إنما الأخلاق للأمم وليست لأمة بعينها وهي سر صعودها أو اندثارها، هكذا حلق بنا سمو الشيخ سيف بن زايد آل نهيان في سِفر الأخلاق الذي شنف آذاننا وتمنينا أن لا يتوقف عن بث هذه الروح الوثابة للوصول إلى المعالي باقتداء أصحاب المعاني الأخلاقية السامية
إنما الأخلاق للأمم وليست لأمة بعينها وهي سر صعودها أو اندثارها، هكذا حلق بنا سمو الشيخ سيف بن زايد آل نهيان في سِفر الأخلاق الذي شنف آذاننا وتمنينا أن لا يتوقف عن بث هذه الروح الوثابة للوصول إلى المعالي باقتداء أصحاب المعاني الأخلاقية السامية من المحسوس قبل أن تلمس العقول، وقد اخترقت النفوس وأحرقت أماني المتلاعبين بمنظومة الأخلاق الأممية باسم الدين.
لم يفلسف سموه الأخلاق كثيراً وإن أسس بنيان حديثه على أسس الفلسفة الأخلاقية عند الأمم الراقية، وشدنا ما حرك من أخلاقيات إماراتية كانت تمشي على الأرض منذ عقود مضت.. بل منذ قرون أسلفت، فكانت الحصيلة التي توصل إليها سموه في قوله من يحافظ على الكنيسة بالضرورة يحافظ على المسجد، لأن من محاريبه تشاع الأخلاق وإن خالف البعض التائه نور هدايته بعمى بصيرته.
لقد بدأ سموه بكتاب الحضارة المستدامة في القرآن ودمجه بقرآنه الذي يمشي على الأرض عندما سئلت السيدة عائشة رضي الله عنها عن خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم فأجابت: «كان قرآناً يمشي على الأرض»، والأرض هنا ليست الحدود الجغرافية التي كانت محصورة آنذاك، بل بالعالمين وهو من قوله عز من قائل: «إنا أرسلناك رحمة للعالمين» بمعنى عالم الإنس بكل اختلافاتهم البشرية الفطرية في قوله «ولذلك خلقهم» أي للاختلاف وليس للخلاف، فالأول خلق والثاني ضده.
لم يكن عالم الأخلاق الذي حلق بنا سموه للتأصيل الدقيق له عبر الأمثلة الحية عن مميزات الأخلاق الإماراتية من وحي خياله ولا معلقاً في السماء، بل لامس العمق عندما غرس زايد الفسيلة الأولى في الهند قبل أكثر من أربعة عقود لكي يدرك بوخالد سقياها ونماءها في الهند بعد ذلك ليثبت من خلاله استدامة الأخلاق وربطها باستدامة الوطن.
قبل عقود ضرب سموه مثلاً بالطاعون الذي اجتاح أوروبا وأكل قرابة نصف سكانها والسرطان الذي اجتاح العالم العربي في العام 2011 وقد نجحت الإمارات بجدارة في وقف تآكل فكر أبنائها، لأن سرطان الفكر أشد فتكاً من طاعون الجسد، لأن الطاعون قد يخلص منه المصل المضاد له، أما الفكر فليس بسهولة استخدام المضاد الحيوي، فلابد من قرار حيوي لبتره من جذوره وزرع المضادات الفكرية التي تعظم من حجم الوعي في المجتمع لبيان خطورة سرطان الفكر مقارنة بالطاعون الذي اجتاح أوروبا وانتهى زمنه.
وركز سموه على استدامة الأخلاق الإماراتية التي تنطلق إلى الآفاق الرحبة في التخفيف من معاناة الإنسانية في كل بقاع الأرض، حيث أرواح شهداء الخير حلقت في أفغانستان، رغم سهام الغدر بالخير، إلا أن الإصرار في استمرار إمداد أفغانستان وباكستان واليمن وسوريا ولبنان وغيرها من البلدان قبل أن تحتاجها الحاجة، فإن المدينة العالمية للخدمات الإنسانية واللوجستية لهم قبل الطارئ وبعده، ففي ظرف ثلاث ساعات تلبي الأميرة هيا عاجل النداء من أرض الخير مع زايد قائد الخير ونجله خليفة صاحب مبادرة عام الخير تنطلق قوافل الخير التي لا يرهبها الإرهاب فهي بقوة أخلاقها ترهب الإرهاب ولن نقف عند أي حد.
هذه أخلاق إماراتية استمدت عناصرها الرئيسة من الإسلام أولاً ومن التراث الإماراتي الأصيل والتاريخ التليد لمن أراد التأكد بنفسه فلا تفوتنه زيارة «صاروج الحديد» حتى يرى استدامة حضارة الإمارات الراسخة والضاربة جذورها منذ آلاف السنين في ربط تام وتواصل مستمر بين حضارات العالم فأخلاقنا ليست أنانية بل نهرٌ جار تمر عليه الكافة بلا فواصل فقط بتواصل الأخلاق.
*نقلاً عن " الاتحاد "
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة