منذ أول لحظة وصل فيها صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات، إلى مطار العلمين، والتقى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، تبدّت لنا ملامح مرحلة جديدة من العمل العربي المشترك.
مرحلة تتسارع فيها الخطى نحو انعقاد دائم لمجالس التنسيق بين أطراف هذه اللقاءات، والتي تلعب فيها الإمارات دورًا محوريًّا لتقريب وجهات النظر، وتبادل الرؤى والخطط الخاصة بالتنمية والاستدامة، إلى جانب التباحث الأخوي في القضايا الراهنة ومسائل ذات صلة بالأمن الإقليمي وتنسيق المواقف السياسية من القضايا الدولية.
ويعتبر لقاء العلمين اللقاءَ الأهم في الفترة الحالية، بالموضوعات التي تم التباحث حولها فيه، مع انضمام العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني بن الحسين، وملك البحرين حمد بن عيسى آل خليفة، ورئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، ولكونه لقاءً تنسيقيا لمواقف بعض الدول العربية ذات المصالح والرؤى المشتركة، والتي تربط بينها الشراكات الاستراتيجية في شتى المجالات، وترجمةً لمساعي هذه الدول إقليميًّا وعالميًّا لأجل ترسيخ أسس السلام والاستقرار والتعاون المشترك على مختلف الأصعدة، فهو يرتكز على دعائم الثقة والاحترام المتبادل والمصالح المشتركة بما يحقق تطلعات جميع شعوب المنطقة في التقدم والازدهار والتنمية.
وبالإضافة إلى ما سبق، فلا بد من تأكيد أنّ لقاء العلمين هو اللقاء العربي الأبرز في هذه الفترة الحرجة من تصاعد التوتر العالمي، المتمثل في أزمتين دوليتين على صفيح ساخن، هما النزاع الروسي الغربي في أوكرانيا، والأزمة التايوانية بين الصين وأمريكا، إضافة إلى أزمات إقليمية متنقلة عديدة هنا وهناك، يعود معظمها إلى المؤامرات التي يحبكها تنظيم الإخوان الإرهابي، وتنظيما "القاعدة" و"داعش"، وما ينتج عن عملياتهما في المنطقة من تحديات اقتصادية وتجارية وبيئية وغيرها، فمن أزمة نقص الغذاء العالمي والحبوب بسبب الوضع في أوكرانيا، مرورًا بأزمة إمدادات النفط والغاز، التي باتت دول أوروبا والولايات المتحدة في أمسّ الحاجة إليها، بعد قرار روسيا بوقف إمدادات الطاقة، إلى أزمة مفاعلات زاباروجيا النووية والمخاوف من انفجار نووي عرَضي قد يؤدي حال حدوثه إلى هلاك الملايين من سكان روسيا وأوكرانيا، وأوروبا عمومًا، مع ما قد يخلفه من أضرار تصيب بيئة الكوكب بأسره.
إنّ لقاء العلمين هو قمة عربية مصغرة حدثت في لحظة حرجة، احتاج فيها العرب إلى الاجتماع والاتفاق على خطوات متقدمة في مواجهة ما يُحيق بالأمة من مخاطر، سعيًا من المجتمعين إلى توحيد المواقف والانطلاق نحو مرحلة جديدة من العمل على ترسيخ مقوّمات الاستقرار وممكّنات التنمية بما يخدم شعوب المنطقة، ويخفف عبء النزاعات الدولية.
ولتأكيد أهمية لقاء العلمين بدلالاته الحالية ورؤيته المستقبلية، أستشهد بتغريدة معالي الدكتور أنور قرقاش، المستشار الدبلوماسي لرئيس دولة الإمارات، التي أكّد فيها "أن دولة الإمارات بقيادة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الإمارات تكرس جهودها وإمكانياتها للتأسيس لمرحلة عربية عنوانها التعاضد والتكاتف لحماية المنطقة وتنميتها وضمان مستقبل الأجيال المقبلة، ولقاء العلمين التشاوري الأخوي خطوة في هذا الاتجاه".
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة