تصاعد هجمات الحوثي البحرية.. خبراء يرسمون سيناريوهات رد «التحالف»
مع اشتداد التوتر في البحر الأحمر تظهر عدة سيناريوهات للتعامل مع مليشيات الحوثي، من بينها ضربة عسكرية لشل قدرات الصواريخ والطائرات المسيرة والقوارب.
هذه السيناريوهات تجلت أكثر عقب اعتماد مجلس الأمن قرارا يدين هجمات مليشيات الحوثي في البحر الأحمر، والتي قد تمنح تحالف حارس الازدهار بقيادة واشنطن الانتقال إلى خيارات أكثر ردعا، وتتمثل بـ"الخيار العسكري" وفق خبراء يمنيين.
ووضعت الهجمات الحوثية في البحر الأحمر الإدارة الأمريكية في مأزق حقيقي، والتي أطلقت، الأربعاء، تصريحات شديدة اللهجة واعتبرت سلسلة الهجمات البحرية "تصعيدية".
وقال البيت الأبيض إن الولايات المتحدة سوف "تتشاور مع شركائها بشأن الخطوات التالية إذا استمرت هذه الهجمات في البحر الأحمر".
وكان مجلس الأمن الدولي اعتمد، الأربعاء، قرار إدانة، يدعو إلى وقف فوري للهجمات التي تشنها مليشيات الحوثي على سفن الشحن والناقلات التجارية في البحر الأحمر.
وشدد القرار على التأكيد على القرار 2216، والتقيد بحظر الأسلحة ضد مليشيات الحوثي وحق الدول الأعضاء بالدفاع عن سفنها من الهجمات ومعالجة الأسباب الجذرية للتوترات الإقليمية.
ضربة عسكرية.. مرجعية قانونية
وتوقع خبراء يمنيون أن تلجأ واشنطن لشن ضربة "موجعة" ضد الحوثيين كخيار لإنهاء التوتر في البحر الأحمر، ولوضع حد لغطرسة المليشيات، لا سيما بعد قرار مجلس الأمن، لكن البعض استبعد ذلك "كون أي ضربة للحوثي سوف تصطدم بإيران، الداعم الرئيسي للمليشيات".
وقال نائب رئيس المركز الوطني للدراسات الاستراتيجية في اليمن العميد الركن ثابت حسين صالح إن "سيناريوهات التعامل مع تصرفات الحوثيين الإرهابية في البحر الأحمر عديدة، لكن ليس من بينها السكوت عن تصرفات هذه المليشيات".
وأضاف، في تصريحات لـ"العين الإخبارية"، أن "الضربة العسكرية الموجعة للحوثيين هي أكثر السيناريوهات احتمالا".
وأشار إلى أن هجمات الحوثيين الذي وصفها بـ"الغريبة" "تستدعي المجتمع الدولي لضربهم كي يظهروا أمام أنصارهم وكأنهم يواجهون أمريكا"، في إشارة إلى أن الحوثيين يبحثون عن ضربة من أجل استثمارها على الصعيد الداخلي.
ولفت إلى أن "أبجديات السياسة تقول إن مليشيات الحوثي تبحث عن أي مبرر يخرجها من مأزقها الداخلي مع الشعب الذي يتضور جوعا وهي توعده بالنصر منذ 9 أعوام".
من جهته، يرى الخبير في الشؤون العسكرية والأمنية في اليمن العقيد وضاح العوبلي أن الحوثيين "منحوا هامشاً لتنفيذ مناورتهم في هجوم على سفينة أمريكية، كنوع من الرد الذي تتفهمه أمريكا ولحفظ ماء وجه الحوثي بتنفيذ توعده الأخير بالرد عقب إغراق واشنطن 3 من زوارق الحوثي ومقتل 10 من مقاتليه في البحر الأحمر".
وأشار، في تصريح لـ"العين الإخبارية"، إلى أن قرار الإدانة من مجلس الأمن للحوثيين "يمثل بالنسبة لأمريكا مرجعية قانونية دولية لتنفيذ أي عملية قادمة ضد مليشيات الحوثي، وهو سيناريو يدركه الحوثيون ومن وراءهم على السواء".
