أكبر مدينة خيام بالعالم.. ضيوف الرحمن يتوافدون على منى لقضاء يوم التروية
بدأ توافد حجاج بيت الله الحرام، الجمعة، الثامن من ذي الحجة إلى صعيد مشعر منى، الذي يعد أكبر مدينة خيام في العالم، لقضاء يوم التروية.
يتوافد ضيوف الرحمن محرمين على اختلاف نسكهم، متمتعين وقارنين ومفردين، اقتداءً بسنة المصطفى، صلى الله عليه وسلم.
الأعمال المستحبة
ويعد "يوم التروية" هو أول محطات مناسك الحج، حيث يستحب التوجه إليها قبل الزوال - أي قبل الظهر - فيصلي بها الحجاج الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر قصراً للصلاة الرباعية وبدون جمع، ولا فرق في ذلك بين أهل مكة المكرمة وغيرهم.
والسنة أن يبيت الحاج في منى يوم التروية، ومن الأعمال في هذا اليوم أن الحاجّ المُتمتع يستحب أن يُحرم من مسكنه في ضُحى يوم التروية، وكذلك الأمر لِمن أراد أداء فريضة الحجّ من أهل مكّة المكرّمة.
ويقوم الحاج في يوم التروية بالاغتسال، والتطيّب، وبما قام به من أعمال عند إحرامه من الميقات، وعقد النيّة بالقلب، وترديد التلبية بقول: (لبَّيْكَ حجّاً)، وإن كان الحاجّ خائفاً من عائقٍ يمنعه من إتمام مناسك الحجّ، فإنّه يقول: (فإن حبَسَني حابس، فمحِلّي حيث حبَسْتني).
وإذا كان الحاجّ يحجّ عن غيره ينوي بقلبه، ثمّ يقول: (لبَّيْكَ حجّاً عن فلانٍ، أو عن فلانة)، ثمّ يستمرّ في التلبية قائلاً: (لبَّيْكَ اللَّهم لبَّيْكَ، لبَّيْكَ لا شريك لك لبَّيْكَ، إنّ الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك).
خيام مطورة
ويوجد في منى ما يُعد أكبر مدينة خيام في العالم، حيث تمتد الخيام على مساحة 2.5 مليون متر مربع، لاستيعاب نحو 2.6 مليون حاج وحاجة.
ويعد مشروع خيام مشعر منى المطورة أحد أكبر المشروعات التي نفذتها حكومة المملكة العربية السعودية في المشاعر المقدسة؛ لخدمة وراحة حجاج بيت الله الحرام، وفق أعلى معايير الأمن والسلامة.
ومن مميزات الخيام التي تستقبل الحجاج بمنى أن لها نسيجا يقاوم الحريق ويعكس أشعة الشمس لتقليل الحرارة.
وسخرت المملكة إمكاناتها لتوفير الخيام المطورة المصنوعة من الأنسجة الزجاجية المغطاة بمادة "التفلون" المقاومة للحرارة العالية والاشتعال، والتي ينعدم منها انبعاث الغازات السامة، حيث استخدم في الخيام أفضل التقنيات الحديثة في مراحل التصنيع والتنفيذ، وترتبط ببعضها البعض بواسطة ممرات، وتحاط كل مجموعة خيام بأسوار معدنية تضم بوابات رئيسة وأخرى للطوارئ.
ويشتمل مشروع الخيام على أسس الأمن والسلامة والملائمة للمحيط العام، ومزودة بالتكييفات إلى جانب مقاومتها للعوامل المناخية، وملائمة شكلها للطابع الإسلامي، ومرونة أجزائها للتشكيل والتركيب،.
مرافق صحية
وأكملت مختلف القطاعات جاهزيتها استعداداً لاستقبال توافد ضيوف الرحمن، حيث جهزت وزارة الصحة مستشفى منى الشارع الجديد بسعة 50 سريراً، منها 13 سريراً للطوارئ، و2 سرير إنعاش، و3 أسرة عزل، وقسم للإجهاد الحراري وضربات الشمس.
كما تم تجهيز أسرة خاصة لقسم الإسعاف والطوارئ بأجهزة حديثة لاستقبال الحالات الطارئة.
أيضا يوجد بالمشعر، مستشفى منى الطوارئ بسعة نحو 200 سرير، من بينها نحو 88 سريراً في قسم الطوارئ، إضافة إلى أسرة لعزل حالات الأمراض التنفسية وإنعاش القلب الرئوي، فيما بلغ عدد الأسرة المخصصة للعناية المركزة 34 سريراً.
