رئيس موريتانيا السابق تحت مقصلة القضاء.. "الحصانة" بمواجهة تهم الفساد
بعد إدنته بتهم فساد، وضع قاضي التحقيق بمحكمة نواكشوط الغربية الرئيس الموريتاني محمد ولد عبدالعزيز تحت المراقبة القضائية المشددة لحين صدور الحكم النهائي.
وبديلا للحبس الاحتياطي، قرر القاضي الإفراج عنه بتدابير مشددة بعد إدانته قبل يومين بعدة تهم منها غسل الأموال والإثراء غير المشروع في القضية المعروفة بملف تحقيق اللجنة البرلمانية.
وخلال التحقيقات، رفض ولد عبدالعزيز التهم الموجهة إليه، متمسكا بحصانته الدستورية بموجب المادة 93 من الدستور الذي تحدد مجال مساءلته فيما يتعلق بالخيانة العظمى على أن تكون أمام ما يعرف بمحكمة العدل السامية التي لم تنشأ بعد.
والثلاثاء، تم استدعاء ولد عبدالعزيز و20 شخصا من أركان نظامه السابق، بعد أن أحالت شرطة الجرائم الاقتصادية ملف التحقيق معهم في ملف اللجنة البرلمانية للنيابة العامة بمحكمة ولاية نواكشوط الغربية.
ووجهت النيابة، الخميس، تهمة "الفساد وغسل الأموال والإثراء غير المشروع" إلى الرئيس السابق محمد ولد عبدالعزيز، وأحالته إلى قاضي التحقيق للشروع في "التحقيق الجنائي".
كما وجهت النيابة العامة اتهامات مماثلة لثلاثة عشر شخصا آخرين شملت تبديد ممتلكات الدولة العقارية والنقدية، والحصول على مزايا مادية غير مستحقة من مجموعة عمومية، والتدخل في أعمال تجارية تنافي الصفة الوظيفية عن طريق أخذ وتلقي فوائد من عقود ومزايدات.
وضمت التهم الموجهة للمجموعة منح امتيازات غير مبررة في مجال الصفقات العمومية، استغلال النفوذ، الإثراء غير المشروع، إخفاء العائدات الإجرامية، إعاقة سير العدالة وغسل الأموال.
وتقع هذه التهم تحت طائلة القانون رقم 014/2016 المتعلق بمكافحة الفساد، الذي صادق عليه البرلمان مارس/آذار 2016.
وطلبت النيابة العامة من قاضي التحقيق وضع المتهم تحت "المراقبة القضائية"، حتى اكتمال "التحقيق الجنائي" وتحديد موعد المحاكمة.
العقوبات المنتظرة
ووفق القانون الموريتاني المتعلق بمكافحة الفساد فإن العقوبات المقرّرة بناء على هذه الاتهامات السابقة لولد عبدالعزيز ورفاقه بالحبس من 5 إلى 10 سنوات، فيما يتعلق بالتهمة المتعلقة "الامتيازات غير المبررة في مجال الصفقات العمومية".
أما تهمة اختلاس الممتلكات أو إتلافها أو تبديدها بوسائل أخرى من طرف موظف عمومي التي وردت أيضا ضمن التهم التي وجههتا النيابة الموريتانية للمشمولين في ملف ولد عبدالعزيز فتتمثل عقوباتها في الحبس من 5 إلى 10 سنوات.
وتتمثل عقوبة "استغلال النفوذ" بالحبس من 2 سنة إلى 5 سنوات، فيما سينال المدانون بتهمة إساءة استغلال الوظيفة عقوبة الحبس من 2 سنة إلى 5 سنوات.
أما تلك التهمة المتعلقة بالإثراء غير المشروع فينتظر أن تكون الحرمان من الحقوق المدنية، في حين ستكون عقوبة "إخفاء العائدات الإجرامية" التي وردت ضمن التهم الموجهة للمشمولين في الملف الحبس من سنة إلى 5 سنوات.
سابقة في موريتانيا
واعتبر بعض المحللين أن التطورات القضائية التي تشهدها موريتانيا سابقة في البلد وفي دول المنطقة، لكونها تتعلق بمتابعة رئيس سابق قضائيا على جرائم الفساد كالرشوة واستغلال النفوذ.