وبشأن نفاد صبر أمريكا، وما إذا كان هناك ضربة تأديبية للحوثيين يعتقد الخبير العسكري أن "الضربات التأديبية وقعت الأسبوع الماضي ليس في البحر الأحمر فقط، بل في سوريا والعراق ولبنان والعمق الإيراني".
خيارات عدة
إدانة مجلس الأمن لأعمال الحوثي في البحر الأحمر يكشف نفاد صبر العالم، ما يجعل المجتمع الدولي أمام خيارات عدة للتعامل مع هذه المليشيات لحماية الممرات الدولية.
وقال القيادي في الحزب الناصري اليمني مجيب المقطري إن "هناك سيناريوهات عديدة للتعامل مع مليشيات الحوثي، منها عسكرية وأخرى أوراق ضغط، من بينها الرد بضربات موجعة على مخازن الصواريخ وورش إعادة تركيب الطائرات بدون طيار وورش تصنيع القوارب المفخخة".
وأضاف، في تصريح لـ"العين الإخبارية"، أنه من "السيناريوهات كذلك أن تعمل واشنطن على إعادة تصنيف مليشيات الحوثي كمنظمة إرهابية، وهو قرار سيرفع الغطاء السياسي عن الحوثيين ويضعه أمام خيار داخلي محتوم".
وأشار إلى أن عدم قيام واشنطن بأي من هذه الضربات أو التصنيف يعني أنها لا تزال لا تعرف التداعيات العالمية، أو حتى الإقليمية للتهديد الذي يشكله الحوثيون محليا وعالميا.
ولفت إلى أنه "على عكس القراصنة الصوماليين يستفيد الحوثي من التمويل والتدريب الإيراني، فضلا عن امتلاك مروحيات وصواريخ ودعم استخباراتي لتحديد الأهداف التي تتم مهاجمتها"، وهو ما يتطلب تحجيم هذه القدرات.
يوافقه المحلل السياسي اليمني صالح بلال بأن "المنظور الأمريكي للهجمات الحوثية في البحر الأحمر يعد منظورا أوسع، ويمتد من الحوثي إلى إيران، أي أن أي مواجهة مع مليشيات الحوثي ستكون مع إيران".
وأوضح، في تصريح لـ"العين الإخبارية"، أن "أمريكا لوحت مرارا وحذرت الحوثيين من الرد، ثم عادت لخفض السقف، باعتبار أن هجمات البحر الأحمر لم تلحق أي أضرار، لكن في الواقع أنه تدرك أن أي ضربة للحوثيين هي ضربة لإيران".
وقال إن "أمريكا لا تريد تأجيج الوضع في المنطقة وفق منظورها، فضلا عن التأثير على حراك السلام الهش بين مليشيات الحوثي والحكومة الشرعية برعاية سعودية وعمانية، وبالتالي أي ضربة للحوثيين يفتح الأبواب أمام تصعيد واسع النطاق"، وفقا للمحلل السياسي.
وكانت مليشيات الحوثي تبنت، الأربعاء، هجوما كبيرا على سفينة حربية أمريكية بالصواريخ والطائرات المسيرة كـ"رد أولي" على إغراق واشنطن 3 قوارب ومقتل 10 عناصر للحوثيين في البحر الأحمر مؤخراً.
واستخدم الحوثيون 18 طائرة مسيّرة وصاروخين من نوع كروز مضادين للسفن، فضلا عن صاروخ باليستي مضاد للسفن في الهجوم البحري يوم الثلاثاء، والذي وصف بـ"المعقد" وفق للقيادة المركزية الأمريكية.
ومنذ تفجر الحرب في قطاع غزة يوم 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، شن الحوثيون عشرات الهجمات ضد سفن تجارية متجهة نحو إسرائيل أو تعود ملكيتها لإسرائيل، بحسب زعمهم.
ودفع ذلك الولايات المتحدة إلى الإعلان يوم 18 ديسمبر/كانون الأول، عن تأسيس تحالف عسكري بحري متعدد الجنسيات، تحت اسم "حارس الازدهار"، بهدف التصدي لأي هجمات تستهدف سلامة الملاحة البحرية الدولية.