أيضا هناك مستشفى منى الوادي بسعة سريرية 160 سريرا موزعة على أسرة للحالات الطارئة والإنعاش القلبي، إضافة إلى أسرة للغسيل الكلوي وحالات الاشتباه بالأمراض التنفسية، وغرف للعزل السالب، كما تم تخصيص أكثر من 20 سريراً لضربات الشمس تحسباً لأي حالات إجهاد حراري وإنهاك متوقعة.
كذلك هناك مستشفى منى الجسر بسعة 150 سريرًا منها أسرة العناية الحرجة، وغرف عزل سالبة الضغط، وأسرة لخدمات الغسيل الكلوي، فيما يشتمل قسم الطوارئ على 40 سريراً تتضمن أسرة الإنعاش القلب الرئوي، وأسرة لمنطقة الملاحظة مجهزة لاستقبال حالات الإجهاد الحراري، وأسرة لمنطقة الضربات الحرارية، وأسرة طوارئ للأمراض التنفسية.
بدورها، أنهت الشؤون الصحية بوزارة الحرس الوطني تجهيز مواقعها بالمشاعر المقدسة عبر عيادات ومركز للإجهاد الحراري وضربات الشمس في كل من مشعر منى وعرفة، بمشاركة أكثر من 250 موظفاً وممارساً صحياً، منهم قرابة 50 طبيباً في تخصصات تشمل العناية المركزة والقلب والطوارئ والباطنة والجراحة والنساء والولادة وجراحة العظام، وطب الأسرة والمجتمع ومكافحة العدوى، تتمثل في مشعر منى على 5 عيادات للرجال والنساء وللأمراض التنفسية، و26 سريراً للتنويم مع أسرة خاصة بالعناية المركزة، وغرف عزل للأمراض المعدية، وغرفة للعمليات الصغرى والضماد، وعيادة للأسنان، كما تتوافر الخدمات الصيدلية والمختبر والأشعة.
وتشارك هيئة هلال الأحمر خلال هذا العام بأكثر من 2540 من الكوادر الطبية الإسعافية والإدارية، ما بين أطباء وأخصائيين وفنيي إسعاف وطب الطوارئ، موزعين على 98 مركزاً إسعافياً في المنافذ وطرق الحاج والعاصمة المقدسة والحرم المكي الشريف والمشاعر المقدسة.
وتستعين بنخبة من القوى البشرية الإدارية لرفع الجاهزية والتخطيط وتقديم الدعم اللوجستي لضمان الاستدامة التشغيلية للخدمة الإسعافية، بالإضافة إلى دعم قواتها البشرية من العاملين في الميدان بأكثر من 694 من أسطولها الإسعافي الذي يتكون من 320 سيارة إسعاف و13 سيارة استجابة متقدمة و7 طائرات إسعاف جوي وطائرتين للإخلاء الطبي و15 دراجة نارية و150 عربة جولف، و150 "سكوتر كهربائي"، إضافة إلى 27 دراجة كهربائية و10 باصات إسعافية، وسيارات خدمة لدعم العمل الإسعافي والإداري خلال مهمة حج هذا العام.
ويعمل مع الهيئة هذا العام أكثر من 96 من العاملين في الترحيل الطبي بالعاصمة المقدسة، بالإضافة إلى أكثر من 595 متطوعاً يعملون تحت مظلة الفريق التطوعي في مختلف التخصصات الطبية والإسعافية.
نحو منى
على صعيد المشاريع الخدمية، نفذت الهيئة الملكية لمدينة مكة المكرمة والمشاعر المقدسة ممثلة في ذراعها التنفيذي شركة "كدانة" للتنمية والتطوير مشروع "نحو منى" بمشعر منى الذي يتضمن إضافة لوحات إرشادية على الطرق الرئيسية والفرعية، مما يسهّل على الحجاج معرفة مسارات العودة إلى المخيمات والذهاب للجمرات.
كما تم إضافة الألوان لتمييز الطرق الرئيسية والفرعية لمعرفة المسارات بسهولة.
10 أبراج جديدة
وأنهت شركة كدانة هذا العام أبراج "كدانة الوادي" السكنية المتطورة ومتعددة الطوابق بمشعر منى تستوعب الأبراج الـ 10، أكثر من 30 ألف حاج بتصاميم حديثة مستوحاة من الهوية العمرانية للمشاعر المقدسة، الهادفة إلى تحسين المشهد الحضري وتقديم تجربة مطمئنة لضيوف الرحمن.
ونفّذت الشركة مشروع كدانة الوادي 6 في 9 أشهر بالشراكة مع القطاع الخاص، وبمساحة بنائية وصلت إلى 165 ألف م2، مهتمة بتطوير البنى التحتية الرئيسة للمباني العشرة والحرص على استيعابها للسعة التخزينية للمياه بقرابة 6600م3، لتكون المباني الحديثة بمثابة نموذج تنافسي في خدمة ضيوف الرحمن.
