باستخدام الذكاء الاصطناعي، تسعى الحكومة إلى تحقيق وفورات سنوية بنسبة 50% في النفقات الحكومية الاتحادية
دعوة مفتوحة من الإمارات إلى العالم للتعاون والشراكة النوعية".. وليس هذا بجديد، فقد أرسى الوالد المؤسس الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، ثقافة الاستثمار في الإنسان باعتباره الثروة الحقيقية للوطن.
وعلى مدى عقود من الزمن، كان إنشاء مرافق تعليمية ذات مستوى عالمي محل اهتمام وتركيز القيادة الرشيدة. ويستمر هذا النهج من خلال رؤية سيدي صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، وسيدي صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي رعاه الله، وسيدي صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، حيث تؤكد القيادة الرشيدة أهمية المعرفة والتفكير العلمي كركائز أساسية تستند إليها دولة الإمارات في مسيرتها لتنمية الإنسان وبناء اقتصاد متنوع قائم على المعرفة والتفكير العلمي.
إننا على ثقة بأن جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي ستسهم في تعزيز الابتكار والإنتاجية والنمو والتقدم في دولة الإمارات ومنطقة الشرق الأوسط والعالم ككل، فمع تأسيس هذا الصرح الأكاديمي العالمي، أصبحت دولة الإمارات أقرب إلى المستقبل.
وتماشياً مع هذه الرؤية، أطلقت أبوظبي "جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي" التي تعد أول جامعة للدراسات العليا المتخصصة في بحوث الذكاء الاصطناعي على مستوى العالم، والتي تهدف إلى تمكين الطلبة والشركات والجهات الحكومية من تطوير تقنيات الذكاء الاصطناعي واستخدام إمكاناتها الاستثنائية لتحقيق التقدم الإيجابي.
إن الاهتمام بالذكاء الاصطناعي يشكل أولوية مهمة في دولة الإمارات، حيث يسهم تأسيس "جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي" في دعم أهداف استراتيجية الإمارات للذكاء الاصطناعي 2031 والتي ترسخ دور الدولة في صدارة البلدان التي تسعى لتسخير طاقات وإمكانات الذكاء الاصطناعي في خدمة القطاعين الحكومي والخاص، كما كانت دولة الإمارات سبّاقة أيضاً على مستوى العالم في تعيين أول وزير للذكاء الاصطناعي في عام 2017.
وباستخدام الذكاء الاصطناعي، تسعى الحكومة إلى تحقيق وفورات سنوية بنسبة 50% في النفقات الحكومية الاتحادية من خلال تعزيز وتسريع الإجراءات وتوفير ملايين الساعات التي يتم إهدارها سنوياً في إنجاز المعاملات الورقية. وإلى جانب المجال الحكومي، يسهم الذكاء الاصطناعي في تعزيز الكفاءة والفعالية والدقة والسرعة في العديد من القطاعات، بما في ذلك الطاقة، والخدمات المصرفية، والرعاية الصحية، والاتصالات، وغيرها الكثير.
ولا يزال العالم حتى الآن في بداية الطريق نحو الاستفادة الكاملة من الذكاء الاصطناعي والإمكانات الهائلة التي يتيحها، إذ تُقدّر العديد من الدراسات أنه بحلول عام 2030 سيسهم الذكاء الاصطناعي بنحو 16 تريليون دولار في الاقتصاد العالمي. وفي منطقة الشرق الأوسط، من المتوقع أن يتركز التأثير الأكبر لتطبيقات هذه التكنولوجيا في دولة الإمارات، حيث ستسهم تقريباً بنسبة 14% من الناتج المحلي الإجمالي للدولة في عام 2030.
إن أهمية الذكاء الاصطناعي هي أكبر بكثير من كونه صيحةً تكنولوجية تشهد اهتماماً كبيراً عند اختراعها، بل تتجلى أهميته في أنه يمثل منهجية عملٍ وأسلوباً لجمع المعرفة من مختلف الحقول والميادين ذات الصلة وتطبيقها بكفاءة وعلى نطاق واسع لتحقيق التقدم. على سبيل المثال، يمتلك الذكاء الاصطناعي القدرة على المساهمة في إيجاد حلول لعدد من أهم التحديات التي تواجه العالم، مثل ظاهرة تغير المناخ، وندرة المياه العذبة، والكميات المتزايدة من النفايات، وتوفير الغذاء الكافي لعدد السكان المتزايد حول العالم والعديد غيرها. وللنجاح في استغلال الطاقات والإمكانيات الكاملة التي يتيحها الذكاء الاصطناعي، من الضروري أن يتعاون المجتمع الدولي على تطوير الخبرات واكتساب المعرفة في هذا المجال، وهنا يبرز الدور الاستراتيجي المهم لجامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي في بناء وصقل المهارات المتخصصة في هذا المجال الحيوي.
إلى جانب تأثيرها الاقتصادي الكبير، تقدم تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي خدمات كبيرة للإنسانية من خلال تحقيق قفزات نوعية كبيرة في العديد من المجالات المجتمعية، بما في ذلك طرق التواصل وشبكات النقل وأنظمة الرعاية الصحية والعديد غيرها. وفيما يمكن ملاحظة بعض استخدامات الذكاء الاصطناعي مثل الروبوتات في المصانع، إلا أن تقنياته المتطورة آخذة في اكتساب أدوار أكثر أهمية في جوانب مختلفة من الحياة قد لا تكون مرئية بسهولة للعين المجردة، مثل المختبرات الطبية لتسريع ظهور نتائج التحاليل، وبرامج المحادثة لدعم العملاء، وحتى في وسائل التواصل الاجتماعي للمساعدة في تحديد واختيار المحتوى.
وربما يكون التأثير الأكبر للذكاء الاصطناعي هو على قوى العمل مستقبلاً من خلال المساهمة بتوفير فرص عمل أفضل، حيث يقدّر الخبراء أن الذكاء الاصطناعي سيحفز ظهور وظائف جديدة في مختلف أنحاء العالم بما يتناسب مع التوزع الجديد للعمل بين البشر والآلات والخوارزميات، وذلك على نحو سيسهم في تغيير أنماط العمل والحياة لأجيال المستقبل.
ولضمان استخدام الذكاء الاصطناعي لتطوير الوظائف الحالية وخلق غيرها، فإننا بحاجة إلى تمكين الكوادر البشرية المتخصصة في هذا المجال ليكونوا قادرين على التفكير والتخطيط استناداً إلى الأسس العلمية لهذا القطاع الجديد. لذا، تسعى "جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي" إلى ترسيخ مكانة متقدمة لدولة الإمارات لتصبح منارةً تُصدِّر العلم والمعرفة إلى جميع أنحاء العالم. كما تشكل الجامعة فرصة للارتقاء بهذا النهج خارج حدود الوطن تبرهن دولة الإمارات من خلالها على التزامها بنهج مدّ جسور التواصل والتعاون مع المجتمع الدولي في المبادرات الرائدة والهادفة إلى إعلاء صرح الحضارة في شتى الميادين والمجالات، وبهذا المفهوم، تقدم جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي دعوةً من أبوظبي إلى العالم للتعاون وإطلاق الإمكانات الكبيرة التي تنطوي عليها هذه التكنولوجيا الجديدة.
إننا على ثقة بأن جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي ستسهم في تعزيز الابتكار والإنتاجية والنمو والتقدم في دولة الإمارات ومنطقة الشرق الأوسط والعالم ككل، فمع تأسيس هذا الصرح الأكاديمي العالمي، أصبحت دولة الإمارات أقرب إلى المستقبل.
نقلاً عن "وام"
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة