رحلة نيرة أشرف الأخيرة.. "أوتوبيس الجنة" يصل إلى المنصورة
بجدارية حزينة تحمل صورة البراءة المغتالة أعلن طلاب كلية الآداب بجامعة المنصورة الحداد على أسوار الكلية على روح فتاة الغدر نيرة أشرف.
في ثنايا الصورة تبدو قسمات الفتاة الجميلة حزينة يفوح من مرقدها الأبدي تساؤل مشروع "بأي ذنب قتلت؟".
في الصباح الباكر كانت الأحلام مختلفة والنظرة إلى المستقبل تبدو مشرقة، ومع ساعات الصباح الأولى كانت ابنة العشرين عاماً استقلت "الأوتوبيس" في هدوء صوب جامعتها التي تبعد عن مسقط رأسها نحو 80 كيلومترا لأداء الامتحان الأخير لها.
وفي هدوء يتناسب مع ملامحها الرقيقة، وبعد أن فرغت لتوها من دعاء السفر، أخرجت "نيرة"، مذكراتها لتستذكر دروسها قبل الوصول لمقر كلية الآداب، ولتقطع على نفسها الشعور بالممل من أجواء السفر.
انهمكت المسكينة في الدراسة، بينما اكتمل صفوف الركاب ولم تنتبه الصغيرة، إلى ذلك العاشق المجنون الذي دلف بغتة إلى الأوتوبيس في غفلة منها، وتوارى بين الركاب دون علمها.
في الأتوبيس كانت الفتاة ابنة العشرين ربيعاً آمنة، وحين وصل الأوتوبيس محطته الأخيرة، تنقلت بين الطرقات دون خوف أو ذعر، فلم يكن يشغلها اليوم سوى الانتهاء من أداء الامتحان لتستريح ولو قليلاً من ويلات التفكير والصخب في ربيع العمر.
على النقيض من ذاك الهدوء، كان السفاح متخفياً في مقعده بين الركاب، عاقدا العزم ومبيت النية على اغتيال أحلام كلها دفعة واحدة، جراء تجرؤها على رفضه.
في أقواله لدى النيابة كان المجرم أعلن في وقاحة أنه راود الفتاة عن قلبها فأبت واستعصمت بحريتها الشخصية، غير أن غيرته القاتلة، وسلوكه الإجرامي كان دافعاً لقتلها واغتيال أنوثتها وشبابها بالنحر.
في اليوم التالي كان المشهد مهيباً داخل أروقة جامعة المنصورة، ويحضره جلال الموت ويكسوه السواد والدموع على "نيرة" التي رحلت ربما لتنير الطريق لملايين الشباب والشابات لأخذ العبرة والحيطة فيما هو آت.
وعلى جنبات من الطريق المؤدي إلى بوابة جامعة المنصورة "توشكى"، زين أصدقاء الفتاة جدارية "نيرة" بالورود، وبورتريه بصورتها الزاهية، التي لقيت حتفها، الإثنين، على يد زميلها أمام الجامعة.
وبدموع يملأها الشجن ودع طلاب كلية الآداب بجامعة المنصورة زميلتهم المغدورة، بالوقوف حدادا على روحها، وتأدية صلاة الغائب عليها.
لفيف من الأساتذة والطلاب قدموا هدية "روحية" برسم بورتريه خاص لها في مكان الحادث تخليدا لذكراها.
في أقصى زوايا الكلية كانت بعض الفتيات يبكين، فيما كان الرجال يتوارون من الجمع من سوء ما بشروا به بعد أن تملكتهم الحسرة بعد أن ملأهم الخبر فزعاً وتمنوا لو ولوا منه فرارا.
وفي مسرح الجريمة الشاهد على اغتيال البراءة، كان الطلاب أعدوا مرقدا رمزياً يظل شاهدا على جريمة تساوي قتل الناس جميعا.
أما المجرم الذي لم يعلن ندمه على جريمته فربما مكث في محبسه جالسا القرفصاء يشتم من كوة زنزانته، غير آبه بما اقترفت يداه من جرم، وما ألحقه من ضرر جراء فعلته النكراء ليبقى ذووها إلى الأبد بثياب الحداد.