الأمن البريطاني والإرهابي الليبي سلمان العبيدي.. من الفشل ما قتل
عندما سار سلمان العبيدي بأروقة مانشستر أرينا، منحنيا جراء ثقل القنبلة الضخمة التي يحملها بحقيبة ظهره، مر بمجموعة من ضباط الشرطة.
وواجه فشل الضباط في وقف واستجواب الانتحاري بالفعل انتقادات التحقيق العام بشأن هجومه الذي أسفر عن مقتل 22 شخصا خلال حفل المغنية الأمريكية أريانا غراندي في 22 مايو/أيار عام 2017، بحسب صحيفة "التايمز" البريطانية.
ومع ذلك، كان العبيدي على رادار الشرطة والاستخبارات لسنوات.
وكانت له صلات بتنظيم داعش، وقاتل إلى جانب المتطرفين في ليبيا، وكان على الرادار لما لا يقل عن عشرين مرة.
والأسبوع المقبل سينشر التحقيق العام في الفظائع التي شهدها الحادث، والذي كشف بالفعل فوضى عارمة وفشلا في استجابة الطوارئ للتفجير، تقريره النهائي بشأن إمكانية منع وقوعه. ويكمن لب المسألة فيما إذا كان من الممكن إيقاف العبيدي قبل فترة طويلة من تفجيره للقنبلة.
كانت عائلة العبيدي جزءًا من الشتات الليبي، الذين هربوا من نظام معمر القذافي إلى جنوب مانشستر في الثمانينيات والتسعينيات.
كان والد العبيدي، رمضان، على صلة بالجماعة الإسلامية الليبية المقاتلة، التي شكلها الرجال العائدون من أفغانستان أوائل التسعينيات، والتي حظرت في بريطانيا بعد هجمات 7 يوليو/تموز عام 2005.
وكان رمضان حليفا لأربعة أعضاء من الجماعة الليبية الذين عاشوا في مانشستر وكانوا متورطين بشكل كبير في الإرهاب، بحسب ما قيل للتحقيق، وكان من بين هؤلاء الأربعة أبوأنس الليبي، المتهم بالتخطيط لتفجيرات السفارة الأمريكية عام 1998 في تنزانيا وكينيا التي أسفرت عن مقتل 224 شخصا، وصانع قنابل مزعوم من تنظيم القاعدة. وربما استوعب عبيدي أيديولوجيتهم.
وفي عام 2011، ومع ضعف حكم القذافي، سافر العديد من الأشخاص المرتبطين بالجماعة الليبية، ومن بينهم رمضان العبيدي، إلى وطنهم للمساعدة في الإطاحة به. وأخذوا معهم أبناءهم المراهقين لتعليمهم المعركة. والتقطت صورا للعبيدي وشقيقه الأصغر هاشم، الذي حكم عليه بالسجن للمساعدة في التخطيط لهجوم مانشستر أرينا وصنع القنبلة، وهما يحملان أسلحة ثقيلة في صحراء ليبيا.
وتم العثور على مواد متطرفة على هواتف رمضان العبيدي، الذي نفى المشاركة في أي قتال، وإسماعيل العبيدي، أكبر أبنائه، الذي هرب إلى ليبيا بعد رفض المشاركة في التحقيق، عندما تم إيقافهم بموانئ عامي 2011 و2015.
ومع ذلك، سافر العبيدي، الذي كان تحت مراقبة جهاز الأمن الداخلي البريطاني "إم آي 5" بسبب علاقاته، إلى ليبيا ومنها بدون أن يواجه أي عمليات فحص مرتبطة بمكافحة الإرهاب. وكان هو وهاشم بين 100 بريطاني تم إجلاؤهم من طرابلس عندما اندلع القتال عام 2014.
كما لم يتم توقيف عبيدي للاستجواب عندما عاد من ليبيا قبل أربعة أيام على هجوم أرينا – وهو شيء اعترف جهاز الأمن البريطاني بأنه كان خطأ. ويبدو أن السلطات كانت تركز على الشباب المسافرين إلى سوريا، بالرغم من أنه من عام 2012 كان واضحا أن القاعدة، ولاحقا داعش، كانا نشطين على نحو متزايد في ليبيا.
كان حكم جهاز الأمن البريطاني وشرطة مكافحة الإرهاب ضبابيا لأنهم استبعدوه لتورطه في المخدرات وليس الإرهاب.
ومع ذلك، كشف التحقيق العام عن أن تحقيقا أوثق مع أعوانه المجرمين ربما كان ليكشف خططه. وكان لدى الشرطة أدلة على أن أحد أفراد عصابة تجارة مخدرات مرتبطة بعبيدي تم ربطه تحديدا بصنع القنبلة.
وسلط تقرير صادر عام 2010 عن مركز التحليل المشترك والإرهاب، وهو جزء من "إم آي 5"، الصور على "القرب الوثيق" بين المتطرفين والعصابات الإجرامية في مانشستر. ومع ذلك، حتى وإن جعلت علاقة العبيدي بالمخدرات الوضع ضبابيا، فشلت السلطات كذلك في فهم صلاته تماما بمجموعة من الشباب الذين انضموا إلى "الخلافة".
وكان مجتمعه في جنوب مانشستر به "عدد مذهل" من مجندي داعش – ما لا يقل عن 16 في دائرة نصف قطرها ميلان. وارتبط كثيرون بالعبيدي وبعضهم ذهب إلى نفس المسجد.
وأشارت "التايمز" إلى أن مدى المعرفة التي كانت لدى "إم آي 5" وشرطة الإرهاب عن العبيدي لم تعرف قط، لأن معظم الأدلة تم الاستماع إليها سرا.
وأوضحت الصحيفة البريطانية أن العبيدي كان تحت الملاحظة منذ أوائل فترة مراهقته، أي قبل سبعة أعوام من الهجوم، لكن مسؤولي الاستخبارات لم يكن لديهم سوى أجزاء متفرقة من المعلومات، والتي قالوا لم يمكن ربطها معا.
aXA6IDE4LjExOC4xNDQuMTA5IA==
جزيرة ام اند امز