أردوغان من نفط سوريا لـ"سمك موريتانيا".. مسارات نهب واستنزاف
لا يتوانى النظام التركي بقيادة رجب طيب أردوغان عن محاولات مد نفوذه خارجيا واستغلال الأزمات في المنطقة لنهب خيراتها ضمن محاولات فاشلة لإنقاذ اقتصاد بلاده المنهار.
فمن نفط سوريا وثروات ليبيا وغاز منطقة شرق المتوسط، إلى موريتانيا التي يعمل أردوغان على نهب ثروتها السمكية عبر اتفاقيات وهمية.
وخلال الآونة الأخيرة، تسود حالة من السخط في موريتانيا جراء ما كشفه تقرير رسمي حول نهب تركي لثروة البلاد السمكية خارج الاتفاقية الموقعة بين البلدين في هذا المجال قبل سنوات.
الناطق الرسمي باسم الحكومة الموريتانية، سيدي ولد سالم، دخل خط الأزمة، معتبرا، في رده على سؤال حول ذلك التقرير، أن الانخفاض الحاد في مخزون البلاد من أسماك "الأخطبوط" قد يكون ناتجا بالفعل عن طرق الاستغلال، في إشارة إلى قضية الاستنزاف التركي.
وحذر محللون موريتانيون في تصريحات خاصة لـ"العين الإخبارية" مما تواجهه البلاد من خطر نفاد لهذه الثروة التي يعتمد عليها اقتصاد البلاد، إذا لم يتم وقف تلك الاتفاقيات (وقعت في 2017) مع الجانب التركي وطردهم من شواطئ البلاد البحرية.
المحلل السياسي والناشط المدني، حمزة المحفوظ، اعتبر أن رسالة والي نواذيبو، يحيى ولد الشيخ محمد فال، التي دقت ناقوس خطر الاستنزاف التركي هي "بمثابة صرخة استغاثة من أجل التدخل لوقف الاستنزاف التركي لثروتنا السمكية" على حد تعبيره.
وأوضح المحفوظ، في تصريحات لـ"العين الإخبارية"، أن هذه الصرخة تؤكد بما لا يدع مجالا للشك ما يتحدث عنه النشطاء والمنظمات المحلية والدولية من اجتثاث وتدمير لهذه الثروة منذ دخول تركيا بأساطيلها الضخمة في المياه الموريتانية.
واعتبر أن "الأساطيل التركية تقوم باصطياد كافة أنواع الأسماك وبكميات مهولة في تحد سافر لجميع الاتفاقيات والأعراف بتواطؤ من مسؤولين محليين همهم الوحيد هو منافعهم الشخصية وأرباحهم الخاصة".
وبيّن المحلل السياسي والناشط المدني أن سلوك الأتراك معروف تجاه ثروات الوطن العربي، ويتجلى ذلك في استغلالهم للحرب في سوريا وسرقتهم للنفط وامتهانهم لتجارة السلاح والبشر هناك، تماما كما هو حاصل في الشأن الليبي، إذ يستغل الأتراك اليوم ضعف بنية الدولة الليبية للاستحواذ على ثروات ليبيا واستنزافها.
وطالب المحفوظ الدولة الموريتانية بمواجهة البطش التركي بالثروة السمكية ومراجعة جميع الاتفاقيات وتقديم الضالعين في هذه الجرائم للعدالة وتغريم الأساطيل التركية من أجل تعويض الخسائر الفادحة التي لحقت بهذا القطاع.
وأكد على ضرورة تشديد الرقابة ضد هؤلاء الأتراك وانتهاج قدر كبير من الصرامة في هذا المجال، وإلا فإن هذا التدهور سيصل مدى لا رجعة فيه، وحينها لن يكون للرجعة من سبيل.
عدوان على الشعب الموريتاني
أما الكاتب والمحلل السياسي، محفوظ الجيلاني، فاعتبر أنه لم يعد من المقبول السكوت على عبث شركات الصيد الصناعي التركي التي تعيث فسادا بالمياه الإقليمية الموريتانية.
وشدد الجيلاني، في تصريحات لـ"العين الإخبارية"، على ضرورة تعطيل الاتفاقيات المبرمة مع هذه الشركات ووقفها عند حدها وأن تفرض عليها غرامات وتطردها من المياه الموريتانية بعدما تبين من تجاوز وتعد فاضح على ثروة البلاد.
وأوضح الكاتب والمحلل السياسي أن هناك تقارير ميدانية من قبل مختصين في القطاع يتحدثون عن أساليب خداعية يمارسها هذا الأسطول حتى تصل شباكه إلى مناطق محظورة حيث يعتدي على عينات نادرة من الأسماك ما يؤثر على الأحياء البحرية ويخل بالتوازن البيئي ويهدد هذه الثروة الطبيعية بالانقراض.
