الشهادة الإماراتية التي أزهرت ريحاناً وأقحواناً في صرواح بمأرب في أرضنا العربية الغالية في اليمن، لم تكن حدثاً طارئاً مستجداً
الشهادة الإماراتية التي أزهرت ريحاناً وأقحواناً في صرواح بمأرب في أرضنا العربية الغالية في اليمن، لم تكن حدثاً طارئاً مستجداً في تاريخنا الإماراتي الحافل بمواقف البطولة والعز والمروءة والشهامة، فنحن أحفاد أبطال قاوموا كل عدوان وتآمر عبر التاريخ، وحموا أرضهم وعرضهم ببذل الدماء والأنفس رخيصةً في سبيل الوطن.
هذه الشهادة باتت بعد عام من حدوثها مدرسةً نتعلم منها على يد الأحياء عند ربهم، معاني البطولة والفداء وقيم الانتماء للوطن والولاء للقيادة، وهي مدرسةٌ شهاداتها فخرية بامتياز، وشهداؤها معلمون مخلصون بالتطبيق لا بالنظرية، يتنافسون في الارتقاء بقيمهم مكتوبة بدمهم "التضحية"، و"الوفاء" و"الفداء"، بمفردات قليلة تختزل مشاعر عميقة لا يمكن أن يكون التعبير عنها بحبر أو قول، بل بدم يطهّر الأرض من دنس الغريب الطامع بأرضنا ومقدّرات شعوبنا.
ولأن شهادتهم مدرسة، حرصت قيادتنا الرشيدة على تمجيدهم ونشر رسالتهم السامية في الاستشهاد في سبيل الوطن، وحفظت لهم جميلهم الغالي والنبيل، وهنا أستعيد مقولة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة: "إن الاحتفاء بـ"يوم الشهيد" يجسد فخر الدولة قيادة وحكومة وشعبا بتضحيات شهدائها الأبرار، ويؤكد اعتزازها بهم وما قاموا به من أعمال عظيمة، ويعبر عن دعم الدولة أسر الشهداء وذويهم وتقديرها لجهودهم المخلصة في تنشئة أبنائهم على قيم حب الوطن والتضحية والفداء".
إنها الإمارات التي جعلت كلّ واحةٍ من واحاتها "واحة كرامة" ونصباً باقياً لشهدائها الأبرار الذين سطّروا بدمائهم ملحمة الانتماء للوطن والوفاء له. إنها الإمارات التي لا يضيع ثارها ولا تسكت على ضيم ولا تصبر على عدوان، بل تقف إلى جانب شرعية الأرض والإنسان، وشرع الله، في إحقاق الحق المسلوب، والسعي لاستعادته بالدم والعزم والحزم.
هو يوم الشهيد الذي نحتفل به اليوم، اليوم الأغلى على قلوبنا بعد يوم الوطن، والأعلى في مقام الولاء والانتماء بعد الاتحاد، فكياننا الوطني تحميه دماء الشهداء، وتحفظه تضحياتهم، وهم سياج هذا الوطن وشمسه التي تشعُّ بالنور والنار، النور لكل شقيق صديق والنار لكل عدو وعميل.
إنها الإمارات، وهذه واحة الكرامة على مشارف عاصمتنا الحبيبة تشهد على أننا قومٌ لا ينسون لا ثأرهم ولا شهداءهم، وأننا قومٌ نحفظ أمانة الدم في أعناقنا، ونقدّر التضحيات عالياً، بل نغرسها في قلوبنا وأكفّنا لتنبت شجراً شامخاً في رحاب الوطن، وواحاته وصحرائه، وبرّه ومائه، كغافة أو شجرة قرم، كنخلةٍ تشمخ بالعطاء كما تعودناها منذ أول التاريخ، إنها الإمارات، وهذه واحة كرامتنا التي ستستقبل كل زائر لعاصمتنا، لتحكي له قصة البطولة والشهامة التي سطّرها رجالٌ من الإمارات صعدوا إلى الشمس أو أبعد، وحملوا رايتنا خفاقةً عاليةً بين الأمم.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة