سبب إخفاق القوى الكبرى في وقف حرب الشرق الأوسط.. السر في لعبة الانتظار
وسط عجز القوى الكبرى عن وقف القتال أو التأثير عليه، تقترب الحرب في الشرق الأوسط من عامها الأول، مما يعكس عالما مضطربا يبدو أنه سيستمر.
وسط عجز القوى الكبرى عن وقف القتال أو التأثير عليه، تقترب الحرب في الشرق الأوسط من عامها الأول، مما يعكس عالمًا مضطربًا يبدو أنه سيستمر.
فلأكثر من مرة، قالت إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، إن المفاوضات المتقطعة بين إسرائيل وحماس لوقف إطلاق النار في غزة على وشك تحقيق اختراق وهو ما لم يحدث.
الأمر نفسه بالنسبة لجهود واشنطن لتجنب حرب شاملة بعد التصعيد في لبنان، حيث تبدو فرص نجاحها ضئيلة بعد اغتيال إسرائيل لحسن نصر الله زعيم حزب الله، وفقا لما ذكرته صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية.
وقال ريتشارد هاس، الرئيس الفخري لمجلس العلاقات الخارجية: إن «هناك الكثير من الأيادي في المنطقة التي تملك المزيد من القدرات في عالم القوى الطاردة المركزية فيه أقوى بكثير من القوى المركزية.. الشرق الأوسط هو دراسة الحالة الأساسية لهذا التفتت الخطير».
ويترك مقتل نصر الله، فراغًا من المرجح أن يستغرق حزب الله وقتًا طويلاً لملئه، كما أنه ضربة قوية لإيران الداعم الرئيسي للجماعة اللبنانية.
ومن غير الواضح ما إذا كانت الحرب الشاملة ستندلع في لبنان، بحسب جيل كيبيل، الخبير الفرنسي البارز في شؤون الشرق الأوسط الذي أضاف: «لقد كان نصر الله يمثل كل شيء بالنسبة لحزب الله، وكان الحزب الذراع الأمامية لإيران.. ولا يمكننا إلا أن نتساءل من الذي يستطيع أن يعطي الأمر لحزب الله اليوم؟».
ولسنوات طويلة، كانت الولايات المتحدة هي الدولة الوحيدة القادرة على الضغط على كل من إسرائيل والدول العربية، فكانت مهندسة اتفاقيات كامب ديفيد للسلام بين مصر وإسرائيل عام 1978، و-أيضا- اتفاقات السلام بين إسرائيل والأردن في عام 1994.
تآكل الأمل في السلام
وقبل أكثر من ثلاثة عقود من الزمان، تصافح رئيس الوزراء الإسرائيلي -آنذاك- إسحاق رابين، والرئيس الفلسطيني ياسر عرفات، في حديقة البيت الأبيض، لكنّ الأمل في السلام تآكل بشكل مطرد.
وتعد قدرة أمريكا على التأثير على إيران، ووكلائها مثل حزب الله وحماس (تصنفهما واشنطن كمنظمات إرهابية) هامشية، لكنّ الولايات المتحدة لديها نفوذ دائم على إسرائيل، خاصة مع المساعدات العسكرية التي شملت حزمة بقيمة 15 مليار دولار هذا العام.
ومع ذلك، فإن التحالف مع إسرائيل المبني على اعتبارات سياسية استراتيجية ومحلية، فضلاً عن القيم المشتركة بينهما، يعني أن واشنطن لن تهدد بخفض تدفق الأسلحة أو قطعها.
وبعد الحرب في غزة، اكتفى بايدن بتوبيخ خفيف لإسرائيل ووصف تصرفاتها بأنها «مبالغ فيها»، لكنّ الدعم الأمريكي كان حاسما حتى مع ارتفاع عدد الضحايا الفلسطينيين في غزة إلى عشرات الآلاف من المدنيين.
وأيا كان رئيسها، لن تتخلى الولايات المتحدة عن الدولة اليهودية، ورغم التعاطف المتزايد مع القضية الفلسطينية خاصة بين الشباب الأمريكيين، قال ريتشارد هاس، الرئيس الفخري لمجلس العلاقات الخارجية: «إذا تغيرت السياسة الأمريكية تجاه إسرائيل، فلن يكون ذلك إلا على الهامش».
ووفقا لـ«نيويورك تايمز»، فإن الصين ليس لديها أي مصلحة في ارتداء عباءة صانع السلام وروسيا -أيضًا- لديها ميل ضئيل للمساعدة.
وخلال الاجتماع السنوي للجمعية العامة للأمم المتحدة، يلتقي زعماء العالم في الوقت الذي يعاني فيه مجلس الأمن من الشلل بسبب استخدام الولايات المتحدة لحق النقض فيما يتعلق بالقرارات حول إسرائيل.
وبدت كلمات بايدن والسكرتير العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، وكأنها تتردد في الفراغ الاستراتيجي لنظام عالمي انتقائي، معلق بين زوال الهيمنة الغربية وصعود البدائل المتعثرة لها، في ظل عدم وجود إجماع عالمي على الحاجة إلى السلام أو وقف إطلاق النار.
في الماضي، أدت الحرب في الشرق الأوسط إلى ارتفاع أسعار النفط وانهيار الأسواق، وهو ما أجبر العالم على الاهتمام، لكن الآن وكما يقول إيتامار رابينوفيتش، السفير الإسرائيلي السابق لدى الولايات المتحدة: «الموقف هو، حسنًا، فليكن».
لعبة الانتظار
وفي غياب أي استجابة دولية متماسكة ومنسقة، لا يواجه نتنياهو ولا يحيى السنوار زعيم حماس أي عواقب، في حين لا تزال نهاية الحرب غير واضحة، لكنها ستتضمن بالتأكيد خسارة المزيد من الأرواح.
وبحسب الصحيفة الأمريكية، فإن اهتمام نتنياهو بإطالة أمد الحرب لتجنب التوبيخ الرسمي للفشل العسكري والاستخباراتي الذي أدى إلى هجوم 7 أكتوبر/تشرين الأول يعقد أي جهود دبلوماسية، وكذلك محاولته لتجنب مواجهة الاتهامات الشخصية بالاحتيال والفساد الموجهة إليه.
ويبدو أن نتنياهو يلعب لعبة انتظار، والتي تشمل الآن تقديم القليل أو لا شيء حتى الانتخابات الرئاسية الأمريكية حيث يأمل في عودة حليفه القوي الرئيس السابق دونالد ترامب.
أما بالنسبة للسنوار، فإن الرهائن الإسرائيليين الذين يحتجزهم يمنحونه نفوذاً وسط ما اعتبرته «نيويورك تايمز» لا مبالاة بالخسارة الهائلة في الأرواح الفلسطينية وبالتالي ليس لديه سبب لتغيير مساره.
aXA6IDQ0LjE5Mi45NS4xNjEg
جزيرة ام اند امز