مارس شهر المرأة.. لكن ليس في إيران
"عزيزاتي الأمهات، أنا أم ويرقد طفلي على فراش المستشفى.. لا ترسلن أطفالكن إلى المدارس"، كانت تلك الكلمات مناشدة أطلقتها إحدى الأمهات بمدينة قم الإيرانية.
المئات من طالبات المدارس في إيران أصيبن بإعياء جراء التسمم، ومع ذلك فإن الجناة في تلك الهجمات غير معروفين، لكن تشتبه مجموعات حقوق الإنسان في أن الجماعات الدينية المتطرفة التي وجدت أرضا خصبة في إيران تقف وراء الأمر.
ويتكهن المحللون بأن أحد الدوافع وراء التسمم هو بث الخوف لثني الفتيات عن الذهاب إلى المدارس والإحجام عن المشاركة في الاحتجاجات الحاشدة التي انتشرت بشتى أنحاء إيران منذ سبتمبر/أيلول عام 2020، بحسب تحليل مجلة "ذا ناشيونال إنترست" الأمريكية أعده توبي ديرشوفيتز نائب رئيس مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، وكاتي رومين منسقة العلاقات الحكومية بالمؤسسة.
ورأى التحليل أنه يتعين على إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، إلى جانب حلفائها، إثارة هذا التطور المقلق للغاية خلال اجتماع المجلس التنفيذي لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية، الذي سيبدأ في 14 مارس/آذار.
ومارس/آذار هو الشهر الذي يتم الاحتفال فيه بالمرأة، واحتفى به بايدن بالدعوة إلى "إنشاء أمة تعرف فيها كل امرأة وفتاة إمكاناتها"، لكن يحدث العكس في إيران.
ومنذ نوفمبر/تشرين الثاني، شهدت أكثر من 50 مدرسة حالات تسمم لأكثر من ألف طالبة إيرانية، وبحسب صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، عانت الطالبات من غثيان، وخدر في الأطراف وصعوبة في التنفس وخفقان في القلب. وقد منعت سلسلة الهجمات الفتيات من الذهاب إلى المدارس.
وقال أحد المعلمين لوسيلة إعلامية إيرانية إنه "من بين الـ250 طالبة في مدرستنا، 50 فقط حضرن الفصول الدراسية".
ومع ذلك، ألقى وزير الداخلية الإيرانية باللوم في بعض الأعراض التي عانت منها الفتيات على "التوتر" وأدان وسائل الإعلام الأجنبية على إثارة الذعر.
واحتجت عائلات الطالبات على التسمم، مرددين هتافات: "لا نريد مدارس غير آمنة". ويظهر مقطع فيديو مسرب اعتقال إحدى الأمهات بسبب تضامنها مع الطالبات.
وتأتي حالات التسمم في خضم احتجاجات واسعة النطاق اندلعت في سبتمبر/أيلول عندما توفت الفتاة مهسا أميني (22 عاما) أثناء احتجازها بعدما اعتقلتها شرطة الأخلاق في طهران بسبب زعم ارتدائها الحجاب بشكل غير لائق. وأدانت الاحتجاجات وحشية نظام الملالي ودعت إلى إنهاء حكمه.
وقالت وزارة الاستخبارات الإيرانية وقوات الأمن إنهم يحققون في الحوادث، لكن لا تتمتع إيران بسجل تحقيقات موثوق، بحسب تحليل الصحيفة الأمريكية.
واستشهد التحليل الأمريكي بنفي المسؤولين الإيرانيين وقوع حوادث اغتصاب في السجون، وأن طهران اعتقلت آلاف المحتجين، وأن قوات الأمن قتلت المئات من المتظاهرين السلميين.
وتحدثت طالبة تعرضت للتسمم مرتين عن إجابات متعارضة، حيث قالوا لها إن "كل شيء على ما يرام، أجرينا تحقيقنا".
ومع ذلك، وعلى نحو منفصل، أخبرت المدرسة والدها أن أنظمة المراقبة بالفيديو "توقفت منذ أسبوع ولا يمكننا التحقيق في الأمر."
وزعمت المدرسة خطأً أن الطالبة عانت من مشكلة في القلب والتي كانت السبب وراء الأعراض المؤلمة.
وذكر التحليل أن الإنكار هو جزء من الطريقة التي تعمل بها طهران؛ ففي فبراير/شباط، كشفت وثيقة حكومية إيرانية مسربة أن طهران أخفت عمدا اغتصاب عناصر الحرس الثوري للمحتجات الإيرانيات.
واستشهدت "باحتمال تسرب هذه المعلومة إلى وسائل التواصل الاجتماعي وتحريف المجموعات المعادية" كأسباب لإبقائها سرية.
وسئل وزير الخارجية الإيراني أمير عبدالهيان خلال مقابلة مع قناة "سي إن إن" الأمريكية عما يقال بشأن اغتصاب عناصر النظام للمحتجات بمنشأة تابعة للحرس الثوري الإيراني.
وتجاهل عبداللهيان هذا الاتهام، قائلا إن تقارير "سي إن إن" "موجهة ومزيفة... يمكنني تأكيد ذلك. كان هناك العديد من هذه الادعاءات التي لا أساس لها على الشبكات الاجتماعية."
المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية نيد برايس، قال خلال مؤتمر صحفي مؤخرا: "نتوقع من السلطات الإيرانية إجراء تحقيق شامل في حالات التسمم التي تم الإبلاغ عنها".
لكن رأى التحليل أن هذا ليس كافيا، وأنه يتعين على الولايات المتحدة جذب الانتباه إلى القضية خلال اجتماع المجلس التنفيذي لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية.
وأكد التحليل أن هناك الكثير الذي يمكن للمجتمع الدولي فعله لمحاسبة إيران، وأنه في إطار مهمة تقصي الحقائق لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة بشأن الانتهاكات الحقوقية في إيران المرتبطة بالاحتجاجات، يجب عليها أن تضع في اعتبارها الآن حالات التسمم كجزء من تحقيقها.
ورأى التحليل أن تاريخ إيران في طمس الحقيقة يجعل من الضروري اضطلاع أطراف خارجية بمهمة التحقيق في هجمات التسمم، ويتعين على المجتمع الدولي إجراء تحقيق موثوق لإثبات الإدانة.
aXA6IDE4LjExOC4xNDQuMTA5IA==
جزيرة ام اند امز