"مصدر".. مملكة الطاقة النظيفة والهيدروجين الأخضر على الأرض
حققت شركة أبوظبي لطاقة المستقبل "مصدر" الإماراتية إنجازات بارزة منذ تأسيسها 2006، كواحدة من أسرع شركات الطاقة المتجددة نموا عالميا.
النجاح الذي حققته الشركة خلال تلك الفترة لم يكن وليد الصدفة، بل جاء نتاج رؤية استشرافية سباقة سعت لنشر حلول للطاقة الصديقة للبيئة ودفع الجهود الدولية لمواجهة خطر التغير المناخي الذي يهدد الكثير من بلدان العالم.
وجاءت جهود "مصدر" السبّاقة سعيا منها لدعم التحول نحو مصادر الطاقة النظيفة التي تسعى لدعم اقتصادي مستدام وتحقيق رؤية دولة الإمارات للعمل المناخي.
حلقة هامة في الحياد المناخي
وتتوافق أهداف "مصدر" مع استراتيجية الإمارات لتحقيق الحياد المناخي بحلول عام 2050، وتساهم بشكل فاعل في دعم استعداداتها لاستضافة الدورة الثامنة والعشرين لمؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ "COP 28" العام المقبل.
ولدولة الإمارات دور رائد في العمل المناخي بصفتها شريكاً مسؤولاً وموثوقاً للمجتمع الدولي في دعم جهود التحول إلى الطاقة النظيفة، إذ تحتضن 3 من أكبر مشروعات الطاقة الشمسية في العالم وأقلها في تكلفة الإنتاج، كما استثمرت أكثر من 50 مليار دولار في مشروعات الطاقة المتجددة في 70 دولة في أنحاء العالم، وتعتزم إطلاق استثمارات إضافية بقيمة 50 مليار دولار بحلول 2030.
كذلك تعد دولة الإمارات أول دولة في المنطقة توقع وتصدق على اتفاق باريس للمناخ وتلتزم بخفض الانبعاثات في جميع القطاعات الاقتصادية وتعلن مبادرة استراتيجية سعياً لتحقيق الحياد المناخي بحلول عام 2050، وانطلاقاً من سجلها الحافل والريادي، تتعهد دولة الإمارات برفع سقف الطموح في هذا العقد الحاسم بالنسبة للعمل المناخي.
وتولي دولة الإمارات اهتماماً كبيراً باستضافتها مؤتمر الأطراف COP28 انطلاقاً من التزامها بالعمل المناخي العالمي وما يمثله المؤتمر من محطة مهمة فيه، خاصة أنه سيشهد أول حصيلة عالمية لتقييم التقدم المحرز في تنفيذ أهداف اتفاق باريس.
وفي هذا الإطار أصدر الشيخ منصور بن زايد آل نهيان، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير ديوان الرئاسة في دولة الإمارات، اليوم، قراراً بتكليف الدكتور سلطان بن أحمد الجابر المبعوث الخاص لدولة الإمارات للتغير المناخي رئيساً معيَّناً للدورة الثامنة والعشرين من مؤتمر الأطراف COP28.
ترسيخ مكانة الإمارات
وتمكنت "مصدر" من خلال مشاريعها واستثماراتها المتنوعة في ترسيخ مكانة الإمارات الرائدة عالمياً كمصدر موثوقا للطاقة وتأكيد ريادتها في مجال الابتكار وبناء اقتصاد قائم على المعرفة وتنويع مزيج الطاقة.
وتعمل شركة "مصدر" على تسخير خبراتها لدعم تطوير مشاريع الطاقة المتجددة وفي ضوء استعداد دولة الإمارات لاستضافة الدورة المقبلة لمؤتمر "كوب 28" فإن "مصدر" تتطلع إلى التعاون مع شركائها لإحراز تقدم ملموس في مجال تحول الطاقة الذي من شأنه أن يعود بفوائد كبيرة على كل من النمو الاقتصادي والعمل المناخي.
