الرسّامة المغربية زينب فاسيكي.. متمردة ناعمة من أجل حقوق المرأة (بروفايل)
بمواهب متعددة وابتسامة عريضة لا تفارقها، رسمت المغربية زينب فاسيكي بريشة واحدة طريقا من أصعب الطرق وهو "الدفاع عن حرية المرأة".
زينب صاحبة الاسم العربي الأصيل واللقب المغربي الذي ينبع من أكثر المدن المغربية التاريخية والجميلة (فاس)، والمتأثرة بالثقافة الغربية والمتشبعة بالثقافة العربية واحدة من أكثر نساء العرب "جرأة في الدفاع عن حرية المرأة والمساواة مع الرجل".
وفازت زينب فاسيكي بجائزة "الشجاعة" في مهرجان "أنجوليم" الفرنسي، لتكون أول مغربية وعربية تفوز بهذه الجائزة.
ومهرجان "أنجوليم" الدولي للقصص المصورة انطلق، الأربعاء، الماضي بمشاركة عدد كبير من الرسامين معظمهم من فرنسا وبلجيكا.
وفي هذا التقرير تستعرض "العين الإخبارية" تقريرا مفصلا عن هوية هذه الشابة المغربية والعربية التي نالت جائزة "الشجاعة" في مهرجان دولي.
من هي زينب فاسيكي؟
اسمها الحقيقي "زينب فاسقي"، تبلغ من العمر 28 عاماً، ولدت في 21 يوليو/تموز عام 1994 بمحافظة فاس الواقعة شرقي المغرب.
تخصصها الأكاديمي غيّر موهبتها الحياتية، ما جعل منها "فسيفساء أنثوية" رغم تخصصها الذي يقال إنه "حكر على الرجل".
تخصصت وتخرجت زينب عام 2017 في كلية الهندسة بدرجة "مهندسة في الميكانيكا"، لكن الميكانيكا التي اختارتها هي "الدفع بعجلة ومحرك الدفاع عن حرية المرأة" والنضال من أجل المساواة مع الرجل.
زينب فاسيكي "متمردة ناعمة وهادئة ومن صنف آخر"، اختارت نوعاً راقياً في الدفاع عن حقوق "الجنس الناعم"، وهو الرسم الكاريكاتيري، مستفيدة ومستغلة لموهبتها الجامحة في الرسم، الذي تعلمته وهي في سن الـ6 من عمرها، بعد أن ألهمتها قصص أمريكية ويابانية مصورة.
وبين الهزل والجد اجتمعت "الصدمة" في جرأة زينب أو في لوحاتها الكاريكاتيرية وهي تدافع بـ"شراسة أنثوية" عن بنات جنسها في الحرية وما تراه "انعتاقاً من ظلم المجتمع أو من صوره وأفكاره النمطية عن المرأة".
الرسامة زينب لم تواجه خلال مشوارها الفني "قمعاً رسمياً" بل "حرجاً مجتمعياً" وهي التي اعتادت الدفاع عن حقوق وحرية المرأة برسوم "أقل ما يقال عنها إنها جريئة"، فواجهت صعوبة في إيصال أفكارها إلى العائلات المغربية المحافظة بتلك الرسومات الجريئة.
"نساء عاريات" في رسوم كاريكاتيرية ولوحات فنية وحتى رسوم متحركة حاولت من خلاله إبراز معاناة فتيات مغربيات في مجتمعهن.
عُرفت زينب فاسيكي بكونها ناشطة مدافعة في مجال حقوق المرأة وتمكينها من المساواة مع الرجل.
لكن شهرتها الحقيقية بدأت عام 2018 من مدريد الإسبانية عندما كسرت تابوهات مجتمعية بجرأة أنثوية، حيث اشتهرت بمشروع بعنوان "حشومة" (عيب وعار)، والذي كان عبارة عن مجموعة من الصور الكاريكاتيرية التي صورت فيها نساء عاريات، دعت من خلالها إلى "كسر المعايير المزدوجة" في الحكم على المرأة والرجل، وأرادت من خلالها أيضا كسر ما تسميه "المحرمات".
