الديون الطبية في أمريكا.. تكتيك عدواني من 5 آلاف مستشفى ضد المرضى

أظهر تحقيق أجري في أكثر من 500 مستشفى أمريكي أن العديد منها يستخدم ممارسات عدوانية لتحصيل الفواتير الطبية غير المدفوعة.

أكثر من ثلثي المستشفيات لديها سياسات تسمح لهم بمقاضاة المرضى أو اتخاذ إجراءات قانونية أخرى ضدهم، مثل الحجز على الأجور، ويشمل ذلك المراكز الطبية رفيعة المستوى.

على الرغم من الأدلة المتزايدة على الضرر الناجم عن الديون الطبية، فإن المئات من المستشفيات الأمريكية لديها سياسات لملاحقة المرضى بقوة لفواتير غير مدفوعة، باستخدام تكتيكات مثل الدعاوى القضائية، وبيع حسابات المرضى لمشتري الديون، وإبلاغ المرضى إلى وكالات التصنيف الائتماني، كما أظهر تحقيق من "Kaiser Health News".

هل هذه الممارسات مقتصرة على مستشفيات معينة؟

تحليل "Kaiser Health News" يُظهر أن هذه الممارسة منتشرة على نطاق واسع، مما يشير إلى أن معظم المستشفيات في أمريكا التي يبلغ عددها حوالي 5100 مستشفى والتي تخدم عامة الناس لديها سياسات لاستخدام الإجراءات القانونية أو التكتيكات العدوانية الأخرى ضد المرضى.

وقال موقع "NPR" الأمريكي، إن الدين الطبي يجبر الملايين من الأمريكيين على تقليص الطعام والضروريات الأخرى، واستنزاف مدخرات التقاعد.

غالبية المستشفيات التي خضعت للتدقيق من قبل شبكة "Kaiser Health News" تحجب أنشطة التحصيل الخاصة بها، وتنشر علنا معلومات غير كاملة، أو في كثير من الحالات لا توجد معلومات حول ما يمكن أن يحدث للمرضى إذا لم يتمكنوا من الدفع.

ما هي أبرز الإجراءات التي تتخذها المستشفيات ضد من يتقاعسون عن الدفع؟

قامت شبكة "Kaiser Health News" بالتحقيق في 528 مستشفى على مدار العام الماضي، ومراجعة آلاف الصفحات من السياسات والوثائق الأخرى، تضمنت التقارير أيضا آلاف الاستفسارات والمقابلات الهاتفية والبريد الإلكتروني للحصول على وتوضيح كيفية تعامل المستشفيات مع المرضى الذين يعانون من فواتير غير مدفوعة.

لم تستجب بعض المستشفيات لطلبات متعددة للحصول على معلومات. لكن الشبكة كانت قادرة على جمع تفاصيل كثيرة، تظهر صورة لحقل ألغام للمرضى، حيث لا يمكن لرحلة إلى المستشفى أن تنتج فواتير مذهلة فحسب، بل تعرض المرضى أيضا لمخاطر قانونية تعرض سبل عيشهم للخطر.

كشفت النتائج أيضا، أن أكثر من ثلثي المستشفيات يقاضون المرضى أو يتخذون إجراءات قانونية أخرى ضدهم، مثل حجز الأجور أو فرض امتيازات على الممتلكات.

تبلغ نسبة مماثلة من المستشفيات عن مرضى لديهم فواتير مستحقة لوكالات التصنيف الائتماني، مما يعرض للخطر درجات ائتمان المرضى وقدرتهم على استئجار شقة أو شراء سيارة أو الحصول على وظيفة.

ربع المستشفيات تبيع ديون المرضى لهواة تحصيل الديون، والذين بدورهم يمكنهم متابعة المرضى لسنوات لفواتير غير مدفوعة.

من ضمن النتائج أن حوالي 1 من كل 5 مستشفيات يحرمون الرعاية غير الطارئة للأشخاص الذين لديهم ديون مستحقة.

ما يقرب من 40% من جميع المستشفيات التي تم بحثها لا توفر أي معلومات على مواقعها الإلكترونية حول أنشطة الجمع الخاصة بها.

ما هي الخسائر التي تسببها هذه الإجراءات للمرضى؟

عبر نظام الرعاية الصحية في الولايات المتحدة، يتسبب الدين الطبي في خسائر فادحة للمرضى، مما يجبر أكثر من نصف البالغين الذين يعانون من ديون متعلقة بالصحة على تقديم تضحيات صعبة، بما في ذلك القيام بعمل إضافي، أو تغيير وضعهم المعيشى، أو تأخير تعليمهم.

يقول العديد من مسؤولي المستشفيات إنهم ملزمون بتحصيل ما يدين به المرضى. يؤكد قادة المستشفيات أيضا على التزام الصناعة بمساعدة المرضى ذوي الدخل المنخفض وغيرهم ممن لا يستطيعون دفع فواتيرهم.

لماذا لا تقدم الرعاية الخيرية لغير القادرين؟

يتم تقديم الرعاية الخيرية في معظم مستشفيات الولايات المتحدة. ويجب أن تقدم الأنظمة الطبية غير الربحية مساعدات مالية كشرط لعدم دفع الضرائب، وهي ميزة توفر للصناعة مليارات الدولارات سنويا.

ومع ذلك، يصعب أو يستحيل العثور على معلومات حول المساعدة المالية في العديد من المراكز الطبية، فحوالي 1 من كل 5 مستشفيات تم بحثها، بما في ذلك أنظمة الجامعات العامة في 5 ولايات، لا تنشر سياسات المساعدة عبر الإنترنت.

ووجدت شبكة KHN أن طلب المساعدة يمكن أن يكون أيضًا معقدًا للغاية، حيث يتطلب من المرضى تقديم كميات هائلة من المعلومات المالية الشخصية. تختلف المعايير على نطاق واسع، حيث تقتصر المساعدة في بعض المستشفيات على المرضى ذوي الدخل المنخفض الذي يصل إلى 13590 دولارا سنويا.

في المستشفيات الأخرى، يمكن للأشخاص الذين يكسبون 5 أو 6 ذلك الحصول على المساعدة.

تتطلب حوالي ثلثي المستشفيات التي بحثت عنها KHN من المرضى الإبلاغ عن أصولهم ، وأحيانا تفاصيل كبيرة أخرى. 

التحقيق يكشف عن كارثة في القطاع الطبي بالولايات المتحدة، وهو ما يتطلب تغيير سياسات المستشفيات، حتى لا يقع المرضى في المحظور، ويكون فريسة للعقوبات.