في السادس من مايو قبل 105 أعوام، ارتكب العثمانيون مجزرة بعد 4 قرون من الاحتلال، أذاقوا العرب خلالها ويلات الظلم والقهر والاستبداد.
مع اندلاع الحرب العالمية الأولى، طالب الأدباء والمفكرون في سوريا ولبنان بالمساواة بين العرب والأتراك، فقرر أحمد جمال باشا -الذي تم تعيينه حاكما على بلاد الشام عام 1915- التخلص منهم دفعة واحدة.
بتُهَمٍ كاذبة ملفقة، وبلا أي معايير قانونية، أقام الحاكم الذي عُرف بالسفاح، محكمة شكلية بمنطقة عاليْه في جبل لبنان، وأصدر حكمه بإعدام خيرة أصحاب الرأي في بلاد الشام
ما إن وصل الخبر إلى أسماع شريف مكة الحسين بن علي، حتى أرسل ولده الأمير فيصل؛ لمنع جمال باشا من ارتكاب المجزرة، لكن دون جدوى فأعلن الشريف حسين في العاشر من يونيو عام 1916 انطلاقة الثورة العربية للتخلص من العثمانيين.
جرى تنفيذ الإعدام بحق الأدباء والمفكرين على مرحلتين:الأولى يوم 21 أغسطس 1915، أعدم فيها عشرات الصحفيين والكتاب والحقوقيين، منهم عبدالكريم محمود الخليل، والأَخوان محمد ومحمود المحمصاني، وصالح حيدر الذي قال قبل إعدامه: "نموت ولتكن جماجمنا أساس الاستقلال العربي".
ومع بزوغ فجر السادس من مايو عام 1916، كانت موجة الإعدام الثانية: عُلّقت المشانق في ساحة المرجة بدمشق، وأعدم المفكر عبدالحميد الزهراوي، والأديب شفيق بك العظم، والأمير عمر الجزائري، حفيد الأمير عبدالقادر الجزائري، والكاتب رشدي الشمعة، والشاعر رفيق رزق سلوم، وغيرهم.
تكرر المشهد الحزين في اللحظة ذاتها بساحة البرج في بيروت، وقبضت الحبال على أعناق 14 منارة من منارات العلم والفكر، منهم الكاتب عبدالغني العريسي، والمفكر سليم الجزائري، والشاعران عمر حمد وجورج حداد، وعلي بن عمر النشاشيبي وآخرون، كان ذنب كل هؤلاء الوحيد هو حبهم لبلادهم ومطالبتهم برفع الظلم عن شعبهم.
ولكثرة الدماء البريئة التي سفحها جمال باشا، أُطلق عليه لقب "السفاح"، وأطلق السوريون واللبنانيون على كل من ساحتي المرجة والبرج، اسم ساحة الشهداء، واتخذوا من يوم السادس من مايو عيدا وطنيا يحتفلون به في كلا البلدين، وبدل أن يكون يوما للحزن والإحباط، صار يوما للعزة والكرامة.