تحيي اليوم دولة الإمارات العربية المتحدة، "يوم الشهيد" وذلك في الذكرى لاستشهاد سالم سهيل خميس.
وهو أول شهيد ضحى بحياته فداء لأرض الإمارات في 30 نوفمبر 1971.
فقد كان الشهيد ضمن قوات الشرطة برأس الخيمة، المكلفة بمهام التأمين والحراسة لجزيرة طنب الكبرى. وأمام محاولات قوات إيرانية الاستيلاء على الجزيرة، رفض سالم سهيل إنزال العلم الإماراتي فسقط شهيداً برصاص القوة المسلحة الإيرانية.
بسقوط أول شهيد إماراتي قبل يومين فقط من إعلان الدولة الاتحادية الذي يصاف الثاني من ديسمبر من كل عام، يكون قد سجل ملحمتين وطنيتين مهمتين هما. الملحمة الوطنية الأولى: قدم روحه التي هي أغلى ما يملكه الإنسان فداء للوطن الذي بدونه لا كرامة لعيش إنسان.
أما الملحمة الوطنية الثانية: أنه سطر الخطوط الأولى لإعلان دولة المستقبل التي تحتفل كل عام في هذه المناسبة بإعلام عن إنجاز وطني وإنساني جديد تبهر فيه العالم فاليوم سيتم إطلاق "المستكشف راشد" إلى سطح القمر بجهود إماراتية 100%.
في استدعائنا لهذه الذكرى الطاهرة هناك الكثير من الدلالات والمعاني التي ينبغي تأملها بعمق كونها تشير بوضوح إلى خصائص وسمات مختصة بدولة الإمارات التي تأسست على أن تكون عصيَة على أعدائها وتأسست على العز والمجد الإنساني منذ اللحظة الأولى. ومن تلك المعاني العميقة أن إحياء هذه الذكرى إنما هو من أجل تكريس قيم حب الوطن والتضحية في سبيله، ولا تقتصر هذه التضحية على شريحة معينة من المواطنين وإنما على الجميع نيل هذا الشرف لهذا جاءت فلسفة الخدمة الوطنية لكل شباب الإمارات.
الدلالة الثانية العميقة في ذكرى "يوم الشهيد" أن دولة الإمارات شعباً وحكومة، تتطلع دائماً إلى المستقبل وتسبق غيرها بمبادرات وقفزات نوعية في كل مناحي الحياة. إلى حد أنها تكاد تقود العالم في مجالات محددة تمثل باباً للمستقبل، مثل: غزو الفضاء والذكاء الاصطناعي والمحافظة على البيئة والتسامح الإنساني. إلا أن كل ذلك لا يُنسينا (شعب وحكومة الإمارات) ماضينا المجيد بشخوصه وتضحياتهم، فدروس التاريخ تستمد منها دولتنا قوة دفع للارتقاء بالحاضر والتخطيط للمستقبل.
بلا شك تاريخنا الوطني لا يمكنه أن ينسى بصمات تركها أبناءه مهما طال الزمن، بل ستظل إنجازاتهم ومواقفهم قصص تحكى وتتذكرها الأجيال بأنهم قدموا أغلى ما عندهم لتغيير مجرى تاريخ وطن بات قدوة ونموذج للآخرين. وأن من جاء بعدهم يسيرون على نهجهم في حماية دولة الإمارات والدفاع عنها بأرواحهم.
أما عن الجديد فيما يتصل بهذه الذكرى العطرة لـ"يوم الشهيد" الإماراتي هو التفكير المستمر لتطوير آليات أداء شباب المواطنين للخدمة الوطنية التي تجسد عملياً مشاركة الجميع في الدفاع عن الوطن. فقبل أيام قليلة، عقدت لجنة شؤون الدفاع والداخلية والخارجية في المجلس الوطني الاتحادي (السلطة التشريعية) حلقة نقاشية بعنوان "تطوير منظومة الخدمة الوطنية"، وذلك في إطار خطة عمل اللجنة لمناقشة سياسة هيئة الخدمة الوطنية والاحتياطية. وكان الملفت في الندوة أن مجريات النقاش تطرقت إلى جوانب جديدة في كيفية تطوير الخدمة الوطنية. لعل أهمها: اقتراح أن يتم السماح لمنتسبي الخدمة الوطنية باستكمال دراستهم عن بعد، لتجنب سلبيات الانقطاع عن الدراسة في فترة تأدية الخدمة، ما يعني أن إحياء الذكرى لا يلغي التفكير في المستقبل بقدر ما أنه حافز إيجابي لاستشرافه.
ونحن نحي هذه الذكرى الوطنية، ونستخلص كل المعاني التي تهدف قيادتنا إلى ترسيخها لكل من ينتمي لهذه الأرض، فإننا نجزم أن الرسالة الإماراتية وصلت إلى الأعداء قبل الأصدقاء بأن يوم الشهيد في الإمارات هو يوم عيد نفتدي فيه وطننا، دولة الإمارات.
وأن سقوط دماءنا في سبيله هو فخر لكل إماراتي من أجل العيش فيه بكرامة ومن أجل أن يبقى علمه مرفوعاً عالياً وشامخاً.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة