محمد بن زايد في كوريا الجنوبية.. زيارة تعزز شراكة استراتيجية خاصة
أهمية خاصة تحملها زيارة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات إلى كوريا الجنوبية، الثلاثاء، لأسباب عدة.
أول تلك الأسباب أن الزيارة هي الأولى للشيخ محمد بن زايد آل نهيان إلى كوريا الجنوبية بعد توليه مقاليد الحكم مايو/أيار 2022.
- محمد بن زايد يصل إلى كوريا الجنوبية في زيارة دولة
- محمد بن زايد في كوريا الجنوبية.. استقبال حافل بدأ من الأجواء
وتعد تلك الزيارة محطة هامة في مسيرة العلاقات الثنائية بين البلدين، التي شهدت قفزات نوعية خلال الفترة الماضية حتى وصلت إلى مرحلة "الشراكة الاستراتيجية الخاصة".
مكانة مهمة
ثاني تلك الأسباب أن قيام الشيخ محمد بن زايد آل نهيان بـ"زيارة دولة "إلى كوريا الجنوبية، التي تعد أرفع أنواع الزيارات الرسمية، يحمل رسائل ودلالات حول قوة ومتانة وعمق العلاقات بين البلدين والسعي المشترك لتطويرها.
وتعد "زيارة الدولة" هي الأعلى مستوى بين أنواع الزيارات التي تتم بين قادة الدول، ولها مراسم وبرامج وبروتوكولات خاصة، منذ الإعداد لها وحتى إتمامها، حيث تعد أهم أشكال الاتصالات الدولية في مجال البروتوكول الدبلوماسي، الأمر الذي يعبر عن حجم المكانة التي يحظى بها الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ودولة الإمارات لدى كوريا الجنوبية قيادة وشعبا.
وبدأ الشيخ محمد بن زايد آل نهيان زيارة دولة إلى كوريا الجنوبية تستمر يومين تلبية لدعوة الرئيس يون سوك يول.
ويبحث الزعيمان خلال الزيارة علاقات الصداقة وتطور مختلف جوانب العمل المشترك من أجل تعزيز التعاون في مجالات التجارة والاستثمار والطاقة والتكنولوجيا، وذلك في إطار الشراكة الاستراتيجية الخاصة التي تجمع دولة الإمارات وكوريا بما يتسق مع رؤاهما تجاه مستقبل التنمية والازدهار واستدامتهما في البلدين.
كما يبحث الزعيمان تطورات مجمل القضايا الإقليمية والدولية محل الاهتمام المشترك.
ويرتقب أن تسهم نتائج تلك الزيارة وما يتخللها من مباحثات في تعزيز "الشراكة الاستراتيجية الخاصة" التي تربط البلدين منذ مارس/آذار 2018 ودفع مسيرة التنمية المستدامة وتحقيق مزيد من الازدهار والتقدم والتطور لكلا البلدين.
قمة يناير 2023
وتعد القمة بين الزعيمين هي الثانية خلال 18 شهرا، بعد القمة التي عقدت بينهما خلال قيام الرئيس الكوري الجنوبي بزيارة دولة إلى دولة الإمارات خلال الفترة من 14 إلى 17 يناير/كانون الثاني 2023، في أول زيارة له للدولة بعد توليه مهام منصبه في مايو/أيار 2022.
وتم خلال قمة يناير/كانون الثاني الاتفاق على ترسيخ وتطوير الشراكة الاستراتيجية الخاصة بين البلدين من خلال تعزيز التعاون الاستراتيجي في أربعة مجالات رئيسية هي: الطاقة التقليدية والطاقة النظيفة، والطاقة النووية السلمية، والاقتصاد والاستثمار، والدفاع وتكنولوجيا الدفاع، فضلاً عن التعاون في مجالات أخرى ذات الاهتمام المشترك ومنها الفضاء، والصناعات الناشئة، والمجال الثقافي..كما تبادل الجانبان وجهات النظر حول عدد من القضايا الإقليمية والدولية.
وأعلنت دولة الإمارات خلال الزيارة عن التزام أجهزتها الاستثمارية السيادية باستثمار مبلغ 30 مليار دولار في قطاعات استراتيجية في جمهورية كوريا.
وأكّد الجانبان في بيان مشترك أن للشراكة الاستراتيجية بين البلدين دورا مهما في جهود التعاون المتبادل لتعزيز السلام والاستقرار في المنطقة وخارجها.
