7 دقائق عرفت العالم من هو النجم المصري محمد صلاح، عندما قاد بلاده أمام الكونغو في أكتوبر/تشرين عام2017، للتأهل إلى مونديال روسيا.
المصريون على بعد خطوة من تحقيق حلم غاب طويلا، والأمل كله في محمد صلاح، لكن الآمال قتلت في الدقيقة 86 من عمر المباراة، حينما أحرز المنافس هدف التعادل.
صلاح يسقط أرضا محبطا، يكر شريط حياته مع كرة القدم أمام عينيه، أحلام الطفولة تنفلت من بين يديه، لكن شخصيته المثابرة تأبى الاستسلام.
يقف من جديد، ويطالب فريقه بعدم اليأس، ثم سرعان ما يعود ويحلق في الملعب، ليحرز هدفا في وقت جنوني، ويهدي المصريين تذكرة صعود كأس العالم بعد غياب ثلاثين 30 عاما.
ربما ما جرى يلخص مشوار محمد صلاح في عالم كرة القدم، مسيرة ملهمة لا تعرف التوقف، وإيمان بالنفس لا يهتز.
حكاية صلاح مع كرة القدم بدأت من الطفولة، حينما شغف بها وصارت حياته فداء للحظة لـمس الكرة لقدميه.
يقول صلاح: "أتذكر متابعتي مباريات دوري أبطال أوروبا بشكل دائم ومحاولة تقليد رونالدو البرازيلي وزيدان وتوتي حينما ألعب مع أصدقائي".
لم يتوقع الصغير أن أحلامه ستعانق السماء، ويصير اسمه ضمن صفوف اللاعبين الكبار.
ولد محمد صلاح في قرية نجريج التابعة لمدينة بسيون في طنطا، إحدى المحافظات الريفية في مصر، في 15 من يونيو/حزيران عام 1992.
وسط ظروف مادية متعثرة نشأ صلاح، لكن شغفه بكرة القدم كان يغنيه عن كل شيء، آمن بالحلم، وفي الـ14 من عمره انضم إلى نادي المقاولون العرب لتبدأ مسيرته الكروية ويلمع اسمه وسط اللاعبين الناشئين الموهوبين.
لم تكن الرحلة مفروشة بالورود، اضطر إلى استقلال 3 مواصلات يوميا ليصل من مدينته الصغيرة إلى التدريبات، وعن ذلك يقول: "كنت أقول لنفسي أريد أن أكون كبيرا.. ومميزا".
وقد كان.. تألق صلاح مع المقاولون العرب، واستدعاه منتخب الشباب والمنتخب الأوليمبي في كأس العالم للشباب 2011، وأولمبياد لندن 2012 على التوالي، ليتحول إلى نجم ساطع، ويقود بلاده إلى بطولة قوية، لتصبح نقطة تحول في مسيرته، ويبدأ رحلة الاحتراف،
انتقل صلاح إلى أوروبا في 2012، وهو لا يزال في التاسعة عشرة من عمره، وتحديدا إلى نادي بازل السويسري، لكن مجددا لم تكن الرحلة سهلة.
في الموسم الأول واجه شبح دكة الاحتياط، ثم ما لبث وعاد للمشاركة ليتألق مجددا، وفي موسم (2013) غادر إلى نادي تشيلسي الإنجليزي، وطموحاته تتزايد لكن اصطدم بدكة الاحتياط من جديد.
لكن صلاح الذي لا يعرف اليأس استغل الفرصة وتقرب من المدرب جوزيه مورينيو ليتعلم منه فنون كرة القدم، يقول عن ذلك: "حاولت دائما أن أتعلم كل يوم من اللاعبين، من المدرب، من الجميع. تعلمت أن أكون أكثر احترافية، أن أكون شخصا ولاعبا أفضل".
بعدها انتقل إلى محطة فيورنتينا الإيطالي ثم إلى فريق روما الذي معه تغير كل شيء، تألق صلاح في الدوري الإيطالي وخلال الموسمين اللذين قضاهما مع روما خاض (83) مباراة في جميع البطولات، مسجلا 33 هدفا، وحصل حينها على أفضل لاعب في روما بتصويت الجمهور لعامين متتاليين.
لكن المحطة المفصلية التي غيرت مسيرة محمد صلاح في كرة القدم ليصبح أهم لاعب في العالم كانت في يوليو /حزيران 2017، حينما انتقل للنادي الإنجليزي ليفربول.
ويقول: "كنت أحلم باللعب لليفربول منذ كنت طفلا صغيرا.. كان فريقي في البلايستيشن".
منذ تلك اللحظة ولم يقف قطار إنجازات محمد صلاح الملقب بـ"الملك المصري" من جماهير النادي الإنجليزي، حقق إنجازات استثنائية ليحصد 8 بطولات في مسيرته، وألقابا فردية لا تحصى، أبرزها: جائزة أفضل لاعب في إنجلترا من رابطة الكتاب لثلاث مرات، وجائزة أفضل لاعب أفريقي خلال موسم 2017- 2018، ويصبح اللاعب المصري والعربي الذي يتوج ببطولتي الدوري الإنجليزي ودوري أبطال أوروبا وكأس إنجلترا، ووضع حذاؤه في الجزء الخاص بمصر في المتحف البريطاني تخليدا لكسره الرقم القياسي لهداف البريميرليج في موسم واحد.
مسيرة خرافية قدمها محمد صلاح خاض قرابة (612) مباراة، محرزا 289 هدفا.
وعلى الرغم من أنه واجه خلال هذا العام إخفاقات مع المنتخب المصري بخسارة كأس أمم أفريقيا وعدم التأهل إلى كأس العالم، إلا أن عشاقه يؤمنون بلحظة عودته متألقا ومتوجا من جديد مثلما عودهم خلال مسيرته، وصار عنوانا للأمل والحلم.
أحلام محمد صلاح لم تنته، ويبدو أنها لن تنتهي أبدا.