أسبوع موريتانيا.. الحزب الحاكم يحسم مرجعيته وعزلة الإخوان تتزايد
عزلة إخوان موريتانيا وفسادهم المتمثل في شبهات التمويل التي تلاحقهم يدفعانهم مجددا للجنوح إلى منهج الصدام والتحريض
وسط محاولات إخوانية لتأليب الشارع الموريتاني عبر ذراعها الطلابية بالجامعات، جدد الحزب الحاكم دعمه لرئيس البلاد، محمد ولد الشيخ الغزواني وحسم الجدل بخصوص مرجعيته التي أكد أنها ليست مرتبطة بالأشخاص وإنما بأسس وبرامج.
عزلة إخوان موريتانيا وفسادهم المتمثل في شبهات التمويل التي تلاحقهم يدفعانهم مجددا للجنوح إلى منهج الصدام والتحريض، للفت الانتباه ومحاولة اختراق الطوق المحكم عليهم.
غير أن بيان المرشح الرئاسي السابق المدعوم من الإخوان سيدي محمد ولد بوبكر الذي أشاد خلاله بإنجازات الغزواني خلال الـ100 يوم الأولى من حكمه (بدأ مطلع يوليو/تموز الماضي)، مثّل ضربة جديدة للجماعة المتطرفة التي حاولت ركوب موجة جديدة من الاحتجاجات الطلابية، عبر ذراعيهما النقابية الطلابية المعروف بـ"الاتحاد الوطني".
وشهد الأسبوع دعوة الرئيس الموريتاني للأمم المتحدة، على هامش مشاركته بمنتدى أمني بالسنغال، لإصدار تفويض لصالح قوة بلدان الساحل المشتركة ومنحها التمويل الدائم لمواجهة الإرهاب.
حراك المرجعية
وشهدت موريتانيا، الأسبوع الماضي، اجتماعا للجنة تسيير الحزب الحاكم بحضور مؤسسه الرئيس السابق ولد عبدالعزيز.
وتم خلال الاجتماع تحديد شهر فبراير/شباط المقبل موعدا لمؤتمر الحزب، بالإضافة إلى تأكيد دعم برنامج الرئيس الغزواني.
كما برزت دعوة الرئيس الموريتاني إلى الأمم المتحدة، على هامش مشاركته بمنتدى أمني بالسنغال، لإصدار تفويض لصالح قوة بلدان الساحل المشتركة ومنحها التمويل الدائم لمواجهة الإرهاب.
وأكد بيان حزب الاتحاد من أجل الجمهورية الحاكم في موريتانيا، أهمية "الوحدة والعمل من أجل مستقبل أفضل، وتعزيز صفوف الحزب، والعمل من أجل ضمان تنفيذ البرنامج الذى انتخب على أساسه الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني، باعتباره رؤية تحكم المرحلة الحالية، وتؤسس على ما تم تحقيقه خلال العشرية الأخيرة"، في إشارة إلى فترة الرئيس السابق ولد عبدالعزيز.
ورغم أن تأكيد البيان دعم الرئيس الغزواني فإنه لم يكن الأول من نوعه خلال الفترة الأخيرة، كما أن الموقف الحالي للحزب، يمثل في رأي المراقبين تطورا مهما في الساحة السياسية نظرا لانعقاده في ظرف يشهد تجاذبات داخل الحزب، حول توازن مراكز القرار داخله من جهة، وكونه موقفا صادرا من اجتماع يحضر رئيسه المؤسس محمد ولد عبدالعزيز.
الحزب وفق مراقبين استطاع حسم الجدل بخصوص المرجعية، والخروج من الخلاف داخله بخصوص هذا الموقف بالتأكيد على أن هذه المرجعية ليست مرتبطة بالأشخاص، وإنما تستند إلى برنامج الحزب السياسي "كمشروع مجتمعي وطني مستمر".
كما نجح الحزب كذلك -وفق المراقبين- في تحديد علاقته بالرئيس الغزواني في هذا الاجتماع من خلال تأكيد الدعم لبرنامجه بوصفه البرنامج نفسه الذي يتقاطع مع برنامج الحزب، واستمرارا لعشرية رئيسه المؤسس الرئيس السابق محمد ولد عبدالعزيز.
مراقبون يرون أن حسم الحزب الحاكم لموضوع المرجعية بهذا الموقف الذي لا ينحاز فيه إلى طرف دون آخر داخل الحزب، هو نجاح آخر للحزب في امتحان وحدة صفه الداخلي يضاف إلى سلسلة نجاحات أخرى أهمها مرحلة تشكيل الحكومة الأخيرة، والتصويت على برنامجها داخل البرلمان، بالإضافة إلى إشكالية توزيع المناصب البرلمانية التي تم حسمها مؤخرا.
صعوبة اختراق الأغلبية
المختار ولد عبدالله، الكاتب والمحلل السياسي ومسؤول الإعلام بالحزب الحاكم، اعتبر أنه مهما يكن من مآل نتائج وتفاعلات المخاض الجاري في حزب الاتحاد من أجل الجمهورية، فإن ما وصفه بـ"الفصل بين الثنائي الرئيس الحالي الغزواني والسابق ولد عبدالعزيز سيكون في حكم المستعصي جدا"، وفق تعبيره.
واعتبر ولد عبدالله، في تدوينة على "فيسبوك" أن ما وصفها بـ"العلاقة الخاصة بين الرجلين لن يكون من السهل اختراق تحصيناتها السياسية والأمنية وحتى الإنسانية ذات الجذور العميقة".