كما بحث الجانبان آفاق تعزيز الحوار والدبلوماسية في جميع أنحاء المنطقة، وشددا على أهمية الالتزام بالقانون الدولي ومبادئ احترام سيادة الدول وحل النزاعات بالوسائل السلمية.
وخلال تلك الزيارة، قام الشيخ محمد بن زايد آل نهيان والرئيس يون سوك يول بزيارة إلى"محطات براكة للطاقة النووية السلمية " في منطقة الظفرة بإمارة أبوظبي للاطلاع على مستجدات تطويرها.
وأشاد الشيخ محمد بن زايد آل نهيان بجهود الخبرات الإماراتية والكورية التي عملت طوال العقد الماضي على إنجاز محطات براكة للطاقة النووية السلمية، والتي ستوفر فور تشغيلها بالكامل ما يصل إلى 25% من احتياجات دولة الإمارات من الطاقة الكهربائية من دون أي انبعاثات كربونية وستوفر ما تصل قيمته إلى مليارات الدولارات من الغاز الطبيعي.
وشهد الشيخ محمد بن زايد آل نهيان والرئيس يون سيوك يول تبادل وإعلان عددٍ من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم التي تهدف إلى تطوير آفاق التعاون في مختلف المجالات في إطار العلاقات الإستراتيجية الخاصة التي تجمع البلدين.
زيارات القادة
وجاءت زيارة رئيس كوريا الجنوبية يون سوك يول إلى دولة الإمارات يناير/كانون الثاني 2023، ضمن سلسلة زيارات متبادلة بين قادة البلدين، في إطار الحرص المشترك على تعزيز وتطوير العلاقات.
وسبق أن أجرى الشيخ محمد بن زايد آل نهيان عدة زيارات إلى كوريا الجنوبية في يونيو/حزيران 2006م، ومايو/أيار 2010م، ومارس/آذار 2012م، وفبراير/شباط 2014م، وفبراير/شباط 2019م.
أسهمت تلك الزيارات في توطيد وتعزيز العلاقات بين البلدين.
وتم خلال زيارته لكوريا الجنوبية فبراير/شباط 2019، توقيع 12 اتفاقية ومذكرة تفاهم لتعزيز الشراكة الاستراتيجية الخاصة بين البلدين في مختلف المجالات.
وصدر في ختام الزيارة بيان مشترك، كان بمثابة خارطة طريق، يحدد ملامح تطوير "الشراكة الاستراتيجية الخاصة" التي تربط البلدين، ومواقف البلدين من مختلف قضايا العالم والمنطقة.
دفعة جديدة
ويرتقب أن تعطي زيارة الشيخ محمد بن زايد الحالية إلى سول دفعة جديدة للشراكة الاستراتيجية بين البلدين، ونقلة نوعية في مستوى التعاون، وخصوصا في ظل ما يتوافر للعلاقات بين البلدين من مقومات التطور والتقدم وخاصة في مجالات الاستثمار وتكنولوجيا المعلومات والطاقة، ولا سيما بعد نجاح التعاون بينهما في مجال الطاقة النووية السلمية عبر محطات براكة، التي تعد إحدى ثمار التعاون بين البلدين.
أما من الجانب الكوري، فتمثلت أبرز زيارات القادة في زيارة الرئيس الأسبق «روه مو هيون» في مايو/آيار 2006م، وزيارات الرئيس الأسبق «لي ميونغ باك» في ديسمبر/كانون الأول 2009م ومارس/آذار 2011م وفبراير/شباط 2012م ونوفمبر/تشرين الثاني 2012م، وزيارات الرئيسة الكورية السابقة «بارك كون هيه» في مايو/ آيار 2014م ومارس/آذار 2015م، وزيارات الرئيس السابق «مون جاي إن» في مارس/آذار 2018م ويناير/كانون الثاني 2022.
وتم خلال زيارة (مارس/آذار 2018) الاتفاق على ترفيع علاقات "الشراكة الاستراتيجية" التي تربط البلدين منذ عام 2009م، إلى "شراكة استراتيجية خاصة".
وسبق أن أكد الشيخ محمد بن زايد أن العلاقات بين دولة الإمارات العربية المتحدة وجمهورية كوريا الجنوبية نموذج متميز للعلاقات الاستراتيجية القائمة على الثقة والمصالح المشتركة واتساق المواقف تجاه القضايا الإقليمية والعالمية والعمل من أجل التنمية التي تصب في مصلحة الشعبين الصديقين.
