ميلانيا ترامب.. حضور ناعم وصوت هادئ يتردد صداه عالميا

نادرا ما تتحدث ميلانيا ترامب، لكن حين تفعل، فإن صدى كلماتها يصل إلى العواصم الكبرى.
وقد تجلى هذا مطلع الشهر الجاري حين لعبت دورًا غير مباشر في محادثات السلام بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ونظيره الروسي فلاديمير بوتين، من خلال رسالة سلمها زوجها شخصيا، حملت نداء مؤثرا بوقف الحرب في أوكرانيا وإعادة "ضحكات الأطفال" التي بددها الصراع.
ومنذ عودة زوجها إلى البيت الأبيض، التزمت ميلانيا الصمت السياسي وقللت ظهورها العام إلى حد كبير؛ إذ لم تتجاوز مشاركاتها الرسمية 19 مناسبة خلال هذه الدورة الرئاسية، مقابل 40 ظهورا في الولاية الأولى، بحسب صحيفة «ديلي ميل».
هذا الحضور المحدود أثار شائعات متكررة عن حياتها الخاصة، لكن مقربين يؤكدون أنها تلعب دورا مؤثرا داخل البيت الأبيض، خاصة في الملفات التي تمس الأطفال.
وقد أقر الرئيس نفسه بأن لزوجته نظرة مختلفة تجاه الحرب، كاشفا أن تعليقاتها أحيانا تضعه أمام واقع مغاير لتفاؤله السياسي، في مشهد يعكس خصوصية العلاقة بينهما.
الأطفال في قلب أجندتها
أثبتت ميلانيا أن اهتمامها بقضايا الأطفال يتجاوز الخطاب إلى الفعل. فإلى جانب موقفها من الحروب في أوكرانيا وغزة، قادت حملة لدعم تشريع ضد «الابتزاز الجنسي الرقمي والمواد الإباحية المفبركة بتقنية الذكاء الاصطناعي»، عُرف باسم قانون "Take It Down".
ولفتت الأنظار حين دعت فتاة مراهقة من تكساس – ضحية لهذا النوع من الهجمات – للظهور معها أمام الكونغرس، في خطوة سرّعت إقرار القانون بإجماع نادر بين الحزبين.
كما لم يقتصر اهتمامها على الداخل الأمريكي، بل وسعت نطاقه ليشمل قضايا دولية، بدءًا من معاناة الأطفال في أوكرانيا وصولًا إلى ضحايا الحرب في غزة.
وفي كل مرة، تتحدث ميلانيا بنبرة إنسانية بعيدة عن الحسابات السياسية المباشرة، ما يمنح رسائلها مصداقية مضاعفة.
مقارنة مع جيل ومشيل
على عكس السيدتين الأوليين السابقتين، اتبعت ميلانيا نهجًا مختلفًا في تعريف دورها. فـ«جيل بايدن» كانت حاضرة باستمرار إلى جانب زوجها، حتى في بعض الاجتماعات الوزارية الحساسة، ما أثار تساؤلات حول مدى تأثيرها في إدارة البيت الأبيض.
أما ميشيل أوباما، فقد تبنت دورًا عامًا نشطًا، أطلقت من خلاله حملات وطنية لتعزيز التغذية السليمة والنشاط البدني للأطفال.
في المقابل، تميل ميلانيا إلى الابتعاد عن الأضواء، وتختار بعناية المناسبات التي تظهر فيها، معتبرة أن كثرة الظهور ليست شرطًا للتأثير. وهذا ما يفسر ندرة بياناتها السياسية، لكنها حين تصدرها، تأتي عادة مُحملة برسائل قوية وصدى عالمي واسع.
دائرة ضيقة
أحد أبرز ملامح أسلوب ميلانيا الحالي هو اعتمادها على فريق صغير لا يتجاوز خمسة موظفين برواتب محدودة، مقارنة بعشرين موظفا في مكتب جيل بايدن.
ويعود ذلك إلى تجارب مريرة مع مساعدات سابقات خانتن ثقتها، مثل ستيفاني غريشام التي أصدرت كتابًا كاشفًا بعد أحداث السادس من يناير/كانون الثاني 2021، وستيفاني وينستون وولكوف التي سربت تسجيلات خاصة. وهذه التجارب دفعتها إلى إحكام الدائرة المحيطة بها والاعتماد فقط على شخصيات موثوقة.
إرث يتشكل بهدوء
وتسعى ميلانيا من إعادة إحياء مبادرة "Be Best" إلى انخراطها في تشريعات وقضايا دولية، لرسم مسار خاص في دور السيدة الأولى، مختلف عن النماذج السابقة.
ومع مرور أكثر من 200 يوم على الولاية الثانية لترامب، تمكنت من فرض حضور مؤثر رغم قلة ظهورها، معتمدة على خلفيتها كمهاجرة، وصوتها الهادئ، واهتمامها الصادق بالأطفال.
وتؤكد ميلانيا بهذا النهج الانتقائي أن السيدة الأولى لا تحتاج إلى كثرة الظهور لتترك بصمة، بل إلى استراتيجية واضحة توازن بين الخصوصية والتأثير.
aXA6IDIxNi43My4yMTYuMiA= جزيرة ام اند امز