ثمة خلاف واختلاف في تعريف التسامح، يراه البعض تغاضياً على ما يظنه اعتقاداً خاطئاً -وهو تغاضٍ حتى حين -، ويراه آخرون تبنياً لفكر وفكرة الآخر ، وإن عارضت ما يعتقدونه بشكل واضح،
وليس هناك تعريف متوسط بين الطرفين ، حيث إن التسامح هو التقبل دون النظر إلى معتقدات المختلف كأخطاء ، -فهي من وجهة نظره حقيقة وحق يستدعي الاحترام-، والتسامح هو القبول دون التبني بالضرورة ودون التخلي عن المعتقد.
وقد حمّل موضوع التسامح الكثير من المغالطات بسبب أعدائه، والمنتفعين من نظرية المؤامرة والأحقاد التاريخية والاستعداء الديني، فكالوا له التهم، أملاً في تحييد هذا المفهوم الداعي للتقدم وتجاوز الخلافات وقبول الاختلاف ، وتعزيز ثقافة العيش المشترك ونشر السلام وتأصيل الحوار ومكافحة التطرف.
لقد برز مفهوم التسامح وانتشر بشكل كبير خلال السنوات الأخيرة ، ويعود الفضل في ذلك لدولة الإمارات العربية المتحدة، التي تصدت لهذا الموضوع ، هدفها في ذلك نشر هذه القيمة المتأصلة في المجتمع الإماراتي إلى العالم أجمع ، لا سيما بعد انتشار العنف في الشرق الأوسط عقب ما عرف بالربيع العربي ، فحملت راية التسامح وعرّفت العالم بإمكانية انتقال الفكرة إلى التطبيق والتشريع ، لتقر قوانين مكافحة التمييز والكراهية وتؤسس وزارة للتسامح وتستضيف أبرز الشخصيات العالمية المؤثرة على أرضها ، وتؤسس أهم المراكز العالمية لمكافحة التطرف والإرهاب ، كل ذلك بعد أن رسخت قيم التسامح في المجتمع الذي نعم أفراده بمختلف خلفياتهم بحياة ملؤها المساواة والاحترام.
إن التسامح قيمة ضرورية لابد من تعزيزها لدى المجتمعات ، حيث إن العيش المشترك يقي البشرية من تكرار خسارات فادحة تكبدتها سابقاً وأدت إلى إزهاق الأرواح وتدمير البلدان ، بسبب رفض فكر الآخر المختلف واستعدائه ، فيما تحقق قيمة التسامح مكاسب اجتماعية واقتصادية جمة ، ولنا في النماذج التي تبنت التسامح خير دليل حيث الازدهار والتقدم ، فيما أفضت المجتمعات التي برزت فيها الكراهية إلى الخراب والدمار، ويعزز التسامح قيمة حرية المعتقد التي يحتاج الجميع من كافة الأديان والملل إلى حمايتها.
ختاماً… لا يزال العالم يبحث عن طريقة للعيش المشترك وتقبل الآخر، في ظل كراهية تزداد يوماً بعد يوم، وخطاب متطرف تقابله ردة فعل أكثر تطرفاً ومبالغة، فيما سبقت الإمارات الجميع بترسيخ قيمة التسامح خلال سنوات طويلة ونقلت تلك القيمة النبيلة إلى الوجدان الجمعي وتأصيله في الشخصية الإنسانية، وزرعت بذوره في كل مكان، وقد آن للعالم أن يتعلم من الإمارات.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة