رياض محرز.. نجم جزائري يداعب السياسة بقدميه
اعتاد النجم الجزائري رياض محرز مداعبة كرة القدم وركلها بيسراه في زوايا المرمى المختلفة، ثم الركض فرحا بتسجيل أو صناعة هدف.
وبالتأكيد هذه الوظيفة الأساسية لجناح مهاجم في فريق يلعب في أعلى المستويات، لكن قدم محرز التي تداعب الكرة عمدا، تداعب السياسة أيضا بغير قصد، وتعلق عليها آمالا وأهدافا سياسية.
فمحرز البالغ من العمر 31 عاما ويلعب لصالح مانشستر سيتي الإنجليزي، ولد لأبوين جزائريين من الطبقة العاملة في بلدة سارسيل الواقعة على أطراف العاصمة الفرنسية باريس، وسلك طريقا مخالفا لصاحب نفس الأصل والظروف الاجتماعية، كريم بنزيما نجم ريال مدريد.
إذ فضل محرز حمل أعلام وطنه الأم منتخب الجزائر لكرة القدم على حساب فرنسا التي ولد وتكون فيها رياضيا وتعليما، وقاد الجزائر لتحقيق لقب كأس الأمم الأفريقية الذي غاب عنها لعقود.
ورغم ذلك، يملك محرز تأثيرا كبيرا في فرنسا، من النواحي السياسية والاجتماعية، إذ سمي قبل أشهر، ملعب لكرة القدم في سارسيل، باسم اللاعب الجزائري، بل أن الملعب يلعب دورا مهما في حياة المهاجرين.
وتنظم البلدة في ملعب محرز، مباريات تحت اسم "كأس أفريقيا"، تحاكي كأس الأمم الأفريقية التي ينظمها الاتحاد الأفريقي، ويمثل فيها لاعبو كرة قدم غير محترفين مقيمين في فرنسا، بلدانهم الأفريقية الأصلية، في محاولة للاقتضاء بمحرز.
غالبًا ما يتركز المهاجرون الجزائريون يتركزون في ضواحي المدن الفرنسية وما يعرف مدن الصفيح، حيث تم بناء مشاريع إسكان الضواحي بجوار المصانع التي يعمل فيها المهاجرون.
لكن هذه الضواحي الحاضنة لطبقة عاملة من المهاجرين، أنتجت العديد من أعظم نجوم كرة القدم في فرنسا والعالم، بما في ذلك بنزيما ومحرز، والأخير انتقل والداه إلى سارسيل في السبعينيات.
ووفق سامي إيفريت الزميل في الدراسات الآسيوية والشرق أوسطية بجامعة كامبريدج البريطانية، فإن ملعب سارسيل الذي يحمل اسم محرز، والذي يستضيف بطولات لسكان فرنسا المهاجرين، هو شهادة على ارتباط اللاعب الدائم بالضاحية الفرنسية وتأثيره السياسي والاجتماعي في الضاحية التي نشأها فيها وفرنسا.
دبلوماسية كرة القدم
تأثير محرز لم يتوقف عند التقاطع بين المجتمع والسياسة، وحياة المهاجرين في فرنسا، إذ أنه بات يمثل أملا في تعزيز العلاقات الفرنسية الجزائرية التي مرت بمنعطفات صعبة في الفترة الماضية، قبل أن تستقر إثر زيارة للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون للجزائر قبل أشهر.
وخلال زيارته للجزائر في أغسطس/آب الماضي، رحب الرئيس الفرنسي، بإقامة مباراة ودية بين منتخب بلاده لكرة القدم بطل العالم الذي يلعب له أفضل لاعب في أوروبا، كريم بنزيما، ونظيره الجزائري الذي يلعب في نفس الفريق اللاعب رياض محرز.
وقال ماكرون ردا على سؤال أحد الصحفيين على هامش زيارته للمقبرة الأوروبية ببلدة بولوغين في العاصمة الجزائرية: "مثلما تحدثت في المؤتمر الصحفي أمس، الثقافة والرياضة هما مجالان يجب تشاركهما مع الجزائر وأن نكون معا، في بعض الأحيان يجب أن نتواجه، لكن نتواجه وديا".
وأضاف "أعتقد أنه سيكون شيئًا جيدًا (برمجة مباراة ودية بين الجزائر وفرنسا) لدرء الماضي، من الواضح أننا سنتحدث عن ذلك مع الرئيس (عبد المجيد تبون) وفريقه، فليس أنا من يقرر، ثم سيعتمد ذلك أيضا على جدول المسابقات المقبلة، بالنسبة للبعض، أتمنى لنا ذلك".
ووفق مراقبين، فإن ماكرون يراهن على الرمزية السياسية القوية المتمثلة في وجود محرز، الذي نشأ في فرنسا لأبوين جزائريين، في صفوف منتخب الجزائر، وبنزيما الذي يحمل أيضا أصولا جزائرية ويلعب في منتخب فرنسا، لدفع العلاقات قدما، إذ يعكس هذا الأمر قوة وتداخل العلاقات بين البلدين.