وأشار إلى أن ما دعاه "صميم السذاجة هو محاولة تفخيخ الأرضية السياسية التي تقف عليها مكونات الأغلبية الداعمة للرئيس الغزواني" في إشارة إلى دور بعض كتاب المعارضة في بذر التفرقة في صفوف الأغلبية .
الحل الديمقراطي
أما الكاتب والمحلل السياسي سيدي محمد ولد معي، القيادي في الحزب الحاكم ونائب مدير الوكالة الموريتانية للأنباء، فاعتبر أن ما يجري من تضخيم لتباينات المشهد داخل الأغلبية يمثل محاولة لتشويه صورة بلد يعيش تداولا سلميا على السلطة غير مسبوق في تاريخه"، على حد تعبيره.
وأشار معي لـ"العين الإخبارية" إلى أن هناك إجماعا ديمقراطيا على رئيس منتخب هو الغزواني الذي يمتلك إرادة سياسية بدأت ورشاتها تعمل في المفاصل الحيوية للدولة" واصفا ذلك بأنها "مكاسب عظيمة تتطلب أن يعرف الجميع أن الديمقراطية هي الحل".
بدوره، اعتبر الكاتب المحلل محمد يحيى الديماني، في تدوينة على فيسبوك، أن الطبقة السياسية في البلاد لم تستوعب بما فيه الكفاية الدروس التي قدمت من طرف من وصفهما برائدي الإصلاح في البلاد، الرئيس الغزواني والرئيس السابق ولد عبدالعزيز".
تفويض أممي لقوة الساحل
دعا الغزواني الأمم المتحدة لإصدار قرار لصالح التمويل الدائم للقوة المشتركة لبلدان الساحل.
جاء ذلك في تصريحات صحفية على هامش مشاركته في المنتدى السادس للدفاع والسلم بأفريقيا الذي احتضنه داكار السنغالية الإثنين الماضي.
تصريحات الغزواني تطرقت أيضا إلى ضرورة إيجاد حل للأزمة الليبية معتبرا أن استمرارها يساهم في عدم استقرار المنطقة، بالإضافة إلى استعراضه لمقاربة موريتانيا في مجال محاربة الإرهاب والجريمة المنظمة بالمنطقة.
وفيما يتعلق بالمقاربة الأفريقية، أشار الغزواني إلى أنه من الأفضل اعتماد التعاون الثنائي الذي يتم في إطاره تسليم معدات مخصصة لتعزيز قدرات القوة المشتركة إلى مختلف الدول، مثمنا الجهود التي يبذلها الاتحاد الأوربي في هذا المجال.
دعوة الرئيس الموريتاني الغزواني بخصوص ضرورة الدعم الأممي لقرارات تمويل الساحل يأتي بعد أشهر من دعوة مماثلة أطلقها الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو جوتيريش، كما تأتي في ظل تصاعد الأعمال الإرهابية باثنين من بلدان الساحل هما مالي وبوركينافسو.
ضربة جديدة للإخوان
العزلة المتزايدة للإخوان ومأزق الفضائح والأزمات خلال الأسبوع تزامنت مع إشادة المرشح السابق المدعوم من طرف الجماعة سيدي محمد ولد بوبكر، بإنجازات الرئيس الغزواني.
وثمّن ولد بوبكر في بيان أصدره الأسبوع المنصرم ما وقع خلال المائة يوم الأولى من حكم الرئيس الغزواني من تطور إيجابي في مناحي مختلفة مستعرضا الإجراءات التي أطلقتها الحكومة في مجال الصحة، وخاصة في مجال الحملة المقام بها حاليا لمحاربة الأدوية المزورة.
كما أشاد ولد بوبكر بدعوة رؤساء المعارضة إلى حضور مهرجان المدن القديمة المنعقد بمدينة شنقيط التاريخية، مما يؤكد أن سياسة الانفتاح التي دشنها الرئيس الجديد باستقباله لقادة المعارضة، تزامنت مع هذه التطورات التي تزيد من عزلة الجماعة مع اتهامات جديدة للتنظيم بالوقوف وراء حراك طلابي جديد عبر عما وصفه البعض بذراع التنظيم في الجامعة المعروف بـ"اتحاد الطلاب الوطني".
واعتبر البعض أن هذه المحاولة الجديدة لتحريك الجامعة جاءت بتعليمات من رؤوس جماعة الإخوان من أجل التستر على فضيحة ضلوع تجار الجماعة في عمليات تزوير الأدوية وتسويقها.
تحريض الشارع
وشكّل لجوء إخوان موريتانيا إلى الشارع أولى بوادر نقض تعهدات رئيس حزبهم "تواصل"، خلال لقائه الرئيس الموريتاني محمد ولد الغزواني، بخصوص الالتزام بتطبيع الحياة السياسية، أسوة ببقية أطراف المعارضة، والذي يمثل شعار العلاقة الحالية بين الأغلبية والمعارضة.
وتحت عنوان ما يسمونه "إصلاح لا يقبل التأجيل" جاء مهرجان حزب الجماعة "تواصل" مساء السبت بنواكشوط، الذي رأى فيه مراقبون، خروجا عن إجماع الطيف المعارض الذين اعتمد أسلوب فتح الباب أمام التشاور السياسي مع النظام، ودخل في مشاورات لتطبيع المشهد السياسي بعيدا عن لغة التأزم والتصعيد.
توقيت المهرجان أثار كذلك وفق المراقبين أسئلة حول مساعي التنظيم لصرف الأنظار عن الحملة الشعبية ضد "تجار السموم" والداعمة لقانون الصيدلة الذي عارض بعض بنوده المثيرة نائب برلماني إخواني وربطه البعض بشبهات تمويل التنظيم.
aXA6IDE4LjIxNy45OC4xNzUg جزيرة ام اند امز