وهي التي بدأت أولى خطواتها الفنية في الرسم الكاريكاتيري وهي ترسم "نفسها عارية"، قبل أن تقدم رسوماً أخرى "قطعت بها كل الخطوط الحمراء في مجتمع
اشتهرت الفنانة العصامية خصوصا على المواقع الاجتماعية من خلال رسم نفسها عارية، "ثم من خلال رسوم تظهر أجساد نساء كما هي دون أي خطوط حمراء".
معركة خاصة
لزينب فاسيكي معركة خاصة في مشوارها النضالي، تسميه "معركة تحرير الجسد"، هكذا صرحت في مايو/أيار 2021 لوسيلة إعلامية فرنسية.
لكن طموحها في تحرير المرأة "فني بامتياز"، إذ تناضل من خلال دورات تكوينية تنظمها في المغرب وبعض الدول الأوروبية تهدف من ورائها إلى "تطوير حضور النساء في الميدان الفني، ومساعدة الفتيات للتخلص من التحكم الأسري".
معركة صعبة لم تكن سهلة في حياة زينب الخاصة، فقد بدأتها من عائلتها عندما خيّرتها بين "التوقف عن نشر الصور الجريئة في مواقع التواصل الاجتماعي أو أن تعتبر نفسها خارج الإطار العائلي".
إلا أن ذلك لم يكن عائقاً أمامها، وترى بأن هذه الطريقة "تشبه التحكم في الأطفال الذين لا يقترفون أي ذنب سوى التمتع بهواياتهم"، وتعتبر بأن ذلك كان "سبباً في دمار آلاف المواهب".
يراها كثيرون فتاة متمردة عن نسقها الاجتماعي، لكنها تدافع عن نفسها برسوماتها الكاريكاتيرية والمصورة، وعن أفكارها وقناعاتها لمواجهة "ثقافة الاغتصاب التي تبرئ الجاني وتُحمل الضحية المسؤولية"، وترى في قلم الرصاص أو الريشة أو اللوحات الإلكترونية "متنفساً" للتعبير والدفاع عن حق المرأة في مجتمعها ضد ما تراه "معتقدات ظالمة وبالية".
كانت زينب من بين المشاركات في توثيق حلقة وثائقية بعنوان "حتى أنا" على موقع "يوتيوب" مطلع العام الماضي، تضمنت شهادات صادمة لفتاة مغربية تعرضت للاغتصاب لسنوات من "شقيقها" مقابل "تجاهل تام من الوالدين".
عقدة الخطيئة
تمرد زينب على ما تراه "الظلم المعتقدي المجتمعي" لم يكن محض صدفة أو لرغبة في الشهرة، فقد بدأت نضالها في الدفاع عن حقوق المرأة في سن مبكرة، وتحديدا في سن الـ14 من عمرها.
وقالت في تصريح إعلامي سابق: "أصبحت مناضلة نسوية حين تولد لدي هذا الوعي تزامناً مع سن البلوغ، وشعوري بأن المرأة يُنظر إليها في الغالب وكأنها خطيئة".
وأضافت: "هناك ثقافة ترى أن من حق الرجل الوصاية على المرأة ومراقبتها، في إطار منظومة أبوية تعامل فيها المرأة وكأنها ليست كائناً مسؤولا عن اختياراته".
ومن خلال رسوماتها، تناضل زينب فاسيكي من أجل "تغيير القوانين" التي تعتبرها ظالمة في حق المرأة، بل تذهب أبعد من ذلك، عندما ترى بأن تلك القوانين "صاغها رجال للتحكم بأجساد النساء"، وتعتقد بأن رسم نساء عاريات "ثورة ومقاومة إزاء تاريخ مبني على الأبوية".