تطور العلاقات
وتترجم الزيارة الحالية للشيخ محمد بن زايد آل نهيان إلى كوريا الحرص على تطوير العلاقات الثنائية التي بدأت رسميا منذ عام 1980 وإعطائها قوة دفع جديدة لتحقيق المزيد من الإنجازات التي تحقق المصالح المشتركة للبلدين وشعبيهما الصديقين.
وتعد جمهورية كوريا الجنوبية من بين أوائل الدول التي اعترفت بقيام دولة الإمارات العربية المتحدة وذلك في 10 ديسمبر/كانون الأول من العام 1971م، وأقيمت العلاقات الدبلوماسية بين البلدين بصورة رسمية في 18 يونيو/حزيران 1980م، حيث افتتحت كوريا سفارتها في العاصمة أبوظبي 5 ديسمبر/كانون الأول 1980م، فيما افتتحت دولة الإمارات سفارتها في العاصمة سول 3 مارس/آذار 1987م.
وتم ترفيع العلاقات بين البلدين إلى "شراكة استراتيجية" في العام 2009م، ثم إلى "شراكة استراتيجية خاصة" في العام 2018م، وتوسعت هذه العلاقات لتشمل جميع مجالات التعاون على المستويات السياسية والاقتصادية والثقافية وغيرها.
وتشهد العلاقات بين البلدين تطورا ونموا مستمرا بفضل دعم وحرص قيادة الدولتين على توثيق أواصر التعاون في المجالات كافة حيث ترتكز الشراكة الاستراتيجية بين الدولتين على الإرادة السياسية القوية لدى قيادتي الدولتين للارتقاء بمسار العلاقات في جميع المجالات، وتوافق الرؤى إزاء مجمل القضايا الإقليمية أو الدولية، والإدراك التام لطبيعة المصالح المشتركة.
ويمثل مشروع «براكة» للطاقة النووية السلمية نموذجًا متميزاً للتعاون التنموي بين البلدين، ليس فقط من حيث قيمته المادية، بل أيضاً لأنه أول مشروع بناء محطات للطاقة النووية خارج كوريا الجنوبية، ويعد المشروع أول المحطات النووية السلمية في العالم العربي.
وتم اختيار الشركة الكورية للطاقة الكهربائية "كيبكو" في العام 2009 كمقاول رئيسي لإنشاء محطات براكة للطاقة النووية السلمية في منطقة الظفرة بإمارة أبوظبي.
وعلى المستوى الاقتصادي تترجم المشروعات العملاقة في قطاعات الطاقة والابتكار والتكنولوجيا والمشاريع الصغيرة والمتوسطة والطب والتعليم والرعاية الصحية حجم الشراكة الواعدة التي تربط البلدين.
وتعد دولة الإمارات الشريك التجاري الثاني خليجياً وعربياً لكوريا الجنوبية خلال عام 2022، حيث بلغ حجم التجارة الخارجية غير النفطية بين البلدين 3.4 مليار درهم (917 مليون دولار أمريكي) خلال شهري يناير/كانن الثاني وفبراير/شباط من عام 2023 محققةً نمواً بنسبة 9% مقارنةً بذات الفترة من عام 2022، كما وصلت إلى 19.5 مليار درهم (5.3 مليار دولار أمريكي) خلال عام 2022 بنسبة نمو بلغت 14% مقارنة بعام 2021.
وتعد دولة الإمارات ثاني دولة مصدرة للنفط إلى كوريا الجنوبية، وثاني مستورد من كوريا في منطقة الشرق الأوسط، ويمثل سوق دولة الإمارات منذ عام 2018 الوجهة الأكبر عالميا لشركات البناء الكورية، وكذلك أكبر مستورد للسلع الكورية في الشرق الأوسط.
وحقق التعاون في المجال الصحي بين الإمارات وكوريا الجنوبية نقلة نوعية ترجمتها العديد من مذكرات التفاهم والتعاون الموقعة بين البلدين.
ويتلقى ما يزيد على 3500 مريض إماراتي العلاج سنوياً في كوريا الجنوبية في مختلف العلاجات الطبية.
aXA6IDMuMTQ0Ljg2LjM4IA==
جزيرة ام اند امز