أصيبت بالشلل وفُجعت بوالدها.. فتاة عراقية تنتصر على الإرهاب بالرسم (صور)
رغم فقدانها المشي في سن مبكرة من الطفولة وفجعتها بوفاة والدها والعيش في مخيمات النزوح، إلا أنها لم تستسلم لليأس والانكسار.
مريم فتاة عراقية لم تتجاوز الـ17 من العمر، أصابها شلل دائم في أطرافها السفلى نتيجة انفجار سيارة مفخخة، حيث ضربتها شظية في حبلها الشوكي حين كانت برفقة والدتها وأختها قبل 15 عاما عند سوق شعبية في مدينة الموصل التي تنحدر منها.
واختارت مريم تعويض تلك الصدمة المبكرة على حياتها، ونمَّت موهبتها في الرسم.
مريم ترسم حياة دافقة لا تعرف السكون وفقدان الحركة، عبر مزج الألوان برغبة الإرادة وعنفوان العزيمة على الاستمرار في بث العطاء، وإن كان من داخل كرسي متحرك.
وحرصت عائلة مريم على تقديم الدعم والمساندة لموهبتها، والمساهمة في تطوير قدراتها، وخصوصا والدها الذي جالسها ليال وأياما حتى يبعث فيها الاستمرار والتواصل مع تنمية موهبتها، ولكن الأقدار لم تدع لها ذلك، حتى فجعت فيه عام 2015 عندما خرج ورجع جثة هامدة بنيران الإرهاب.
تقول مريم لـ"العين الإخبارية"، إنها اختارت الاستمرار في ممارسة الرسم طبقاً لوصية والدها، الذي كان يحثها على أن تكون يوما من الأيام فنانة مشهورة، تطرز لوحاتها جدران المعارض الفنية والمنازل.
وتستدرك بالقول: "بعد نحو عامين من مقتل والدي اضطرتنا ظروف الإرهاب واحتلال تنظيم داعش لمدينة الموصل إلى النزوح نحو المخيمات في أربيل، ما اضطرني إلى مغادرة الدراسة وأنا في المرحلة الثالثة من المستوى الابتدائي".
خسرت مريم التركمانية، دراستها ومنزلها وأطرافها ووالدها، لكنها لم ترفع الراية البيضاء وأصرت على أن تستكمل مشوارها في الحياة.
تتحدث مريم عن مشاهد وذكريات في مخيمات النزوح: "كنت أطارد قساوة ذلك المكان وفقدان أبسط أسباب الراحة، برسم مناظر لوحات مستوحاة من خيالي إلى الأشياء".
قبل أكثر من 3 أعوام، رفعت منظمة أمريكية لأعمال الإغاثة جزءا من ذلك الحيف عن عائلة مريم، بعد أن استأجرت منزلا في أربيل لأفراد الأسرة ومساعدتهم في الخلاص من العيش داخل مخيم النزوح.
تكورت رسومات مريم وباتت خطوطها تزداد دقة وتكوينا بتقادم الأيام، ما ساعدها على إقامة أول معرض فني لها في محافظة أربيل، حضره جمع غفير من المهتمين والمقربين.
وعن ذلك تقول الفتاة التركمانية: "لا يمكن وصف فرحتي في إقامة ذلك المعرض.. شاهدت الزائرين يتجولون ما بين لوحاتي وأجد الدهشة والانبهار على وجوه الكثير منهم".
وتضيف: "كان ذلك أول الغيث، حيث ما يزال لدي الطموح في تطوير مقدرتي الفنية أكبر وبشكل أوسع، حتى أستطيع جلب الأنظار- ليس المحلية فحسب وحتى الدولية- نحو موهبتي بالرسم".
وعن أمنياتها، تتحدث مريم: "أرغب في أن أكمل دراستي وأتقدم أكثر في نُضج موهبتي الفنية.. أنا أحب أن أعيش مميزة ومبدعة في ناصية هذه الحياة".