القفطان المغربي.. 8 قرون من التاريخ ولوحة فنية على أجساد النساء
هناك نوعان من التصميمات الخاصة سواء بالقفطان أو التكشيطة وهي إما تقليدي يتميز بطابعه الفضفاض أو عصري ويكون وفقاً لمقاس الجسد.. شاهد الصور عبر "العين الإخبارية".
يُخيم الهدوء على المكان، عدا أصوات دورية لآلات حادة تخترق شيئاً ما، وتُحيله قطعاً متفاوتة الأحجام. وما أن تلج الورش حتى ترمق مُجسمات تُشبه أجساداً بشرية، وأشخاص مُنهمكون في أشغالهم، تتوسطهم فدوى الواقفة بشموخ أمام طاولة عريضة، وبيُمناها مقصها الحاد، وفي اليُسرى قطعة طبشور خاص.
تقف فدوى بتركيز شديد لأن الخطأ الواحد قد يفسد كُل شيء، إذ تحرص على أن تكون المقاسات التي تحددها بواسطة مقياس حول عُنقها مضبوطا دقة.
بعد لحظات تُطلق فدوى العنان لمقصها الذي يتمختر بين قطع الثوب كريشة تتحرك على لوحة فنية، في حين تقف المرأة في حالة أشبه بفنان تشكيلي يُعد تلك اللوحة لا لتُعلقها على حائط بل لترتديها النساء.
لباس تاريخي
وبينما تنغمس في تقطيع الأثواب المنتشرة أمامها، توضح مصممة الأزياء التراثية، بلغازي فدوى، أن القفطان المغربي لباس له تاريخ عريق يمتد لعدة قرون، موضحة أنه مخصص للنساء وتوجد منه نُسخ للرجال.
ويُرجع الباحثون تاريخ القفطان المغربي إلى القرن الـ13 ميلادي، وتحديدا إلى الدولة المرينية التي كانت في المغرب آنذاك، ليشهد تطوراً مع السعديين، وخاصة في عهد السلطان المغربي أحمد المنصور الذهبي، قبل أن ينتشر في الأندلس.
وشددت بلغازي في حديثها لـ"العين الإخبارية"، أن هذا الزي الفريد، الذي يتميز به الشعب المغربي يعكس حمولة ثقافية وجمالية رفيعة المستوى، إذ يرمز للوقار والحشمة، وأيضاً لمختلف العادات والتقاليد المغربية.
ورغم تحديثه، تقول بلغازي، إن القفطان ظل اللباس الرسمي للمرأة المغربية في المناسبات، وحتى في منزلها، موضحة أنه في السابق كان هو اللباس الذي ترتاح فيه المراة في منزلها، إذ "تجدها دائما تُشمر على ذراعيه الفضفاضين، وتنهمك في أشغالها".
وأوضحت أنه في السنوات الأخيرة تم تطوير تصميم القفطان المغربي، وأدخلت عليه الكثير من التعديلات والتحديثات، إلا أنه يظل دائما مُحافظاً على طابعه التقليدي الذي اكتسبه على مر قُرون، خاصة أنه يجمع بين "التزين والحشمة" في نفس الوقت.
صيت عالمي
وأشارت إلى أن القفطان المغربي صار له صيت عالمي وأصبحت الماركات العالمية تُصمم أزيائها باعتماد مبادئ القفطان المغربي، مُشيرة إلى أن عدداً من الماركات تقوم بتصميم سراويل وقُمصان بطابع القُفطان المغربي.
وقالت: "إن المناسبات المتعددة التي يُمكن فيها لبس القفطان المغربي والتصاميم المُشتقة منه، جعلته محط إقبال عالمي"، مُؤكدة أنه قد يُلبس في جميع المناسبات، أو الاستقبالات، ناهيك عن السهرات الرمضانية التي تُصر النساء على حُضورها بالقفطان، سواء كُن مغربيات أو من جنسيات أخرى.
وأوضحت أن قطعة واحدة من القفطان المغربي الأصيل، قد تتجمع فيها أيادي عدة صُناع تقليديين كُل بحسب تخصصه وصنعته، وأيضاً بحسب رغبة الزبونات. ما يجعل مُدة العمل عليه تتراوح ما بين أسبوع وقد تمتد حتى أكثر من شهر.
أنواع وأشكال القفطان المغربي
وتوضح المتحدثة أنه يُمكن التفريق بين مجموعة من الألبسة التقليدية الشبيهة بـ"القفطان"، أو المواكبة له. مُشيرة إلى أن هذه الأخيرة تختلف على مستوى التصميم وأيضاً عدد القطع المتكونة منها.
وأشارت إلى أن القفطان يتكون عادة من قطعة إلى ثلاثة قطع بحسب المُناسبة وذوق الزبونة، موضحة أنه حينما يتجاوز القطعة الواحدة، يصير اسمه "تكشيطة".
وأكدت أن هناك نوعان من التصاميم الخاصة سواء بالقفطان أو التكشيطة، وهي إما تقليدي أو عصري، إذ أن الأول بحسب بلغازي، يتميز بطابعه الفضفاض والواسع، أما العصري فيكون وفقاً لمقاس الجسد، وأحياناً يكون مُلتصقاً به.
وأضافت المتحدثة أنه بالإضافة إلى القفطان والتكشيطة، توجد الجلابة المغربية، وهي اللباس الذي كان في الماضي مُخصصاً للخروج، إذ ترتديه المرأة فوق جميع ملابسها، وتخرج للشارع.
ولفتت إلى أن الجلابة بدورها عرفت مجموعة من التغيرات، لتنتقل أيضاً من طابعها التقليدي الفضفاض، إلى الطابع العصري. كما أنها أيضاً قد تتكون من قطعتين تكون إحداهما قفطاناً، والآخر رداء يوضع فوقه، ناهيك عن كونها لم تعد فقط لباساً للخروج فقط، بل بإمكان المرأة لبسه في الأعياد والمناسبات وأيضاً الحفلات.