كيف سقط الضيف في فخ المتسول والبائع؟.. تفاصيل حول اغتيال «شبح» حماس
في قصة أقرب لأفلام هوليوود الخيالية التي جذبت انتباه الجمهور بحبكتها، تأتي عملية اغتيال محمد الضيف لتبوح بتفاصيل جديدة.
عملاء متنكرون في هيئة بائعي خضار ومتسولين كانوا جزءا من عملية سرية للتسلل إلى غزة وتحديد مكان قائد كتائب القسام الجناح العسكري لحركة حماس محمد الضيف.
هذا ما كشفه موقع "جويش كرونيكال" عن تفاصيل اغتيال الضيف الذي لم تؤكد حماس حتى اليوم مقتله، رغم إعلان إسرائيل ذلك.
متسولون وبائعو خضار
التفاصيل التي طالعتها "العين الإخبارية" في موقع "جويش كرونيكال"، ولم تؤكدها إسرائيل رسميا، تقول إن "جنودا من الجيش الإسرائيلي المتخفين وسط الفوضى والمتنكرين في هيئة متسولين وبائعي خضراوات كانوا مفتاحا لعملية جريئة خططت لها إسرائيل لاغتيال الضيف المعروف بسيد التمويه".
حتى الآن كانت تفاصيل كيفية نجاح الإسرائيليين في اغتيال محمد ضيف، القائد العسكري الأعلى لحماس ومهندس هجوم 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، غير معروفة.
ولكن الهجوم الصاروخي الذي قتله ـ ونائبه رافع سلامة، في منطقة المواصي غربي مدينة خان يونس، الشهر الماضي، لم يأتِ إلا بعد عملية سرية داخل غزة نفذها فريق سري من الجيش الإسرائيلي حدد موقعه، بحسب المصدر نفسه.
وبناء على مقابلات مع مصادر أمنية، تظاهر أحد العملاء بأنه بائع خضراوات في السوق خارج المبنى الذي كان من المعتقد أن الضيف كان يزوره بانتظام.
كما يمكن للجنة المشتركة أن تكشف أن خطة خروج العملاء الإسرائيليين كان لا بد أن تتغير في اللحظة الأخيرة.
وتأتي هذه التفاصيل عن اغتيال الضيف، وسط تكهنات كثيرة حول أساليب الاغتيال الإسرائيلية، والتي استهدفت مؤخرا بقادة من الصفوف الأولى في حركة حماس على رأسهم رئيس المكتب السياسي للحركة إسماعيل هنية، إلى جانب المستشار العسكري للأمين العام لحزب الله فؤاد شكر.
"سيد التمويه" في الفخ
وتكشف التفاصيل المتعلقة بالضيف، أن الإسرائيليين كانوا على علم منذ أشهر بأن ما تعتبره تل أبيب "العقل المدبر" لهجوم أكتوبر، أصبح زائرا منتظما للمبنى الذي تم استهدافه في منطقة المواصي.
وعلى ذمة الموقع، كان الضيف يلتقي في المبنى المستهدف زملاء له من حماس لتلقي تحديثات عن تحركات الجيش الإسرائيلي في المنطقة، فضلا عن الوضع فيما يتعلق بالغذاء والإمدادات الطبية للنازحين في غزة.
بعد تلقي معلومات موثوقة من المتعاونين والوحدات السرية الإسرائيلية في المنطقة حول توقيت الزيارة التالية المحتملة للضيف، بدأ الجيش في التخطيط لاغتياله.
وبعد أن قاموا بتقييم المعلومات الاستخباراتية، فوجئوا بأن الرجل الذي كان يتخذ احتياطات أمنية مشددة منذ ثلاثين عاماً، بدأ بشكل غامض يتجاهل هذه القاعدة ويقيم في نفس المبنى السكني غربي خان يونس.
لكن بعد التحقق من هذا التغيير الذي طرأ على الضيف في احتياطاته الأمنية، حيث خشيت إسرائيل أن يكون قد استخدم في الواقع أشكالا تنكرية مختلفة أثناء زياراته، أدرك الجيش أن ذلك يمثل فرصة للاستفادة من هذا الفشل غير المسبوق لـ "سيد التمويه"، وهو اللقب الذي أطلق عليه بسبب حذره الشديد بعد ثلاثين عاما من المحاولات الفاشلة للقضاء عليه.
كيف بدأت العملية؟ وكيف تنكروا بملابس موظفي الأونروا؟
بدأت مهام المراقبة التي تقوم بها طائرات بدون طيار وطائرات أخرى مقاتلة بإرسال المعلومات إلى غرفة القيادة والتحكم الإسرائيلية.
