كوارث الفيضانات تُعيد الأوبئة القديمة للظهور.. دراسة تكشف حقائق صادمة
هناك علاقة عضوية بين الفيضانات وظهور الأمراض، هذا ما تكشف عنه التقارير والدراسات العلمية في المناطق المتضررة.
في النصف الثاني من عام 2018، انتشر مرض «السلمونيلا المعوية» (Salmonella enterica)، على طول ساحل ولاية كارولاينا الشمالية، وقتها ربط أغلب الباحثين ذلك المرض بوجود أعداد كبيرة من مزارع الخنازير في المنطقة؛ فالسلمونيلا المعوية هي بكتيريا تعيش في أمعاء الإنسان والحيوان، وعادةً ما تخرج مع البراز، وتدخل في أنظمة الصرف الصحي، وعندما تدخل إلى جسم الإنسان مرة أخرى، لا تكون نفس المخلوق المسالم الذي عاش في جسمه من قبل، وإنما في شكل عدوى. لذلك ربط الباحثون وقتها بين انتشار العدوى ووجود الكثير من مزارع الخنازير في نفس المنطقة.
- أنظمة غذائية بحرية أكثر استدامة (مقابلة)
- هل ينجح الذكاء الاصطناعي في مواجهة كوارث المناخ؟.. دراسة عالمية تجيب
لكن يبدو أنّ فريقاً آخر من الباحثين، من جامعة إلينوي في أوربانا شامبين، لديه وجهة نظر أخرى، خاصة وأنّ انتشار العدوى كان قد تزامن مع اندلاع فيضان فلورنس في سبتمبر/أيلول من نفس العام، والذي أثر على ولاية كارولاينا الشمالية. ربط الباحثون هذا الفيضان وانتشار عدوى السلمونيلا المعوية.
وجمعوا نحو 25 عينة من مياه المسطحات المائية أسفل مزارع الخنازير في الولاية، منها 23 عينة لبكتيريا السلمونيلا المعوية. وحللوا تسلسل الجينات داخل البكتيريا، والتي عادةً ما تكون في صورة كروموسومات وبلازميدات.
ووجدوا أنّ عينات بكتيريا السلمونيلا المعوية التي جمعوها، لم تكن من الحيوانات، وبمزيد من الفحص والتدقيق في أصل تلك البكتيريا، وجدوا في نهاية المطاف أنّ مصدرها الأساسي من الأنهار والجداول. وهذا يعني أنها تكوّنت في البيئة بصورة طبيعية. ونشر الباحثون ما توّصلوا إليه في دورية «جيو هيلث» (Geo Health) في نوفمبر/تشرين الثاني 2023.
كيف حدث ذلك؟
حسنًا، هذا يقودنا للنظر في موقع ولاية كارولاينا الشمالية، والتي تُعد واحدة من أكثر المناطق عرضة للفيضانات الاستوائية، ومع تفاقم ظاهرة الاحترار العالمي، يزداد الوضع سوءًا. لكن، ربما الأمر ليس كذلك بالنسبة للبكتيريا التي تجد في تلك الظروف الدافئة فرصة مثالية للازدهار والنمو. وهذا تمامًا ما حدث. لذلك، لا ينبغي اتخاذ أنظمة الصرف الصحي أو مزارع الماشية على أنها المصدر الوحيد لانتشار السلمونيلا المعوية أو مسببات الأمراض بصورة عامة.
وهناك مشكلة كبيرة تتعلق بمقاومة الكثير من مسببات الأمراض للمضادات الحيوية، ما يُصعّب علاج المصابين بالعدوى. وتوجد الكثير من سلالات السلمونيلا المعوية المقاومة للمضادات الحيوية، وهذه مشكلة كبيرة، تواجه أنظمة الرعاية الصحية، خاصة مع انتشار مثل هذه الأمراض بعد حدوث كارثة مناخية.
وتُعد نتائج الدراسة حافزًا مهمًا للسيطرة على انتشار مسببات الأمراض المقاومة للمضادات الحيوية، خاصة في المناطق الساحلية في البلدان النامية التي تتأثر بالعواصف الاستوائية أكثر من غيرها. وزادت الحاجة إلى تعزيز إجراءات التخفيف من آثار التغيرات المناخية، والعمل على خفض انبعاثات الغازات الدفيئة، المتسببة في رفع متوسط درجات حرارة الكوكب.
aXA6IDMuMTM4LjY5LjM5IA== جزيرة ام اند امز