ووجهت قيادة دولة الإمارات بإطلاق شركة "مصدر" في عام 2006 وتم تكليف الدكتور سلطان بن أحمد الجابر، وزير الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة، المبعوث الخاص لدولة الإمارات للتغير المناخي رئيس مجلس إدارة "مصدر" بالإشراف على تأسيسها حيث كان يشغل في ذلك الحين مهمة رئيسها التنفيذي، وذلك للمساهمة في جهود التنويع الاقتصادي ومصادر الطاقة في دولة الإمارات من خلال النهوض بتطوير ونشر وتسويق حلول الطاقة المتجددة والتقنيات النظيفة.
وتطمح "مصدر" لترسيخ مكانتها كشركة وطنية رائدة في مجال الطاقة النظيفة في دولة الإمارات، وتسعى إلى تعزيز قدرتها الإنتاجية لتصل إلى 100 غيغاواط من الطاقة المتجدّدة بحلول العام 2030، علماً بأنّ النسبة الأكبر ستُعزى إلى التقنيات الحديثة لطاقة الرياح والطاقة الشمسية، بما يسهم في ترسيخ مكانتها كشركة عالمية رائدة في هذا القطاع.
توسيع مملكة الهيدروجين الأخضر
وبموجب رؤيتها الخضراء تعمل "مصدر" إلى توسيع نطاق أعمالها الناشئة في مجال الهيدروجين الأخضر بوتيرة سريعة لتبلغ قدرة إنتاجية سنوية تصل إلى مليون طنٍ من الهيدروجين بحلول العام 2030، وهو ما يعادل تفادي أكثر من ستة ملايين طنٍ من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون.
وكانت "مصدر" سباقة نحو الاستثمار في مجال الهيدرجين الأخضر، إذ تعمل الشركة حالياً على قيادة مبادرات نوعية في هذا القطاع الحيوي، ومن ضمنها تأسيس مشروع محطة تجريبية في مدينة مصدر، المدينة المستدامة الرائدة في أبوظبي، لاستكشاف فرص تطوير الهيدروجين الأخضر والوقود المستدام وإنتاج الكيروسين من الكهرباء لأغراض النقل والطيران بالتعاون مع شركاء محليين وعالميين.
وتندرج هذه المبادرة أيضاً في إطار "تحالف أبوظبي للهيدروجين" الذي تم تشكيله بموجب مذكرة تفاهم بين "مبادلة" وشركة بترول أبوظبي الوطنية "أدنوك" والشركة القابضة ADQ، ويهدف إلى تطوير اقتصاد الهيدروجين في دولة الإمارات.
وستركز المرحلة الأولى من المشروع على إنتاج هيدروجين أخضر يتم فيها تحويله إلى وقود مستدام للطائرات وسيتم استخدام جزء من الهيدروجين لتطبيقات وتجارب أخرى لتزويد المركبات والحافلات بالوقود ضمن مدينة مصدر.. وسيتم بالتوازي مع ذلك بناء محطة لإنتاج كيروسين صناعي.
ومن خلال هذا المشروع، ستساهم الشركات المشاركة في الحد من البصمة الكربونية للدولة، وتعزيز الطلب المحلي على مصادر الوقود المستدامة، فضلاً عن توفير المعارف والخبرة الفنية الأساسية لإنتاج هذا النوع من الوقود محلياً.
محفظة تنثر "الأخضر" في 40 دولة
وتنتشر محفظة مشاريع "مصدر" في أكثر من 40 دولة حول العالم، تفوق قيمتها الإجمالية 20 مليار دولار.
وخلال العام الماضي وحده، تمكنت "مصدر" من توسيع محفظة مشاريعها للطاقة النظيفة بنسبة 40 في المائة لتبلغ قدرتها الإنتاجية الإجمالية أكثر من 15 جيجاواط، فضلاً عن مساهمة هذه المشاريع في تفادي إطلاق قرابة 19.5 مليون طن من الانبعاثات الكربونية سنوياً.
وتحفل مسيرة "مصدر" في قطاع الطاقة النظيفة والتقنيات المبتكرة بالعديد من الإنجازات والمشاريع المهمة على مستوى دولة الإمارات والعالم، فقد أنجزت في عام 2013 محطة شمس التي تعد إحدى أكبر المحطات قيد التشغيل للطاقة الشمسية المركزة في العالم وأكبر مشاريع الطاقة المتجددة في منطقة الشرق الأوسط.