وصل فريق "دوفدوفان" السري، إلى المنطقة وبدأ في البحث بين السكان النازحين.
كان بعض أعضاء الفريق يتظاهرون بأنهم من موظفي وكالة الأونروا يأتون لتوصيل المساعدات، وبعضهم الآخر ينتحل صفة رجال الدين الذين جاءوا لرفع معنويات النازحين.
وقد تم اختيار الملابس التي استخدموها لقدرتها على تطوير الاتصال الجسدي واللفظي مع النازحين في غزة من أجل جمع أكبر قدر ممكن من المعلومات الاستخبارية.
وكان عميلان سريان آخران متمركزين في منطقة مخيم النازحين القريب من المبنى، وكانت مسؤوليتهما تسجيل وقت وصول الضيف.
وكان أحدهما متنكرا في هيئة بائع خضار، ووضع عربته أمام المدخل الرئيسي للمبنى مباشرة، حيث كان من المتوقع أن يدخل الضيف منه.
أما الآخر فكان يجلس بالقرب من نفس المدخل، متنكرا في هيئة رجل عجوز ويرتدي ملابس ممزقة، ويبدو أنه متسول مسن.
يوم السبت الـ13 من يوليو/تموز، تأكدت الزيارة. وبعد أن نقل أعضاء الفريق السري هذه المعلومة إلى غرفة القيادة في إسرائيل، سارع مجلس الوزراء الأمني إلى منح الإذن ببدء العملية.
وفي غياب وقت محدد لوصول الضيف، وجّه قائد القوات الجوية طائرتين مقاتلتين للتحليق فوق المنطقة، على ارتفاع كافٍ بحيث لا يمكن رصدهما. وبقيتا في المكان في حالة تأهب لمدة سبع ساعات، في انتظار دخول "الصيد" للموقع.
ثم اكتشف أحد الطيارين تحركات مشبوهة لعناصر حماس المسلحة إلى الشرق من مخيم النازحين، في منطقة كان من المفترض أن تكون طريق هروب للعملاء الإسرائيليين السريين.
وكان قائد العملية قلقا من أن يعرض ذلك سلامتهم للخطر، فسارع إلى وضع خطة خروج جديدة.
وصدرت توجيهات إلى قائد القوة السرية على الأرض بالتوجه نحو البحر (على بعد 100 متر فقط) بمجرد رؤية الضيف يدخل المبنى، بدلا من التوجه شرقا نحو إسرائيل، كما كان مخططا.
تم نقل الرسالة للعناصر المتنكرة من خلال سماعة أذن صغيرة مدسوسة في آذانهم.
الضيف يدخل المبنى
بعد عدة ساعات من القلق والتوتر، سواء في غرفة التحكم في إسرائيل أو بين القوات في الميدان، شوهد الضيف أخيرًا وهو يدخل المبنى.
أُعطيت الإشارة وشقت القوات البرية طريقها بهدوء نحو البحر، وكأنها تتجول في شارع في تل أبيب. ثم التقطتهم سفينة تابعة للجيش الإسرائيلي دون إثارة الشكوك.
بعد خمس دقائق، بدأت الطائرتان في شن هجمات متدرجة على الهدف، حيث ضربت الأولى المبنى ودمرته بالكامل. ثم وضعت الطائرة الثانية حزاما من النيران بقنابل حول المبنى لتثبيط حماس عن محاولة إنقاذ الضيف وسلامة من النيران.
تضمنت المرحلة النهائية إطلاق صاروخ يخترق المخابئ ويمكن أن يصل إلى ما تحت المبنى.
أفاد مخبرو إسرائيل بأن المبنى به طابق تحت الأرض، لذلك كان على الطيارين استخدام صاروخ متطور قادر على اختراق المبنى أولاً ثم الطابق الأرضي قبل الانفجار.
كان الافتراض أن الضيف سيحاول الفرار إلى الطابق الأرضي، ووفقا للمعلومات الاستخباراتية التي تم الحصول عليها بعد الحادث، فقد فعل ذلك بالضبط، ولهذا السبب استغرق الأمر أسبوعين من الجيش لتأكيد مقتله، حيث كان من الضروري إزالة الأنقاض المحيطة بجسده.
ومع ذلك، تم تأكيد مقتل نائبه، رافع سلامة، في اليوم التالي للهجوم لأنه قُتل في الطابق الأول.
وحتى اليوم لم تؤكد حركة حماس مقتل الضيف. كما أن المعلومات الواردة أعلاه هي على ذمة موقع "جويش كرونيكال".
aXA6IDMuMTQ5LjI3LjMzIA== جزيرة ام اند امز