بالصور.. اختيار ملكة جمال الجزائر يفجر معركة ساخنة حول "المعايير"
خديجة بن حمو أو فتاة من جنوب الجزائر تفوز بلقب ملكة الجمال 2019، وجدل واسع في مواقع التواصل الاجتماعي حول معايير المسابقة.
توّجت الشابة خديجة بن حمو بلقب ملكة جمال الجزائر لعام 2019 خلال حفل أقيم سهرة الجمعة بالجزائر العاصمة، لتكون بذلك أول فتاة تفوز بهذا اللقب من جنوب البلاد، خاصة أنها تنحدر من محافظة أدْرار التي تقع في الجنوب الغربي، وتبعد عن العاصمة بنحو 1420 كيلومتراً.
وذكر فيصل حمداد، رئيس لجنة تنظيم المسابقة، في تصريحات صحفية، أن خديجة توّجت باللقب بعد 6 أشهر كاملة من التحضيرات و21 يوماً من التنافس بين 16 متسابقة.
ورغم أن مسابقة ملكة جمال الجزائر التي تنظم سنوياً لا تحظى بالطابع الرسمي، ونظمتها قناة تلفزيونية خاصة في الجزائر مع شركات مساهمة، إلا أنها تلقى اهتماماً واسعاً من قبل الجمهور.
اهتمام الجزائريين بهذه المسابقة أخذ في نسخته الأخيرة طابعاً "حاداً" كما وصفه كثيرون، إذ اشتعلت مواقع التواصل الاجتماعي بعد الإعلان عن الفائزة بلقب ملكة جمال الجزائر 2019 بـ"كم هائل" من ردود الفعل المتباينة، دارت كلها حول المعايير التي تعتمد عليها لجان التحكيم في مثل هذه المسابقات لاختيار أجمل فتاة في الجزائر.
على مواقع التواصل الاجتماعي، انقسم المنتقدون بين المعايير المتبعة في اختيار ملكة الجمال، وأخرى "تهكمت على جمال خديجة"، وتعليقات انتقدت تنظيم هذه المسابقات، واعتبرتها "إهانة للمرأة الجزائرية"، وكثير منها رأت أن تعليقات بعض الجزائريين ترجمت "عنصرية دفينة في المجتمع تخرج مع بعض المناسبات".
معايير ناقصة
بعد تتويجها بلقب ملكة جمال الجزائر، كشفت خديجة بن حمو، في تصريحات صحفية، المعايير التي اتبعتها لجنة التحكيم في اختيار أجمل نساء الجزائر.
وقالت خديجة بن حمو إن المعايير التي اعتُمد عليها هي أخلاق المتسابقة، وطيبة قلبها، وابتسامتها، واحترامها للمتسابقات، وحرصها على الأعمال الخيرية، إضافة إلى الأناقة والجمال".
وانتقد جزائريون تلك المعايير، واعتبرت بعض تعليقاتهم على مواقع التواصل الاجتماعي أن خديجة "تفتقد لأهم معيار في مثل هذه المسابقات، وهو الجمال"، إضافة إلى ضرورة توفر ميزات أخرى بحسب تعليقات أخرى، من بينها الثقافة والذكاء والموهبة مثل الغناء والرقص والعزف وغيرها.
وهاجم ناشطون لجنة التحكيم على اختيارها الذي وصفوه بـ"السيئ"، واعتبروا أن "ملكة جمال الجزائر ستحمل اسم البلد وتمثله عالمياً في مقابل قلة جمال المتوجة مقارنة بمتسابقات أخريات" على حد تعبيرهم.
انتقادات "عنصرية"
فرحة خديجة بن حمو التي عبرت عنها لوسائل الإعلام المحلية في الجزائر "لم يُكتب لها الاستمرار"، أو وجدت ما يعكرها بحسب تدوينات جزائريين على مواقع التواصل الاجتماعي، إذ تحول الكشف عن صاحبة لقب ملكة جمال الجزائر 2019 إلى مادة للسخرية والتهكم على "الملكة"، وصلت إلى "حد العنصرية" كما عبر عن ذلك الجزائريون.
ورأى بعض رواد مواقع التواصل الاجتماعي أن خديجة بن حمو "لا تستحق هذا اللقب"، وأنها "لا تتمتع بذلك الجمال الذي يتوجها بلقب ملكة جمال الجزائريات"، وتساءلت التعليقات: "أين الجمال؟ وأين الملكة؟".
ولم تخل تعليقات الجزائريين من التهكم على "ذوق لجنة التحكيم" وعلى المتوجة باللقب، خاصة تلك التي شبهتها ببعض نجوم كرة القدم في أفريقيا، مثل سامويل إيتو، ودروجبا، وغيرهم، فيما عبرت بعض التعليقات عن "صدمتها" من النتيجة، ووصفتها بـ"كذبة يناير".
وذهبت بعض التعليقات إلى التشكيك في نزاهة الاختيار، وانتقد أصحابها "منح لقب ملكة جمال الجزائر 2019 لفتاة من جنوب الجزائر، رغم مشاركة من هن أجمل منها في المسابقة من مناطق أخرى".
وقد تكون هذه التعليقات بالذات هي التي حولت مواقع التواصل الاجتماعي "إلى حلبة للجدل"، وانتقد كثير من الجزائريين تلك التعليقات، ووصفوها بـ"العنصرية"، ورفضت بعضها تسمية خديجة بـ"ابنة الصحراء"، معتبرين أن ذلك دليل على "عنصرية شريحة واسعة من الجزائريين".
واعتبر بعض الجزائريين عبر مواقع التواصل الاجتماعي أن اختيار خديجة التي تنحدر من محافظة أدرار الواقعة جنوب الجزائر هو "قرار سياسي".
"تشكيك" بعض الجزائريين في "جمال خديجة" أو في اختيارها لتكون ملكة جمال الجزائر قوبل بردود فعل غاضبة، وردت بعضها بإعطاء أمثلة عن مسابقات اختيار ملكات الجمال في بعض الدول الأفريقية، وذكرت بأن "الجزائر بلد مترامي الأطراف، وقد تختلف معايير الجمال من منطقة لأخرى"، وأن "عنصر الجمال متوفر في الفائزة باللقب".
فيما اعتبر بعض الجزائريين أن مشاركة خديجة بن حمو في مسابقة ملكة جمال الجزائر هي "حالة نادرة الحدوث"، وأن طبيعة المجتمع الصحراوي الجزائري المحافظ تمنع على بناته المشاركة في مثل هذه المسابقات.
غير أن بعض الجزائريين لم يخفوا "اشمئزازهم من مستوى النقاش" على مواقع التواصل الاجتماعي، ووصفوه بـ"التافه"، وأن النقاشات الحقيقية يجب أن تنصب حول حاضر ومستقبل الجزائر، وعلى القضايا التي تهم الجزائريين.
زوايا الجزائر تستهجن
موجة الانتقاد والسخرية التي تعرضت لها المتوجة بلقب ملكة جمال الجزائر قوبلت باستهجان "نقابة الزوايا الأشراف بالجزائر"، وردت من خلال بيان لها على حملات السخرية التي انتشرت عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
ودعا البيان الذي اطلعت "العين الإخبارية" على تفاصيله إلى "عدم السخرية من مخلوقات الله، ومن تتبع عورة مؤمن كشف الله عورته، ثم هذه مخلوقات الله خزائن مقفلة مفاتيحها عند الخالق عز وجل، ولا يعلم قلوب مخلوقاته إلا هو".
وأضاف: "ثم ما ترونه في اتباع بنات العائلات، فالجزائريات الحمد لله طاهرات، ومن رماهن فكأنما رمى المحصنات، ليس كل مظهر يحكم عليه المرء، فالله سبحانه وتعالى قال (إلا من أتى الله بقلب سليم)، ثم من يدري ما يعمله المخلوقات بينهم وبين خالقهم فالله أدرى وأعلم".
خديجة ترد
عقب تتويجها بلقب ملكة جمال الجزائر، أعربت خديجة بن حمو عن سعادتها بذلك، وذكرت أن مشاركتها في المسابقة كانت "صدفة" وأنها لم تخطط للأمر ولم تفكر فيه من قبل.
وعن الانتقادات التي تعرضت لها عبر مواقع، ظهرت خديجة "متوازنة وهادئة" أمامها، وردت بالقول "من ينتقدونني أقول لهم ربي يهديهم، ومن يشجعونني أقول لهم بارك الله فيكم".
موجة الانتقادات الواسعة في الجزائر على اختيار خديجة ملكة جمال 2019، لم تمنع من ظهور حملة تضامن واسعة معها، ودافع عنها كثيرون عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
وقال أحد المدافعين عن خديجة "أن الجمال لا يقاس بحجم البشرة أو ملامح الوجه، بل لاعتبارات أخرى تتعلق بالمستوى الثقافي والجانب الإنساني فيها، إلى جانب الموهبة والذكاء ومدى قدرتها على حل المشكلات".
واعتبر بعض الجزائريين أن الهجمة التي تعرضت لها خديجة بن حمو "كشفت عن شحنة سالبة من الحقد والعنصرية يكنها الأبيض للبشرة السمراء، والجهوية التي ورثها أبناء الشمال ضد الضفة الأخرى".
وأثنت تعليقات على "عفوية خديجة وتواضعها"، واعتبرت أن سر جمالها يكمن في "ابتسامتها"، إذ قالت بعضها "روح الطفولة أو البراءة التي عبرت بها خديجة عن فرحتها وعن ردها للمنتقدين".