كيف تهضم الميكروبات البلاستيك في حرارة منخفضة؟ (حوار)
العثور على الكائنات الحية الهاضمة للبلاستيك واستزراعها لا يساعد فقط في إزالة التلوث، لكنه أصبح الآن تجارة كبيرة.
وتمّ بالفعل العثور على العديد من الكائنات الحية الدقيقة التي يمكنها القيام بذلك، ولكن عندما يتم تطبيق إنزيماتها التي تجعل ذلك ممكناً على نطاق صناعي، فإنها تعمل فقط في درجات حرارة أعلى من 30 درجة مئوية.
ويعني التسخين المطلوب أن التطبيقات الصناعية تظل مكلفة حتى الآن، وليست خالية من الكربون، لكن هناك حل ممكن لهذه المشكلة، وهو إيجاد ميكروبات متخصصة تتكيف مع البرودة، وتعمل إنزيماتها في درجات حرارة منخفضة.
وأعلن علماء من المعهد الفيدرالي السويسري، عن العثور على هذه الكائنات الحية الدقيقة في المرتفعات العالية في جبال الألب ببلادهم، أو في المناطق القطبية، ونُشروا النتائج التي توصلوا إليها في مجلة "فونتيرز إن ميكروبيولوجي".
ما قصة هذا الاكتشاف، وكيف تعمل هذه الميكروبات، وكيف يمكن توظيفها في التخلص من البلاستيك؟.. هذه الأسئلة وغيرها يجيب عنها جويل روثي، المتخصص في تربة الغابات والكيمياء الحيوية، والباحث الرئيسي بالدراسة.
كيف وصلتم لهذا الاكتشاف؟
أثناء جمع عينات التربة من "سفالبارد" خلال مشروع القطب الشمالي السويسري 2018، لمشاهدة آثار تغير المناخ بشكل مباشر، لاحظنا تحلل للبلاستيك في هذه البيئة شديدة البرودة، فأخذنا عينات من 19 سلالة من البكتيريا و15 من الفطريات كانت تنمو على البلاستيك، وسمحنا للميكروبات المعزولة بالنمو كمزارع أحادية السلالة في المختبر في الظلام وعند 15 درجة مئوية، واستخدمنا التقنيات الجزيئية للتعرف عليها، وأظهرت النتائج أن السلالات البكتيرية تنتمي إلى 13 جنساً من "البكتيريا الشعاوية" و"المتقلبات" أو "بروتيوباكتريا"، والفطريات تنتمي إلى 10 أجناس هي "فطريات زقية" و"العفنينيات".
وماذا فعلتم بعد ذلك؟
استخدمنا مجموعة من المقايسات لفحص كل سلالة لمعرفة قدرتها على هضم عينات معقمة من البولي إيثيلين غير القابل للتحلل الحيوي (PE) والبوليستر، والبولي يوريثين القابل للتحلل الحيوي (PUR) بالإضافة إلى مزيجين قابلين للتحلل الحيوي من البولي بيوتيلين أديبتاليت (PBAT) وحمض عديد اللبنيك.
وماذا وجدتم؟
لم تكن أي من السلالات قادرة على هضم البولي إيثيلين، حتى بعد 126 يوماً من الحضانة على هذه المواد البلاستيكية، لكن 19 (56%) من السلالات، بما في ذلك 11 نوعاً من الفطريات و8 بكتيريا، تمكنت من هضم البولي يوريثان عند درجة حرارة 15 درجة مئوية، بينما تمكن 14 نوعاً من الفطريات و3 بكتيريا من هضم الخلائط البلاستيكية لـ"البولي بيوتيلين أديبتاليت (PBAT)" و"حمض عديد اللبنيك"، وكشف الرنين المغناطيسي النووي (NMR) والفحص المستند إلى الفلورة، أن هذه السلالات كانت قادرة على تقطيع البوليمرات الخاصة بها إلى جزيئات أصغر، وكان مفاجئا للغاية بالنسبة لنا أننا وجدنا أن جزءا كبيرا من السلالات المختبرة كانت قادرة على تحلل نوع واحد على الأقل من المواد البلاستيكية المختبرة.
من بين هذا العدد من البكتيريا والفطريات، أي منها كان الأفضل؟
كان الأفضل أداء نوعان من الفطريات هما "نيودفريزيا" و"لاكنيلولا"، حيث كان هذان النوعان قادران على هضم جميع المواد البلاستيكية المختبرة باستثناء البولي إيثيلين غير القابل للتحلل الحيوي (PE).
قد يسأل سائل.. كيف طورت هذه الميكروبات القدرة على هضم البلاستيك؟
نظرا لأن البلاستيك كان موجودا فقط منذ الخمسينيات من القرن الماضي، فإن القدرة على تحلل البلاستيك لم تكن بالتأكيد سمة في الميكروبات، لكها طورت تلك السمة لاحقاً.
وما هي خطتكم التالية؟
سيكون التحدي الكبير التالي هو تحديد الإنزيمات القادرة على هضم البلاستيك التي تنتجها السلالات الميكروبية وتحسين هذه العملية، بالإضافة إلى ذلك، قد تكون هناك حاجة إلى مزيد من التعديل على الإنزيمات لتحسين الخصائص مثل استقرار البروتين.