العالم كله يتغير.. ماذا سيحدث إذا غاب القمر يوما واحدا؟

ما إن نرفع رؤوسنا إلى السماء ليلا حتى نشعر بشيء من الألفة، القمر، بجماله المتغيّر وثباته في دوراته، كان دائما هناك.
لكن تخيل للحظة: ماذا لو استيقظنا ذات يوم ووجدنا القمر قد اختفى فقط ليوم واحد؟ يبدو الأمر كحبكة لفيلم خيال علمي، لكنه يحمل وراءه واقعا علميا مذهلا يكشف الدور العميق الذي يلعبه القمر في حياتنا اليومية، دون أن نشعر.
واختفاء القمر ليوم واحد لن يمر مرور الكرام، ورغم أن مدة 24 ساعة تبدو قصيرة، فإن غيابه المؤقت سيحدث اضطرابا مدهشا في عدة جوانب على كوكب الأرض، من المحيطات إلى المزاج البشري.
الأرض تفقد نبضها
والقمر هو المحرك الأساسي للمد والجزر على سطح الأرض، بفعل جاذبيته التي تسحب مياه المحيطات ذهابا وإيابا. ووفقا لدراسات نشرتها وكالة ناسا، فإن ما يقرب من 70% من تأثير المد والجزر ناتج عن القمر، والباقي عن الشمس.
وإذا اختفى القمر ليوم واحد، ستحدث خلخلة فورية في إيقاع المد والجزر. منسوب المياه في بعض المناطق الساحلية قد يثبت دون ارتفاع أو انخفاض، مما قد يربك حياة الكائنات البحرية التي تعتمد على هذا الإيقاع الطبيعي في تنقلها وتكاثرها. كما يمكن أن تتعطل أنظمة الملاحة البحرية التي تستخدم توقعات المد والجزر.
اهتزاز خفي في ميل الأرض ودورانها
دور القمر لا يقتصر على التحكم بالمياه، بل يمتد إلى استقرار الكوكب نفسه. بحسب بحث منشور في مجلة "نيتشر"، فإن القمر يعمل كـ"مرساة جاذبية" تُبقي ميل محور الأرض ثابتا نسبيا عند حوالي 23.5 درجة. هذا الميل هو ما يصنع الفصول ويؤثر على المناخ.
واختفاء القمر ليوم واحد قد لا يغير الميل بشكل كارثي، لكنه كاف لإحداث "ذبذبة" صغيرة في حركة الأرض، وهو ما يمكن أن يؤثر بشكل طفيف على توقيت شروق الشمس وغروبها في ذلك اليوم، وربما يُحدث اختلاف دقيق في توزيع الضوء والحرارة.
التأثير غير المرئي
وربطت العديد من الدراسات النفسية والطبية بين القمر وحالة الإنسان النفسية، خصوصًا ما يُعرف بـ"تأثير القمر الكامل" على النوم والمزاج.
ووجدت دراسة نُشرت في مجلة "كرنت بيولوجي"عام 2013 ، أن نوم البشر يصبح أقصر وأقل عمقا خلال اكتمال القمر، حتى في غرف معتمة.
وغياب القمر عن السماء، ولو ليوم، قد يؤثر نفسيا على البعض دون وعي منهم، خاصة لدى من يعانون من اضطرابات القلق أو الأرق، وبعض الثقافات ربطت القمر بالسكينة والطمأنينة، وغيابه قد يترك أثرا عاطفيا مفاجئا في اللاوعي الجماعي.
فقدان الساعة الطبيعية
وقبل اختراع التقويمات والساعات، كان القمر هو وسيلة البشر الأولى لحساب الزمن، و تتبع المجتمعات القديمة دوراته لتحديد مواقيت الزراعة والصيد والاحتفالات. في هذا اليوم المفترض من اختفاء القمر، سيغيب هذا المؤشر البصري من السماء، ويصبح الليل أكثر ظلمة بنسبة تصل إلى 70% مقارنة بالليالي المقمرة.
ويؤكد علماء الفلك أن غياب القمر يعزز من وضوح النجوم، ما يجعل هذا "اليوم الأسود" فرصة مثالية لرصد أعماق الكون، لكنّه بالنسبة للكائنات التي تعتمد على ضوء القمر للتنقل، كالسلاحف البحرية والذئاب، سيكون بمثابة انقطاع في خارطة الطريق.
أكثر من مجرد زينة سماوية
ورغم أن اختفاء القمر ليوم واحد هو سيناريو افتراضي بالكامل، إلا أن التفكير فيه يسلط الضوء على مدى ترابط نظامنا الكوني، فالقمر ليس مجرد جرم جميل في السماء، بل هو شريك خفي في استقرار كوكبنا، وفي نظمنا البيئية، وحتى في سلوكنا اليومي.
aXA6IDMuMjEuMTA0LjIxNiA= جزيرة ام اند امز