وتوقف بعض المحللين كذلك عند طريقة تعاطي النيابة وقاضي التحقيق مع هذا الملف بعدم اللجوء إلى السجن، معتبرين أن الحرية هي الأصل، وهو ما سمح بإيجاد بديل للحبس من خلال قرار النيابة وضع المهتمين تحت المراقبة القضائية.
واعتبر بعض القانونيين أن المراقبة القضائية المشددة، التي خضع لها الرئيس السابق في انتظار محاكمته مثلت بديلا للحبس الاحتياطي التي يمثل أحد الخيارات التي كانت لدى المحكمة نظرا لطبيعة التهم الموجهة لولد عبد العزيز.
فبرأي المحامين أن المراقبة القضائية تلزم المتهم بالتواجد في دائرة قاضيه الطبيعي والتوقيع في سجل خاص بالمراقبة عند الشرطة ثلاث مرات يوميا ويتم تجديدها كل شهرين خمس مرات على الأكثر سنويا.
وبالمقابل فإن هذا الإجراء يمكن أن يكون بديلا عن الحبس الاحتياطي الذي تتفاوت مدده حسب نوع الجرم، إلا أنه في قضايا الفساد قد يصل إلى 3 سنوات ابتداء من سنة واحدة وتجديدها مرتين.
بداية مسار قضائي
واعتبر المحامي الموريتاني والوزير السابق، سيدي محمد ولد محم، أن المرحلة الأولى من ملف الفساد المرتبط بالرئيس السابق ولد عبدالعزيز قد اكتملت بوصول هذا الملف إلى عهدة قطب التحقيق.
وأشار ولد محم، في منشور بحسابه على فيسبوك، إلى أن النيابة العامة وضبطية الشرطة القضائية المتعهدة بالبحث الجنائي في القضية، ومن خلالهما العدالة الموريتانية سجلت نجاحات كبيرة من خلال تسييرها للملف بمهنية واعتدال وموضوعية، مبينا أن السلطة التنفيذية كانت الرابح الأكبر في العملية بحرصها على الابتعاد وعدم التدخل في مسار القضية، على حد تعبيره.
وطالب المحامي ولد محم أن تمتد التحقيقات إلى الأموال المنهوبة والمحتمل إيداعها في الخارج، وذلك بالتعاون مع السلطات القضائية بالبلدان التي يمكن أن تكون هذه الأموال مخبأة بها على حد تعبيره.
استجواب ولد عبدالعزيز
وكانت شرطة الجرائم الاقتصادية الموريتانية قد تحفظت في الـ18 من أغسطس/آب الماضي، على الرئيس السابق محمد ولد عبدالعزيز، للاستماع إليه في تهم فساد أثناء فترة حكمه، كشف عنها تقرير لجنة برلمانية، قبل أن تخلي سبيله بعد أسبوع من الاعتقال.
وأحالت لجنة تحقيق برلمانية شكلتها الجمعية الوطنية الموريتانية مطلع عام 2020، تقريرا إلى النيابة العامة بالبلاد حيث تناول شبهات فساد في 11 ملفا تناولها التحقيق أُثناء فترة حكم الرئيس السابق ما بين عامي 2010 و2019.
وتسلمت النيابة العامة بولاية نواكشوط الغربية، حينها ملف التحقيق البرلماني، بعد إحالته إليها من طرف المدعي العام لمباشرة إجراءات الاستماع للمشمولين في الملف.
ومثل في الملف أمام الشرطة في تلك الفترة وزراء سابقون وبعض كبار الموظفين للتحقيق الابتدائي في شبهات فساد أثارها تقرير صادر عن لجنة تحقيق برلمانية أحيل إلى القضاء.
وشمل الاستجواب مع المتهمين قضايا تتعلق بما يعرف بـ"ملف صفقة التنازل عن رصيف الحاويات بميناء نواكشوط"، والمبرمة في أواخر عهد الرئيس السابق محمد ولد عبدالعزيز.
وأطاح تقرير لجنة التحقيق البرلمانية المحال إلى القضاء بحكومة موريتانيا السابقة برئاسة الوزير الأول السابق إسماعيل ولد سيديا، فيما كلف الرئيس الحالي محمد ولد الغزواني، خبير المياه محمد ولد بلال بتشكيل حكومة جديدة.
aXA6IDE4LjIyMC45Ny4xNjEg جزيرة ام اند امز