وأشار إلى أن هجوم الأتراك على هذه الثروة السمكية واجتياحهم لها هو عدوان على الشعب الموريتاني واستهداف له في لقمة عيشه لا سيما أن هذه الثروة الاستراتيجية هي أهم مصدر للبلاد.
وأكد على أنه من العار على الرئيس التركي أن يعمد لتفقير الشعب الموريتاني واستهدافه في قوته ومصدر حياته لا سيما في ظل استنزافه الشرس لهذه الثروة عبر استعماله لتقنيات مميتة ومدمرة لهذه الثروة.
ولفت إلى أن السرقة التركية للثروات البحرية الموريتانية لا تختلف عن جرائمهم بحق الشعب السوري والعراقي والليبي، وتنسجم مع أطماعه الاستعمارية والتوسعية.
"رسالة الوالي" تفضح المستور
وكشفت رسالة والي "نواذيبو" الموريتانية لوزارة الصيد بالبلاد، الأحد الماضي، عن حجم الكارثة والمخاطر المحدقة بالثروة السمكية جراء استنزاف الأسطول التركي لها.
رسالة أشعلت فور انتشارها على وسائل التواصل الاجتماعي حملة إشادات واسعة بشجاعة الوالي، وتأكيدات على ضرورة التصدي للعبث التركي بمقدرات البلاد وثرواتها، وإغلاق الباب أمام هذا "الغول الذي لا يرحم".
أرقام رسمية كشفت، الأحد، هبوط مخزون أسماك "الأخطبوط" في موريتانيا بسبب الاستنزاف الشرس الذي يمارسه الأسطول التركي.
ووفق إحصاء رسمي اطلعت عليه "العين الإخبارية"، فإن الكمية التي تم اصطيادها من سمك "الأخطبوط" في ديسمبر/كانون الأول الماضي لم تتجاوز 654 طنا مقابل 4384 في نفس الشهر من 2019.
وأرجع الانخفاض الحاد إلى الاستنزاف الذي يمارسه الأسطول التركي للثروة السمكية، وطالبت السلطات بوقف هذا الاستنزاف عبر "تشديد الرقابة" على الأسطول التركي.
وأوصى والي "نواذيبو" الموريتانية في رسالته بضرورة إغلاق مصائد البلاد البحرية أمام اصطياد "الأخطبوط" لمدة أربعة أشهر، خاصة أنه من أهم صادرات البلاد.
أنقذوا "نواذيبو"
الكاتب والإعلامي الموريتاني، نعمة محمد عمر، دعا عبر صفحته على "فيسبوك"، السلطات لمراجعة هذه الوضعية فورا، مشيرا إلى أن خطورة الموقف عكستها "الصرخة" التي "جاءت من طرف السلطات الإدارية، وليس النشطاء أو أجهزة الرقابة".
واعتبر عمر "أن أي تقاعس عن وقف هذا الاستنزاف، سيحمل الشعب مسؤوليته لكل المتقاعسين والمنبطحين"، مختتما "التاريخ لا يرحم".
أما الكاتب والإعلامي الموريتاني، عبدالله اتفاغ المختار، فأشاد، عبر حسابه على "فيسبوك"، بما قام به والي مدينة نواذيبو، مركز الثروة السمكية في البلاد، معتبرا أن السلطة المحلية قامت بعملها في كشف هذا الاستنزاف، مطالبا بـ"التدخل السريع".
بدوره، حيا إسماعيل الشيخ سيديا، الكاتب والخبير المختص بالقضايا الأفريقية، شجاعة الوالي في كشف هذه الكارثة المحدقة بالثروة السمكية للبلاد.
نهب واستنزاف
أما المدون والناشط الموريتاني، محمد الشنقيطي، فعرض الواقع الحالي لثروة الأسماك، انطلاقا من تجربة له في العمل بهذا المجال.
وأوضح الشنقيطي، في تعليق له على كارثة الاستنزاف التركية، أن نشاط صيد أسماك الأخطبوط الذي كان ميدانا للاستثمار بات يواجه الانهيار.
وأضاف :"كنا نشاهد بحزن ما يقوم به الأتراك من نهب لثروتنا البحرية بسفن صيد كبيرة تأتي على الأخضر واليابس، وفوق ذلك تقوم أحيانا بصدم قوارب الصيادين التقليديين الصغيرة ثم الفرار مما قد يؤدي لحالات غرق ووفيات".
واختتم الناشط والمستثمر السابق في المجال منشوره بالقول إن الوضع يسوء أكثر مع مرور الزمن بسبب شبه انقراض لأنواع كثيرة من السمك بفعل النهب الممنهج.
وكانت نشرة صادرة مؤخرا عن المعهد الموريتاني لبحوث المحيطات والصيد (حكومي)، حول حالة موارد البلد البحرية، أشارت إلى أن مخزون سمك "الأخطبوط" بموريتانيا يتعرض لاستغلال كبير.