منصور عباس.. من "منشق" عن الإخوان إلى "منقذ" في إسرائيل
قبل ربع قرن كان الجناح الجنوبي للحركة الإسلامية في إسرائيل، تحت عباءة الإخوان المسلمين، قبل أن يحصل الانشقاق، وتتغير المعادلة.
فهذا الجناح الذي شارك في انتخابات الكنيست الأخيرة بالقائمة العربية الموحدة، بات رئيسها منصور عباس، هذه الأيام، الأكثر شهرة في الأوساط الإسرائيلية، باعتباره الشخص الذي يمكنه إنقاذ البلاد من انتخابات خامسة.
وحصلت القائمة العربية الموحدة، في الانتخابات التي جرت الثلاثاء الماضي، على 4 مقاعد، ما قد يجعلها "بيضة القبان" لصالح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أو المعسكر المعارض له.
لكن عباس، طبيب الأسنان (47 عاما) يجد نفسه أمام دراما صعبة، فمن ناحية يواجه اتهامات بإنقاذ نتنياهو في حال قرر الانضمام إلى حكومته أو منحه شبكة أمان من خلال الكنيست.
ومن ناحية ثانية، يقول الرجل إنه يريد ترسيخ منهج جديد في تعامل المواطنين العرب، الذين يشكلون 21% من السكان، مع الدولة الإسرائيلية.
لا مانع لكن بشرط
وغير أن الثابت، هو أن منصور لا يمانع التعاون مع أي معسكر يشكل الحكومة الإسرائيلية، شرط التجاوب مع مطالب قائمته التي تتمثل في الحصول على مزيد من الدعم والخدمات للمدن والقرى العربية غير المعترف بها داخل إسرائيل.
وخاضت القائمة العربية الموحدة الانتخابات السابقة ضمن القائمة المشتركة التي باتت الآن تضم 3 أحزاب عربية، هي الجبهة الديمقراطية للسلام والمساوة، والقائمة العربية للتغيير، والتجمع الوطني الديمقراطي.
وقبل أسابيع قليلة من موعد الانتخابات قررت القائمة العربية الموحدة خوض الانتخابات منفردة بعد خلافات مع باقي الأحزاب حول الموقف من ترؤس نتنياهو للحكومة.
فعباس اعتبر أنه لا ضير في دعم نتنياهو إذا ما استجاب لمطالب المواطنين العرب وهو الموقف الذي عارضته بقية الأحزاب التي أصرت على وجوب العمل على إسقاط رئيس الوزراء الحالي.
ولأن معسكر نتنياهو حصل على 59 مقعدا بالانتخابات الأخيرة فإن حاجته تبدو واضحة إلى عباس لتمكينه من تشكيل الحكومة. القادمة
وبالمقابل، فإن المعسكر المعارض لنتنياهو، الذي يضم القائمة المشتركة، بحاجة إلى عباس للوصول إلى 61 صوتا لإسقاط الرجل.
ومنذ الإعلان عن النتائج شبه النهائية لسباق الكنيست، وحتى اليوم، لم يحدد عباس موقفه من الانضمام لأي معسكر إسرائيلي.
العرب في اختبار
وفي خطاب إلى أنصاره يوم الجمعة، تابعته "العين الإخبارية"، قال عباس: "نحن الآن نختم مرحلة وضعنا فيها أسسا لمنهج سياسي ولمشروع سياسي نسعى من خلاله إلى صفوف المجتمع الإسرائيلي بأسره".
وأضاف: "لا نريد أن نكون على الهامش ولا نرضى أن نكون خارج الدائرة، إما أن نكون مواطنين كاملي المواطنة والحقوق، وطنية كانت أو قومية أو دينية أو مدنية، أو أن الخيارات الأخرى توضع على الطاولة ".
وتابع: "إما أن تأخذ هذه الدولة موضوع مواطنيها بجدية وقد وضعناهم الآن في هذا الامتحان، ونحن ندرك وجود تخبط كبير وتدافع كبير في أوساطهم".
وعلى ذلك فقد اعتبر عباس أن "قواعد اللعبة قد تغيرت، والآن نضع التحدي الكبير بين يدي هؤلاء القوم".
ويواجه موقف عباس هذا بمعارضة من قبل الأحزاب العربية الأخرى في الكنيست التي ترى أن مهمتها الأولى هي إسقاط نتنياهو.
وفي انتقاد مباشر إلى الأحزاب العربية الأخرى قال عباس: "الطريق التي سلكوها ويسلكوها كما لم تأت بشيء بالسياسة، فلم ولن تأتي بشيء لا بالانتخابات ولا في المستقبل القريب".
مستطردا "يدنا ممدودة لكل أبناء مجتمعنا العربي، نخرج من التقديس لأفكار بالية وشعارات خرقاء لا تخدم مشروعا ولا تخدم مجتمعا وإنما في كل مرة يتحقق الهدف المعاكس لذلك".
لكن القائمة المشتركة برئاسة أيمن عودة حذرت مجددا من دعم حكومة برئاسة نتنياهو وقالت في بيان: "حذرنا من أنّ حصول أحزاب اليمين على أغلبية ساحقة في الكنيست، هو دليل على تعميق التوجهات العنصرية، ما يزيد من حدة التحديات الجسام، التي يواجهها مجتمعنا العربي والقوى الديمقراطية الحقيقية في المرحلة المقبلة".
الانفلات من عباءة الإخوان
وقد خرجت القائمة العربية الموحدة من عباءة الإخوان المسلمين منذ عام 1996 عندما انشقت الحركة الإسلامية إلى جناحين شمالي وجنوبي.
وحدث الانشقاق على إثر الموقف من اتفاق أوسلو بين إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية.
فالجناح الجنوبي برئاسة الشيخ عبد الله نمر درويش أيد الاتفاق الذي عارضه الشمالي برئاسة الشيخ رائد صلاح.
وفي حين شجع الجناح الشمالي خوض الانتخابات البلدية في إسرائيل فإنه عارض بشدة وما زال المشاركة في انتخابات الكنيست.
غير أن الجناح الجنوبي أيد المشاركة في انتخابات الكنيست وشارك فيها فعليا بدءا من 1996، رغم دعوات الجناح الشمالي للحركة لمقاطعة هذا السباق.
وفي عام 2015، أخرجت إسرائيل الجناح الشمالي للحركة الإسلامية عن القانون باعتباره فرعا للإخوان ولحركة "حماس" ولكنها أبقت على قانونية الجناح الجنوبي.
ومع الغموض الذي يكتنف المشهد السياسي في إسرائيل، يبقى السؤال الذي يطرح نفسه، هل سيقدم منصور عباس على دعم نتنياهو ويكون بذلك المنقذ الذي يصنع الملوك؟.
aXA6IDMuMTQ3LjM2LjEwNiA= جزيرة ام اند امز