كأس الأمم الأفريقية يثير شجن الموريتانيين.. ما قصة النشيد الوطني "القديم"؟
كاد الموريتانيون ينسون النشيد الوطني الذي اعتٌمد منذ استقلال البلاد في الستينيات، لكن بطولة الأمم الأفريقية بالكاميرون، أحيت لهم ذكريات مليئة بالشجن.
فما إن بدأت مراسم بداية أول مباريات المنتخب الموريتاني الأولى في البطولة الأفريقية، ضد منتخب جامبيا، حتى أنكرت أسماع اللاعبين النشيد المعزوف، إذ غاب النشيد الوطني الرسمي، واستُبدل من قبل لجنة التنظيم الكاميرونية، بالنشيد القديم.
وأثار الخطأ التنظيمي وعزف نشيد الاستقلال، بدل النشيد الرسمي المعتمد حاليا، الكثير من الجدل بين الموريتانيين، لكنه أثار كذلك بعض الشجن، والحنين لنشيد سمعه الشعب على مدى حوالي 6 عقود.
فقبل سنوات من الآن وتحديدا في 16 نوفمبر/ تشرين الثاني، 2017، اعتمد الشعب الموريتاني في استفتاء دستوري نشيدا وطنيا جديدا، وتم تغيير العلم القديم، بإضافة اللون الأحمر إلى جانبيه.
وبذلك ودع الموريتانيون إلى غير رجعة، أول نشيد يعزف في البلاد، وفي المحافل الدولية التي يشارك فيها البلد العربي الأفريقي، قبل أن يثير خطأ تنظيمي في الكاميرون الشجن من جديد.
قصة النشيد القديم
لم تكن من عقبة أمام النشيد الوطني الذي اعتمد إبان استقلال موريتانيا عن فرنسا في 28 نوفمبر/ تشرين الثاني عام 1960، حيث كان مواكبا لتلك المرحلة.
وعزف النشيد المؤلف من قصيدة بالشعر العربي الفصيح، تعود كلماتها لشاعر صوفي موريتاني توفي عام 1924، لأول مرة أمام الجمهور الموريتاني، فور إعلان الاستقلال.
ورغم أن كثيرا من الموريتانيين رأوا في السنوات الأخيرة، أن كلمات النشيد "القصيدة" لا تثير الحماس، إلا أن التعايش معه لعقود ظل سائدا.
ومع تولي الرئيس الموريتاني السابق محمد ولد عبدالعزيز مقاليد الحكم عام 2009، بدأت أولى المطالبات بتغيير النشيد، واستبدال كلماته بأخرى أكثر حماسا وارتباطا بالوطنية، وهي المطالب التي لقيت قبولا وصدى في الرئاسة الموريتانية.
وبرر المؤيدون لتغيير نشيد الاستقلال الذي كتبه الشاعر بابه ولد الشيخ سيديا، وطوعه للموسيقى العسكرية الفنان الفرنسي توليا نيكبروفيتسكي، مطالبهم بضرورة القطيعة مع إرث الاستعمار.
صنع في مصر
التقت إرادات كثير من الموريتانيين، في ضرورة تعديل النشيد، وقدمته الحكومة الموريتانية إلى استفتاء شعبي، إضافة تعديلات دستورية أخرى تلغي مجلس الشيوخ، الغرفة الثانية للبرلمان، بجانب تعديل العلم الوطني.
وبعد اعتماد التعديلات الدستورية، كلفت الرئاسة الموريتانية، فريقا من الشعراء بإعداد كلمات للنشيد الوطني، في قصيدة مشتركة، تعتمد الحماس والحس الوطني في أبياتها.
ثم كانت مرحلة تطويع القصيدة للنوتات الموسيقية، وهي المهمة التي أوكلتها وزارة الثقافة الموريتانية للموسيقار المصري راجح داود، الذي قام بتلحين النشيد الوطني الموريتاني الجديد في القاهرة بالتعاون أوركسترا القاهرة السيمفوني وكورال الأوبرا المصرية وهو العمل الذي استغرق منه بين أسبوعين وثلاثة أسابيع، وفق مقابلة مع على وكالة "رويترز".
وقلدت موريتانيا الموسيقار المصري "وسام فارس" تكريما له لتلحينه النشيد الوطني الجديد الذي يبدأ بكلمات: بلاد الأباة الهداة الكرام..."، وأصبحت كلماته مؤخرا محل رضا كبير بين الموريتانيين، وتعودت عليه الآذان والألسن، غير أن لجنة التنظيم لبطولة كأس الأمم الأفريقية، بقيت وفية لنشيد استقلال موريتانيا.
aXA6IDE4LjIyMy4yMTAuMjQ5IA== جزيرة ام اند امز