كما نجحت "مصدر" في إنجاز المرحلة الثالثة من مجمع محمد بن راشد آل مكتوم للطاقة الشمسية بقدرة 800 ميجاواط في دبي، وتشارك في تطوير مشروع محطة الظفرة، التي تعدّ أكبر محطة طاقة شمسية في العالم، بقدرة 2 غيغاواط.
مشاريع "مصدر" تضئ العالم
وعلى صعيد المنطقة، طورت "مصدر" محطة "ظُفار لطاقة الرياح" في سلطنة عُمان، وهي أول مشروع واسع النطاق لطاقة الرياح في منطقة الخليج العربي. ومحطة دومة الجندل لطاقة الرياح، الأكبر من نوعها في الشرق الأوسط والأولى من نوعها في المملكة العربية السعودية بقدرة 400 ميجاواط، ومحطة الطفيلة لطاقة الرياح في المملكة الأردنية الهاشمية.
وتضم مشاريع "مصدر" على الصعيد العالمي العديد من المشاريع المميزة، من ضمنها ثلاثة مشاريع في المملكة المتحدة وهي مصفوفة لندن، التي تعد إحدى أكبر محطات طاقة الرياح البحرية في العالم قيد التشغيل، ومحطة "هايويند سكوتلاند"، أول محطة طاقة رياح بحرية عائمة على مستوى تجاري في العالم.. فضلاً عن محطة "دادجون" لطاقة الرياح البحرية التي تتألف من 67 توربيناً وتبلغ قدرتها الإنتاجية 402 ميغاواط.
وتتولى الشركة تطوير وتشغيل محطة طاقة شمسية كهروضوئية باستطاعة 230 ميجاواط في أذربيجان، إضافة إلى تطوير أول محطة طاقة شمسية عائمة في أندونيسيا، تبلغ قدرتها الإنتاجية 145 ميجاواط، وتمتد على مساحة 225 هكتاراً على سطح مياه سد "شيراتا".
ولدى "مصدر" العديد من الاستثمارات العالمية المهمة، كمساهمتها في صندوق للاستثمار في تطوير البنية التحتية لشحن المركبات الكهربائية الذي أطلقته وزارة الخزانة البريطانية، واستثماراتها في مجموعة واسعة من محطات الطاقة الشمسية وطاقة الرياح بالولايات المتحدة الأمريكية.
ووقعت الشركة أيضاً العديد من الاتفاقيات خلال العام الحالي شملت تطوير مشاريع في كل مصر وتركمانستان والأردن وأذربيجان كازاخستان وغيرها.
كما سجّلت "مصدر" مشاركة فاعلة في مؤتمر COP27 الذي أقيم في مدينة شرم الشيخ المصرية فقد أسهمت في توفير طاقة نظيفة ومتجددة لموقع انعقاد المؤتمر وذلك عبر محطة الطاقة الشمسية الكهروضوئية التي قامت بتطويرها في مدينة شرم الشيخ، كما وقّعت الشركة خلال المؤتمر العديد من الاتفاقيات المهمة التي تسهم في تعزيز مشاريع وأنشطة الشركة التجارية وتدعم استراتيجيتها بعيدة المدى، وتسهم في دعم الأهداف الاقتصادية التنموية والاجتماعية لدولة الإمارات.
كما تم الإعلان العام الماضي عن توقيع كل من شركة بترول أبوظبي الوطنية (أدنوك) وشركة "بي بي" وشركة "مصدر" اتفاقيات للتعاون الاستراتيجي لتوسعة مجالات الشراكة الثنائية بين دولة الإمارات والمملكة المتحدة في مجال الاستدامة، بما في ذلك تطوير مركزين للهيدروجين النظيف في كل من دولة الإمارات والمملكة المتحدة بطاقة إنتاجية تبلغ 2 جيجاواط.
