في مطلع عام 2019، حذرت الأمم المتحدة من تزايد اهتمام تنظيم "داعش" الإرهابي بالهجوم على السجون بقصد تحرير عدد كبير من عناصره.
وفي سبتمبر 2019، طلب زعيم "داعش" السابق، أبو بكر البغدادي، من أتباعه "بذل كل ما في وسعهم لإنقاذ إخوانهم وأخواتهم وهدم الجدران التي يقبعون خلفها".
وبعد توليه زعامة التنظيم الإرهابي، واصل أبو حمزة القرشي المنوال ذاته واقترح الهجوم على السجون بشكل دوري.
وتأتي مصلحة الإرهابيين في مهاجمة السجون في المقام الأول لتحرير مقاتليهم وقادتهم، وثانيا للقيمة الدعائية لمثل تلك العمليات، وإظهار أنفسهم أقوياء ضد دولة ضعيفة.
لا يقتصر استهداف السجون على تنظيم "داعش"..
ففي السابق فعلها تنظيم "القاعدة" الإرهابي في اليمن والسودان، وأنصار "القاعدة" و"بوكو حرام" في نيجيريا.
وقد بدأت استراتيجية مهاجمة السجون في منطقة الساحل الأفريقي مع حركة "التوحيد والجهاد في غرب أفريقيا" عام 2013، وذلك باستهدافها سجن نيامي في النيجر، وبعد ذلك استهدف "داعش" في أكتوبر/تشرين الأول 2016 سجن كوتوكالي في ضواحي نيامي، ثم استهدفت جماعة "أنصار الدين" الإرهابية، التابعة لتنظيم "القاعدة"، في 16 نوفمبر/تشرين الثاني 2016 سجنًا في مدينة بانامبا وسط مالي.
وفي أكتوبر/تشرين الأول 2018 هاجمت "أنصار الدين" سجن جيبو في بوركينا فاسو، وفي مايو/أيار 2019 هاجم "داعش" مجددًا سجن كوتوكالي في النيجر، وفي نوفمبر/تشرين الثاني 2019 هاجمت جماعة "نصرة الإسلام والمسلمين"، الموالية لـ"القاعدة"، سجن ديريه جنوب تمبكتو بمالي.
وفي 31 ديسمبر/كانون الأول 2019 هاجمت الجماعة مرة أخرى سجن جيبو، وفي 2 يناير/كانون الثاني 2020 هاجمت جماعة "نصرة الإسلام والمسلمين" الإرهابية سجن نيونو في مالي.
وخلال عام 2022، لاحظنا اهتمامًا متزايدًا من قبل تنظيم "داعش" الإرهابي بالاستمرار في استراتيجية مهاجمة السجون في إطار حملته التي سمّاها "تحطيم الجدران".. إذ هاجم فرع التنظيم الإرهابي في غرب أفريقيا سجن كوجي في نيجيريا يوم 6 يوليو/تموز الماضي، حيث يقبع سجناء "داعش" و"بوكو حرام" و"أنصارو"، التابع لـ"القاعدة".
وأفاد فرع "داعش" في الكونغو -ولاية وسط أفريقيا- على حساباته في شبكات التواصل الاجتماعي بأنه استهدف في 10 أغسطس/آب الجاري سجن بوتيمبو في "نورد كيفو" بجمهورية الكونغو الديمقراطية، وأطلق سراح ما يقرب من 700 سجين.
قد يشير الهجوم على السجن النيجيري إلى نيّة تنظيم "داعش" الإرهابي مواصلة التوسع داخل البلاد، حيث تقدّمت خطوط قتاله إلى مسافة 500 كيلومتر جنوبًا من مناطق سيطرته المعتادة.
وحتى الآن، يحترم كل من أنصارو/القاعدة وفرع داعش في غرب أفريقيا مناطق نفوذ الآخر، خلال توسعهما في كوجي -وسط البلاد- على بعد أكثر من مائة كيلومتر جنوب العاصمة النيجيرية.
وتواصل الجماعتان تقدمهما نحو الساحل، الذي لم يعد مجرد سيناريو مطروح لخططهما، بل أصبح حقيقة واقعة على الأرض.
يأتي هذا التغيير في الاستراتيجية بسبب المقاومة الشديدة التي واجهتها الجماعتان في شمال نيجيريا على الحدود مع النيجر وتشاد.
المواجهة بين "داعش في غرب أفريقيا" وتنظيم "القاعدة" في هذه المنطقة حتمية، وكان يُتوقع أن تحدث في نيجيريا.
أما في الوقت الحالي، فيتقدم كل طرف في الاتجاه الذي يريد دون وقوع اشتباكات بينهما.
وقد استخدم تنظيم أنصارو -القاعدة- في بيانه الأخير لغة الهوسا المنطوقة في جنوب النيجر وشمال نيجيريا، مما يدل على نيّته البقاء في هذه المنطقة، فيما لجأ تنظيم "داعش" في أحد مقاطع الفيديو الأخيرة في نيجيريا إلى التكتيك نفسه، أي استخدام لغة الهوسا.. إذ أعلن التنظيم عبر قنواته أنه يبحث عن مترجمين للغات المحلية، مما يترك باب التكهنات مفتوحًا حول نيّة التوسع في المناطق المجاورة.
وعرض مترجمون للغتي الولوف والفولاني خدماتهم على التنظيم الإرهابي.. وهنا نقول إنه إذا تمكن "داعش" من نشر دعايته بلغة الولوف، فسيفتح ذلك المجال أمامه لتوجيه خطابه إلى جمهور عريض في دول السنغال وجامبيا وموريتانيا.
وضاعف تنظيم "داعش" المركزي من دعايته الموجَّهة لأفريقيا، وشرع في تحفيز وتحريض المنتسبين لمختلف فروعه في القارة بمنطقة الساحل ونيجيريا وجمهورية الكونغو الديمقراطية وموزمبيق، وهو ما سيعني أيضا زيادة هجماته في هذه المناطق لاحقًا.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة