المفقودون كابوس تركيا الخانق.. جنازات تنتظر موتاها
تكثف وكالات الإغاثة الدولية جهودها لمساعدة ملايين المشردين، بعد 11 يوماً من الزلزال المدمر الذي هز تركيا وسوريا، وخلف دمارا واسعا.
وتسبب الزلزال الذي أودى بحياة أكثر من 43 ألف شخص في البلدين، في هدم آلاف المنازل، وأجبر مئات الآلاف على العيش في الخيام أو المساجد أو المدارس أو السيارات.
وفي أديامان، قال مصطفى أكان الذي ينام في العراء ويستدفئ بحرق حطب في دلو: "نعيش هذه الأيام على الخبز والحساء ووجبات تأتي من مساعدات يرسلها الناس. لم تعد لدينا حياة. نحن خائفون".
ويتزايد الغضب وسط العائلات التي ما زالت تنتظر خروج ذويها المفقودين بسبب ما يرون أنها ممارسات بناء فاسدة وتطوير حضري معيب بشدة نتج عنها انهيار آلاف المنازل والشركات.
وبينما كانت آلات الحفر تهدم ما تبقى من كتلة سكنية فاخرة في مدينة أنطاكية الجنوبية، قالت سيفيل كارابدل أوغلو: "كان لدي طفلتان. ليس لدي غيرهما. هما تحت الأنقاض". ويعتقد أن نحو 650 شخصاً لقوا حتفهم حين انهار مبنى رينيسانس ريسيدنس في الزلزال.
وأضافت: "استأجرنا هذا المكان باعتباره سكنا للنخبة ومكانا آمنا. كيف أعرف أن المقاول بناه بهذه الطريقة؟ الجميع يتطلع إلى تحقيق ربح. جميعهم مذنبون".
وعلى بعد نحو 200 كيلومتر، تجمع نحو 100 شخص في مقبرة صغيرة في بلدة بازارجيك لدفن أسرة مكونة من الوالدين إسماعيل وسيلين وابنتيهما الصغيرتين الذين لقوا حتفهم في مبنى رينيسانس ريسيدنس الذي انهار في الزلزال.
ووعدت تركيا بالتحقيق مع أي شخص يشتبه في مسؤوليته عن انهيار المباني وأمرت باحتجاز أكثر من 100 مشتبه بهم، بينهم مطورون.
وأودى الزلزال بحياة ما لا يقل عن 38044 شخصاً في جنوب تركيا، بينما أبلغت السلطات في سوريا المجاورة عن مقتل 5800، وهو رقم لم يتغير كثيراً على مدى أيام.
ورغم مرور 11 يوما على وقوع الزلزال، ما زالت فرق الإنقاذ تنتشل ناجين من تحت الأنقاض، وأفادت أنباء بانتشال ناجيتين من تحت الأنقاض في تركيا، الخميس، لكن عمليات الإنقاذ هذه أصبحت نادرة بشكل متزايد، مما يترك المجال لتصاعد الغضب مع تلاشي الأمل.
وذكرت محطة "تي.آر.تي خبر" أن فتاة تبلغ من العمر 17 عاماً انتشلت من بين أنقاض مجمع سكني منهار في إقليم كهرمان مرعش بجنوب شرق تركيا بعد 248 ساعة من وقوع الزلزال الذي بلغت قوته 7.8 درجة في ظلام الليل يوم السادس من فبراير/ شباط الجاري.
وأظهرت لقطات المنقذين وهم يحملونها على محفة إلى سيارة إسعاف مع تغطيتها بينما أمسك أحد عمال الطوارئ بمستلزمات إمدادها بمحلول وريدي.
بعد ذلك بعشر ساعات، تم إنقاذ امرأة تدعى نسليهان كيليتش. وقال شقيق زوجها لقناة "سي.إن.إن ترك": "أعددنا قبرا لها وطلبنا من عمال الإنقاذ التوقف عن الحفر لأننا كنا نخشى أن يمزقوا الجثث المتبقية تحت الأنقاض. وبعد لحظات، سمعنا صوتها من تحت أنقاض المبنى".
ولا يزال زوج كيليتش وطفلاهما في عداد المفقودين. ولم تذكر تركيا ولا سوريا عدد الذين لا يزالون في عداد المفقودين.
وناشدت الأمم المتحدة العالم جمع أكثر من مليار دولار لدعم عملية الإغاثة في تركيا، وذلك بعد يومين من إطلاق نداء لجمع 400 مليون دولار للسوريين.
وقال منسق الأمم المتحدة للإغاثة مارتن غريفيث، الذي زار تركيا الأسبوع الماضي، إن المواطنين "يعانون حزنا لا يوصف"، مضيفاً أنه "يجب أن نقف معهم في أحلك أوقاتهم ونضمن حصولهم على الدعم الذي يحتاجون إليه".
على الجانب الآخر من الحدود في سوريا، دمر الزلزال منطقة مزقتها الحرب الأهلية الدائرة منذ نحو 12 عاماً. وتشير الحكومة السورية إلى أن عدد القتلى في الأراضي الخاضعة لسيطرتها بلغ 1414.
ولفتت تقارير إلى أن أكثر من أربعة آلاف شخص لقوا حتفهم في الشمال الغربي الخاضع لسيطرة مقاتلي المعارضة، لكن رجال الإنقاذ يقولون إنه لم يتم العثور على أي شخص على قيد الحياة هناك منذ التاسع من فبراير/ شباط.
وأعاق الصراع في سوريا جهود الإغاثة في شمال غرب البلاد ويشعر الكثيرون هناك بأنه تم التخلي عنهم بينما تتجه المساعدات إلى أجزاء أخرى من المنطقة المنكوبة مترامية الأطراف. وتوقفت شحنات المساعدات من تركيا بالكامل في أعقاب الزلزال مباشرة، بعدما تم إغلاق طريق تستخدمه الأمم المتحدة مؤقتا.
وأكد متحدث باسم مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية لوكالة "رويترز" أنه حتى أمس الخميس مرت 119 شاحنة تابعة للأمم المتحدة عبر معبري باب الهوى وباب السلام منذ الزلزال. وفر كثير من الناجين من المناطق المنكوبة، لكن بعضهم قرر البقاء على الرغم من الظروف المروعة.
aXA6IDMuMTQ1LjMzLjIzMCA= جزيرة ام اند امز