كرويف قال وقتها إنه لا يهمه ما يفعله روماريو في البرازيل طالما يسجل الأهداف، بينما كان يصف روماريو كرويف بأنه "الشخص الذي تشاهد كرة القدم من خلال أعينه"، لكن التحول كان سريعاً عندما قرر الأسطورة الهولندي التخلص من لاعبه في ميركاتو شتاء 1995.
أزمة روماريو وكرويف كانت في تطبيق النظام الاحترافي، وهي أزمة تواجه العديد من اللاعبين اللاتينيين في عدم التأقلم مع انضباط وصرامة نظام الاحتراف الأوروبي.