واستكمالاً لهذه الجهود، أعلنت "مصدر" عن تعاونها مع شركة "إنجي"، الرائدة عالمياً في توفير خدمات الطاقة منخفضة الكربون، وتوقيع الشركتين اتفاقية مع شركة "فرتيجلوب"، أكبر مصدر بحري لليوريا والأمونيا التجارية، وذلك بهدف تطوير محطة لإنتاج الهيدروجين الأخضر بتكلفة تنافسية عالمية في دولة الإمارات بقدرة إنتاجية تصل إلى 200 ميجاواط، وذلك لدعم عمليات إنتاج الأمونيا الخضراء.
كما وقعت "مصدر" اتفاقية مع "كوزمو انرجي هولدينجز كو"، إحدى كبرى شركات الطاقة في اليابان، وذلك لاستكشاف فرص تطوير مشاريع طاقة متجددة تشمل مشاريع في مجال طاقة الرياح البحرية باليابان، فضلاً عن التعاون في مجالات الهيدروجين، والمشاريع المتعلقة بالأمونيا، والتقاط واستخدام وتخزين الكربون، ونظم بطاريات تخزين الطاقة، وأنشطة التجارة بالطاقة.
وقد شهد مؤتمر COP27 أيضاً توقيع "مصدر" وائتلاف شركائها "انفنيتي باور القابضة"، وشركة "حسن علام للمرافق"، اتفاقية إطارية مع مؤسسات مصرية حكومية رائدة لتطوير مشروع للهيدروجين الأخضر بقدرة 2 جيجاواط ضمن المنطقة الاقتصادية لقناة السويس.
ويخطط الائتلاف خلال المرحلة الأولى من المشروع لإنشاء محطة لإنتاج الهيدروجين في المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، على أن تبدأ عمليات التشغيل بحلول عام 2026، بهدف تموين سفن النقل البحري في القناة.
وسيتم زيادة محطات تصنيع المحللات الكهربائية ضمن المنطقة الاقتصادية لقناة السويس وعلى ساحل البحر الأبيض المتوسط لتوفر طاقة إنتاجية قد تصل إلى 4 جيجاواط بحلول عام 2030 لإنتاج 2.3 مليون طن من الأمونيا الخضراء المعدة للتصدير إلى جانب تزويد الصناعات المحلية بالهيدورجين الأخضر.
الفعاليات والمبادرات الاستراتيجية
جهود "مصدر" لم تتوقف عند المشاريع والاستثمارات في مجال الطاقة النظيفة فقط، بل امتدت لتشمل تنظيم فعاليات وإطلاق مبادرات استراتيجية ومنصات معرفية لبناء حوار فعّال في مجال الاستدامة ودفع المجتمع العالمي لتبني حلول عملية ومبتكرة تسهم في الحد من آثار التغير المناخي.
ومن بين هذه المبادرات الاستراتيجية أسبوع أبوظبي للاستدامة الذي انطلق في عام 2008 بهدف تسريع الجهود الهادفة لتحقيق التنمية المستدامة ودفع عجلة النمو الاقتصادي والاجتماعي والبيئي.
وسيسهم أسبوع أبوظبي للاستدامة 2023 الذي يعقد في الفترة بين 14 إلى 21 يناير المقبل، بدور حيوي في ضمان المحافظة على زخم الاهتمام والجهود في الفترة بين مؤتمري المناخ "COP27" و"COP28" حيث سيوفر منصة لتحفيز الحوار الفعال بين مختلف الشركاء حول العالم من أجل التوصل إلى حلول عملية لمواجهة التحديات المناخية وتحقيق الحياد المناخي في المستقبل بالتوازي مع دفع عجلة التنمية بشكل مستدام .
وسيركز أسبوع أبوظبي للاستدامة على تعزيز الجدوى التجارية للابتكارات التقنية النظيفة وذلك بما يتماشى مع المبادرة الاستراتيجية التي أطلقتها دولة الإمارات لتحقيق الحياد المناخي بحلول عام 2050 باعتبارها نهجا عملا لتحقيق النمو الاقتصادي المستدام.
aXA6IDE4LjIyNS4xNDkuMTU4IA== جزيرة ام اند امز