الحكومة الموريتانية الجديدة.. رهان الكفاءات يطيح بالتوازنات
خبراء اعتبروا غياب التمثيل السياسي في تشكيل الحكومة الموريتانية الجديدة والاعتماد على التكنوقراط يمثل سابقة هي الأولى منها
اعتبر عدد من الخبراء والمحللين الموريتانيين أن تشكيلة الحكومة الأولى للرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني تمثل محاولة للجمع بين الالتزام بالتوازنات الاجتماعية ومبدأ الكفاءة والخبرة في تسيير القطاعات الوزارية.
وأشار الخبراء، في تصريحات خاصة لـ"العين الإخبارية"، إلى أن غياب التمثيل السياسي في تشكيل هذه الحكومة والاعتماد على التكنوقراط وأصحاب الكفاءة يمثل سابقة هي الأولى من نوعها في تاريخ موريتانيا وتوجها جديدة لتعاطي مع الشأن العام.
وأعلنت الرئاسة الموريتانية، مساء الخميس، التشكيلة الوزارية الجديدة لحكومة الوزير الأول المكلف إسماعيل سيديا، بعد أسبوع من تسلم الغزواني رئاسة البلاد مطلع أغسطس/آب الجاري.
وضمت الحكومة الجديدة 25 وزيرا أغلبهم من التكنوقراط، ووزراء الحكومة السابقة، فيما غابت عنها المعارضة الداعمة للرئيس خلال الاستحقاقات الرئاسية الأخيرة.
حكومة كفاءات
بيان مجلس الوزراء الجديد الذي ترأسه الغزواني ووزيره الأول، أكد أنها "حكومة كفاءات مكلفة بالعمل على تنفيذ البرنامج الانتخابي للرئيس، وستمنح الصلاحيات والإمكانيات المناسبة وسيحمل أعضاؤها المسؤولية الكاملة".
وأوضح البيان أن الرئيس الغزواني حث الحكومة على المبادرة باتخاذ التدابير الناجحة اللازمة من أجل تحقيق تحسن سريع وملموس في ظروف معيشة المواطنين خاصة في القطاعات الحيوية الأكثر مساسا بذوي الدخل المحدود.
الكاتب والمحلل السياسي الحسن البمباري الأمين العام لمركز مبدأ للإعلام والدراسات، اعتبر أن الحكومة الجديدة "مثلت نقلة مهمة"، مؤكدا أن ذلك يبين أن الغزواني يحمل مشروعا جديدا وليس استمرارا لنهج سابق، على حد تعبيره.
ووصف البمباري التشكيلة الوزارية الجديدة في موريتانيا بأنها "حكومة تكنوقراط بشكل بحت يختفي فيها التمثيل السياسي كليا"، مشيرا إلى أن الأغلبية من أعضائها كانت خارج المعترك السياسي وهو ما سيعطيها فرصة للعمل من أجل التغيير".
وأشار إلى أن معيار الكفاءة كان مهما بظهوره بهذا الشكل البارز، معتبرا أنها المرة الأولى التي يتم اختيار وزراء لم يكونوا جزءا من أي منظومة سياسية أي تطبيق أساس الكفاءة فقط.
وبيّن أن الحكومة ومع هذا الاعتماد على التكنوقراط، حققت أيضا التوازن الاجتماعي المطلوب خاصة تمثيل بعض الشرائح التي ظلت تعتبر نفيها مغبونة أو مهمشة مثل مكون "الحراطين" أو "العرب السمر".
البمباري تحدث عن أن أوليات الحكومة الجديدة يجب أن تكون الاهتمام بـ"التعليم الصحة والتشغيل"، إضافة إلى الملف الحقوقي، مضيفا أن الرئيس ولد الغزواني قدم برنامجا واضحا وبخطوات مرسومة لحل بعض هذه المشكلات.
رفع مستوى المعيشة
أما المحلل السياسي الموريتاني محمد ولد محمد الأمين فأكد أن الحكومة الجديدة "مثلت فريق كفاءات ذي تجربة عالية"، مشددا على أن التمثيل السياسي كان غائبا بشكل شبه كلي.
واعتبر ولد محمد الأمين أنه رغم الأخذ بمبدأ الكفاءة والخبرة فإن التوازنات التقليدية تم الحفاظ عليها لكن في حدود المعايير المطلوبة، موضحا أن أهم معيار تعلق عليه الآمال هو وجود حكومة بعيدة من التجاذبات السياسية.
ونبَّه بأن هناك تطلعات وآمالا معلقة على الحكومة الجديدة يتصدرها رفع مستوى المعيشة للمواطن بسرعة وإصلاح القطاعات الخدمية الحساسة كالصحة والتعليم ومعالجة قضايا الغبن والتهميش التي تعد من أولى أولويات.
بدوره، رأى المحلل السياسي محمد ولد الدده أنه "لا يمكن وصف حكومة الوزير الأول الموريتاني إسماعيل سيديا بأنها حكومة تكنوقراط بمعنى الكلمة الفني والمهني رغم كونها تشكلت من كفاءات وطنية".
وذكر أن هناك بعض الوزراء ممن قد يفهم تعيينهم انطلاقا من التوازنات السياسية، مضيفا أن التوازنات نفسها ربما تكون أبعدت شركاء سياسيين كانوا داعمين بقوة للرئيس الغزواني.
وعبَّر ولد الدده عن أمله في قدرة حكومة بهذه المواصفات في رفع التحدي خلال الفترة المقبلة انطلاقا من الثقة التي منحها الرئيس الغزواني لها، وفق البيان الذي أعقب أول اجتماع لها عندما أكد أن الحكومة كاملة المسؤولية وستسهر على تخطيط استراتيجي للتنمية.
تشكيل الحكومة الجديدة
ويوم الجمعة 3 أغسطس/آب الماضي، أصدر الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني مرسوما بتعيين إسماعيل ولد بده ولد الشيخ سيديا رئيسا للوزراء، وكلفه بتشكيل الحكومة خلفا للمستقيل محمد سالم ولد البشير.
وأكد سيديا في أول تصريح رسمي أعقب التكليف أن مهامه ستتركز على "تشكيل حكومة تتميز بالكفاءة العالية تراعي أهداف برنامج ولد الغزواني وجسامة تحديات المرحلة"، متعهدا بالسعي "لتحقيق تطلعات جميع فئات الشعب في الازدهار المرتقب والأمل الموعود".
وضمت الحكومة الجديدة التي أعلنها مساء الخميس 8 أغسطس/آب الماضي 25 وزيرا أغلبها من التكنوقراط والشخصيات المنتمية للأغلبية السياسية الداعمة للغزواني، فيما غابت عنها المعارضة الداعمة للرئيس خلال الاستحقاقات الرئاسية الأخيرة.
واحتفظ وزراء الخارجية والتعليم العالي والمياه والبترول والمعادن بالحقائب نفسها في الحكومة السابقة، كما آلت حقيبة الصيد البحري إلى أحد وزراء التشكيلة السابقة، فيما استلم ملف الدفاع في الحكومة الجديدة النائب السابق لقائد أركان الجيش السابق الفريق حننا ولد سيدي قادما من رئاسة أركان القوات المشتركة لبلدان الساحل الخمسة.
aXA6IDMuMTQxLjI5LjkwIA== جزيرة ام اند امز