شرطة الأخلاق وحجاب الإيرانيات.. لماذا تفشل تجربة الإجبار؟ (خاص)
أعلنت النيابة العامة في إيران حل "شرطة الأخلاق"، الجهة التي وُجِّهت إليها أصابع الاتهام في مقتل الشابة مهسا أميني.
وكانت مهسا أميني قد اعتُقِلت إثر اعتقالها على خلفية عدم التزامها بقواعد اللباس الإسلامي الذي تفرضه السلطات.
وأنشئت "شرطة الأخلاق" التي تعرف محلياً باسم "كشت إرشاد" (دوريات الإرشاد) في عهد الرئيس الإيراني المحافظ محمود أحمدي نجاد من أجل "نشر ثقافة اللباس اللائق والحجاب".
فشل لأسباب عدة
قال المختص في الشؤون الإيرانية أحمد فاروق إن "شرطة الأخلاق" فشلت لأسباب كثيرة من بينها طريقة الوعظ والنصح المتشددة، وإيكال الأمر لغير أهله، فالشرطة غير موكلة بالنصح الديني، وهذا كان خطأ بنص تصريحات المسؤولين.
وأضاف فاروق لـ"العين الإخبارية" أن تدخل الشرطة بأسلوبها الأمني إضافة إلى التغيرات المجتمعية واحتكاك الشباب بالثقافات الأخرى ومقارنة الشباب وضعهم مع وضع أقرانهم في دول أخرى، كلها عوامل صاعدت الرفض الشعبي لفكرة الرقابة على الأخلاق.
وأوضح الخبير في الشؤون الإيرانية أن المجتمع الإيراني يتغير بشكل جذري، لذلك حدث صدام بين الشعب الذي يبحث عن التحرر والحكومة الراديكالية المتشددة، مشيراً إلى أن القانون الحالي كان موجوداً وقت الرئيس حسن روحاني لكنه لم يكن يطبّق بالشكل الفج الذي طُبِّق به الآن في عهد الرئيس إبراهيم رئيسي.
ولفت إلى أن الرؤساء الإصلاحيين تركوا مجالاً للتنفيس وتجاوزاً عن الأمر رغم وجود القانون، لكن المتشددين أصبحوا يجاهرون بالتحدي، لأنهم يعتبرون أن البلاد في حرب على الأسرة والقيم.
تمرد نسائي
من جانبه يرى الدكتور سعيد صادق، أستاذ علم الاجتماع السياسي بالجامعة الأمريكية في القاهرة، إن الحكومة الدينية الإيرانية بعد ثورة 1979 فسَّرت الإسلام وفق أهوائها وفرضت الحجاب بالقوة.
وأوضح صادق لـ"العين الإخبارية" أن المرأة الإيرانية تمردت منذ البداية ضد القوانين القمعية وطالبت بحريتها، وهو ما واجهه النظام بتشديد قانون العقوبات واستخدام كل أنواع الغرامات والجلد والسجن.
وأشار إلى أن الحكومات الإصلاحية كانت تتيح متنفساً للنساء للتعبير عن حريتهن لكن في حدود، بيد أن الحكومات المحافظة المتشددة أمثال حكومة محمود أحمدي نجاد التي دشّنت شرطة الأخلاق، وحكومة إبراهيم رئيسي التي أطلقت لها العنان.
وأوضح صادق أن هناك أجيال ولدت منذ 40 عاماً ولديها تراكمات من القمع الحكومي، وقد تفجّرت هذه المعارضة بعد مقتل مهسا أميني.
هل تتخلى إيران عن الحجاب؟
أكد فاروق أن الحجاب في إيران مظهر من مظاهر سلطة النظام، ويصعب التخلي عنه لأنها أساس من أسس النظام.
واعتبر صادق أن إلغاء "شرطة الأخلاق" مناورة سياسية من النظام، لأنه لم يلغ القانون، وهو بحاجة للإلغاء من قبل "البرلمان الموالي للنظام ومجلس صيانة الدستور الذي يمثل رجال النظام".
ووصف صادق الخطوة بأنها محاولة من الدولة، التي لا تهتم برأي الشارع، إلى خلق انقسام في المجتمع يستفيد منه النظام، فهناك نساء سترفضن إلغاء الحجاب في مقابل نساء تطالبن بالخلع، وهو ما سيحوّل الصدام إلى صدام مجتمعي.
وأشار إلى أن وظيفة الدولة تطبيق القوانين وحفظ الأمن والانضباط في المجتمع، لكن غير منوط بها فرض وجهة نظر معينة تجاه قضية بها اختلاف في الآراء المذهبية، لأن هذا يخلق تشددًا في المجتمع.
وأوضح أن الدول الثلاث التي تفرض الحجاب بالقانون هي إيران وأفغانستان والسودان، وقد منعت الأخيرة الفرض بعد الثورة، أما باقي الدول الإسلامية فالحجاب منتشر بها بدون قانون.