"الثقافي الفرنسي" بالخرطوم يستضيف معرض فن تشكيلي عن "الهجرة والاندماج"
اللوحات تكشف شغف الفنان بالصيد، الذي اتخذه كوسيط رئيسي ينقل من خلاله أحاسيسه، مستخدما الشباك والحبال والخيوط المصنوعة من الشاش.
استضافت صالة العرض بالمركز الثقافي الفرنسي بالخرطوم، المعرض التشكيلي للفنان السوداني المهاجر نعمان جعفر، الذي ناقشت أعماله "الهجرة والاندماج" في الزمن المعاصر بشكل غير نمطي، مجسدا من خلال اللوحات الفنية جميع الانفعالات والأحاسيس التي تواجه الفنان في بيئة مختلفة تخالف البيئة الأم، إثيوبيا، وأمريكا التي يحمل جنسيتها.
يقول نعمان: "شعرت بالعزلة وعدم الانتماء لوجودي في ثقافة مغايرة، خاصة أنني أحمل عاطفيا ثقافة أخرى، ومن هنا كان النزاع بين ثقافتين"، موضحا أنه وجد نفسه متأرجحا بين ثقافتين مختلفتين بكل ما يشعر به الفرد من تنازع وصراعات.
وأضاف نعمان لـ"العين الثقافية": "قضية تعقيدات المواجهة الثقافية بكل ما تحمله من رمزية لها انعكاساتها في اللوحة التي أرسمها، وفكرة المقاومة والممانعة الغريزية التي يعايشها الإنسان عند تعرضه للاجتياح الثقافي تخلق داخله عالما موازيا يمكن أن تدور حولها أعماله بوصفها فكرة تدفعه للتعبير".
وتابع: "رغم كل الإيجابيات التي يمثلها الاحتكاك بالغرب والتعلم من تلك الخبرات وانعكاسها على إنتاجي الفني؛ يظل الصراع مع الثقافة الغربية الجديدة كان دوما موجودا في خاطري.
من خلال اللوحات يتكشف للمشاهد شغف الفنان بالصيد، الذي اتخذه كوسيط رئيسي ينقل من خلاله أحاسيسه، ووفقا لنعمان فإن الخيوط والأشكال الدائرية والمواد المصنوعة منها اللوحة، خاصة الشباك والحبال والخيوط المصنوعة من الشاش، تمثل وسيطا شفافا يكشف ما يواجهه الإنسان من تعقيدات ناجمة عن عمليات الاندماج ويسلط الضوء على الأحاسيس الذاتية تجاه الصعوبات التي تواجه الإنسان لحظة التقائه بالعالم الآخر المختلف.
الفنان التشكيلي مصطفى بشار يؤكد في حديثه لـ"العين الإخبارية" أن لوحات نعمان تقدم فنا حديثا ومتطورا من خلال استخدام "موتيفات" جديدة وتطويرا لأشكال وخامات بشكل مختلف، مضيفا أن اللوحات المعروضة طرحت فيها أفكار متقدمة.
وبحسب بشار فإن اللوحات جسدت مزجا لخبرات طويلة عكس فيها الفنان مكنونات نفسه وأحاسيسها وتداخل أفكاره، مشيرا إلى أنه يمكن ملاحظة أن الهجرة الطويلة دائما ما تبرز الأشياء المتجذرة في مقابل الأفكار والثقافات الجديدة.
وأضاف أن اللوحات توضح الرحلة ما بين الهجرة لزمن طويل وبين العودة للجذور، مؤكدا أن الأعمال، وخاصة المجسمات، تلمح فيها صدى متراكما للغياب الطويل.
في السياق نفسه، يصف الفنان التشكيلي السوداني محمد صديق عثمان، أن المعرض تجربة جديدة ومختلفة عن كل السائد في الساحة الفنية التشكيلية في السودان.
ويوضح عثمان أن سبب الاختلاف يعود لانطلاق الفنان في بناء لوحته من عوالم مختلفة، لأن تراكم المعرفة في مكان واحد يجعل الخبرات متقاربة وتتجه نحو التشابه وهو عكس ما تقدمه لوحات المعرض التي توضح صورا عديدة ومختلفة تؤكد تأثر صاحب اللوحات بمدارس تشكيلية عدة وانتقاله بتجربته نحو أفق مختلف عن السائد؛ لعبت فيه عوامل الهجرة والانتقال دورا حاسما.
وبحسب عثمان فإن اللوحات تميزت بإخراج احترافي عالي النوعية تفتقده أعمال بعض التشكيليين السودانيين، مشيرا إلى أن السبب يعود للاهتمام بمحتوى ومضمون العمل الفني دون الالتفات للزاوية الإخراجية النهائية للوحة.
وأكدت الفنانة التشكيلية السودانية نجاة عثمان أن اللوحات طرحت لغة بصرية خاصة بالفنان؛ طورها من خلالها هجرته الطويلة وبينت تأثره بالمدارس التشكيلية الأوروبية من حيث البساطة والتكرار لبعض الأشكال أو الموتيفات.
واعتبرت نجاة عثمان، بوصفها ناقدة تشكيلية أن أعمال الفنان "نعمان" مرحلة خاصة يجب أن يتعرف عليها الجمهور لتفردها عن السائد.
وبحسب نجاة، عكست اللوحات المستوى التقني المتطور للفنان؛ مشيرة إلى اختلاف منحوتاته ومجسماته عن الشكل الأفريقي السوداني المتعارف عليه، والذي يصور الطبيعة متجاوزا الأحاسيس والأفكار، وهو ما استطاعت المنحوتات الرمزية عرضه.
وأضافت: "أنه من الممكن أن يكون هذا الفنان أحد الجسور الفنية بين الفن الأوروبي والفن الأفريقي".
aXA6IDMuMTQuMjUwLjE4NyA=
جزيرة ام اند امز