قطار المشاعر
وأنهى قطار المشاعر استعداداته عبر 9 محطات موزعة في المشاعر المقدسة، ترتبط بخط حديدي مزدوج يبلغ طوله 18 كيلومتراً، وتبلغ الطاقة الاستيعابية للقطار 72 ألف راكب بالساعة في الاتجاه الواحد، ويهيئ أكثر من 2000 رحلة؛ تعمل على تسهيل حركة تنقل ضيوف الرحمن من مواقعهم وإليها.
وتبلغ سرعة القطار 80 كيلومتراً في الساعة ويستطيع قطع المسافة بين منى وعرفات خلال قرابة عشرين دقيقة، ويتكون أسطول قطار المشاعر المقدسة من 17 قطاراً، تبلغ الطاقة الاستيعابية للقطار الواحد ثلاثة آلاف راكب، في حين أن سعة القطار المقعدية تبلغ 20% من مجموع ركابه، لتبلغ بذلك طاقة قطار المشاعر المقدسة الاستيعابية 72 ألف راكب في الساعة الواحدة، ويسهم في نقل ما يزيد على 350 ألف حاج في حركته لنقل الحجاج بين مختلف المشاعر المقدسة.
وتم تصميم المحطات عدد أبواب الدخول والخروج للقطار والبالغ عددها 60 باباً لكل جانب حيث يُسهم قطار المشاعر المقدسة في نقل مئات الآلاف من الحجاج في كل حركة من حركاته المختلفة بين المشاعر.
خدمات مائية
بدورها أعلنت وزارة البيئة والمياه والزراعة أن أكثر من 2000 موظف يعملون على تقديم الخدمات المائية للحجاج هذا العام، حيث إن معدل الضخ اليومي يتجاوز 750 ألف متر مكعب في مكة المكرمة، ويصل إلى مليون متر مكعب أوقات الذروة يومي عرفة والعيد، كما وصلت كميات الخزن المائي إلى 3.2 مليون متر مكعب، بجانب تنفيذ نحو 4100 فحص مخبري يومي لضمان جودة المياه المقدمة لضيوف الرحمن.
وبينت الوزارة أنها أطلقت 10 مشاريع تتجاوز قيمتها 158 مليون ريال لتطوير البنية التحتية ودعم الإمداد المائي.
أسفلت مطاطي
وجهزت وزارة النقل والخدمات اللوجستية مبادرة الإسفلت المطاطي المرن في ممرات المشاة بالمشاعر المقدسة لحج هذا العام في الطريق الموازي لطريق المشاة رقم 6 المؤدي إلى جبل الرحمة بمشعر عرفات، وعمل على تنفيذ المبادرة في أكثر من موقع ومنها المنطقة المحيطة بمسجد نمرة في عرفات بإجمالي مساحة تتجاوز 25 ألف متر مربع، مما يسهم في خفض درجة الحرارة بحوالي 20% مقارنة في باقي الطرق.
مشعر منى عبر التاريخ
ويقع مشعر منى بين مكة المكرمة ومشعر مزدلفة على بُعد 7 كيلومترات شمال شرق المسجد الحرام، وهو مشعر داخل حدود الحرم، وهو وادٍ تحيط به الجبال من الجهتين الشمالية والجنوبية، ولا يُسكن إلا مدة الحج، ويحُده من جهة مكة المكرمة جمرة العقبة، ومن جهة مشعر مزدلفة وادي محسر.
ويقول المؤرخون إن تسمية (منى) أتت لما يراق فيها من الدماء المشروعة في الحج، وقيل لتمني آدم فيها الجنة، ورأى آخرون أنها لاجتماع الناس بها، والعرب تقول لكل مكان يجتمع فيه الناس مِنى.
وبمنى رمى إبراهيم عليه السلام الجمار، وذبح فدية لابنه إسماعيل عليه السلام، وفيه قال عز وجل (فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِن شَاء اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلاء الْمُبِينُ وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ).
وبمنى نزلت سورة النصر أثناء حجة الوداع للرسول صلى الله عليه وسلم، وبها تمت بيعة الأنصار المعروفة ببيعتي العقبة الأولى والثانية حيث بايعه عليه السلام في الأولى 12 شخصاً من أعيان قبيلتي الأوس والخزرج، فيما بايعه في الثانية 73 رجلاً وامرأتان من أهل يثرب وكانت قبل هجرته عليه أفضل الصلاة والسلام إلى يثرب.
aXA6IDMuMTM5LjIzNi45MyA= جزيرة ام اند امز