محمد الشافعي.. قصة مغربي رحل وبقي أثره على الجدار
فرض اسم محمد الشافعي، نفسه على الساحة المغربية، رغم مرور سنوات على رحيله، حيث كشفت مياه الأمطار عن لوحة خبأها لسنوات.
فمن هو محمد الشافعي، وما قصة صورته التي حاول إخفاءها، وكشفت ملامحها مياه الأمطار، وما هي أبرز محطات حياته، تلك الأسئلة أجاب عنها موقع "هسبريس" المغربي في تقرير نشره مؤخرا.
القصة كما يرويها التقرير بدأت قبل خمس سنوات، حيث جاء رسام يحمل جنسية أمريكية إلى المغرب بغرض السياحة والاستجمام، ثم قادته ظروف ما ليقضي أياما في أسليم نواحي أكذز بإقليم زاكورة بإحدى القصبات التاريخية التي تتميز بها المنطقة، حيث صادف خلال جولاته شيخا تسعينيا، يحتفظ بأناقته ورشاقته، بساعة يدوية في المعصم، وبذلة مكوية بعناية وربطة عنق وملابس نظيفة.. يتمشى بلا عكاز، يتصل بمن شاء بأصدقائه هاتفيا دون مساعدة أحد، يقرأ الرسائل ويرد عليها، في الوقت الذي يحمل فيه بعض أقرانه بل من في عمر أولاده تلك الأظرفة التي تصلهم إلى فقيه الدوار ليفك طلاسمها.
ويسرد الموقع ملامح محمد الشافعي، فيكشف أنه كان "أول من زينت ساعة يدوية معصم يده من أبناء المنطقة بحسب ما يحكيه أقرباؤه؛ بل أول من أدخل المذياع نواحي أكذز واستمع للأخبار عبره نهاية الأربعينيات، حتى أنه في إحدى تلك السنوات الفائتة علم من خلال الراديو ثبوت رؤية هلال عيد الفطر، وطلب من أهله أن يعدّوا فطور الصباح والاستعداد لصلاة العيد، ليصطدم أن الناس لم تصدقه، على الرغم من أنه كان شخصا ملتزما ولم يعرف عنه الكذب؛ لكن سكان دواره أصروا أن يتمموا ثلاثين يوما من الصيام".
حاول الشافعي الدفاع عن موقفه بقوله "لقد سمعتُ في الراديو أن عيد الفطر هو اليوم في كل ربوع المغرب" قبل أن يتبينوا صدقه، حيث يقول الشيوخ الذين عاصروا الحادث إن هناك دواوير بالمنطقة لم تعلم بالعيد حتى أذان الظهر أو بعده، وعرفت تلك السنة لدى الكثير من الظرفاء بـ"السنة التي صُمنا فيها 29 يوما ونصف اليوم"؛ لكن الجيران وثقوا بعد ذلك في محمد الشافعي، وتيقنوا أن الرجل لا يتحدث من فراغ.
ويواصل الموقع سرد الوقائع الغريبة في حياة محمد الشافي فيقول: "طلب الرسام الأمريكي من الشافعي أن يسمح له بالتقاط صور ليرسم له بورتريها، وأغلب الظن أن الشيخ لم يكن يعرف أن الأمريكي سوف يرسمه على جدار في طريق عمومية، يعبر منه القرويون راجلين أو راكبين سياراتهم أو دوابهم في اتجاه مركز أكذز، فلم يعترض على ذلك؛ فقد سبق للكثير من الباحثين في التاريخ أن زاروه وسجلوا شهاداته حول مختلف الأحداث المحلية التي عاصرها وهو الذي ولد سنة 1928".
وأتمم الرسام رسم الشافعي على الجدار، ونادى عليه ليرى ذلك العمل الذي اشتغل عليه لأيام طويلة، لم يكن الشافعي مسرورا بذلك، ليس لأن الرسمة لم تكن جيدة، ولا لأنها لا تحاكي ملامحه بشكل دقيق، فقد أبدع فيها ذلك الفنان واستطاع فعلا أن ينقل ملامحه على حائط أصم، لكن لأنه لم يرغب أصلا أن تُرسم صورته على هذا الحائط، ربما لاعتبارات دينية أو غير ذلك؛ فقد أَسَرّ لأحد مُقربيه: "منذ أن رأيت صورتي على الجدار وأنا لا أنام نهائيا"، ومع ذلك فقد عبر الشيخ التسعيني عن شكره وامتنانه مجاملة لذلك الرسام الذي ضحى بوقته وإبداعه واختار أن يرسمه هو دون غيره، كما أورد الموقع.
ويواصل الموقع تفاصيل الواقعة: "لكن ما أن تأكد الشيخ أن الأمريكي أخد مقعده في الطائرة التي ستقله إلى واشنطن، حتى نادى على أحد العمال وكلفه بتبليط كل ذلك الحائط بالطين والتبن، لتختفي صورته على الحائط!، وبعد شهور مرض الشافعي، ونقله أولاده إلى الرباط حيث يقيمون، أياما بعدها توفي عن سن يناهز 88 سنة، وكان ذلك يوم 3 يوليو 2016، ومضت سنوات والتراب يخفي جسد الرجل، والطين يحجب وجهه على حائط القصبة، إلى أن هطلت الأمطار الأخيرة.. كانت القطرات ترتطم بقوة على الحائط، وكأنها تتسابق لتكشف صورة الرجل على الجدار وتخلد سيرته بعد نسيان".
ومن المواقف الغريبة في حياة الشافعي التي يحكيها التقرير أنه "ذات يوم، جاء رجل إلى الشافعي وأخبره أنه يملك شريطا نادرا لأم كلثوم؛ كان الشافعي يمتلك جميع أشرطة السيدة، باستثناء ذلك الشريط الذي جلبه هذا الرجل من سفره، فأخذه منه مقابل حقل به نخيل وصنوف أشجار".
aXA6IDMuMTUuMjI4LjMyIA==
جزيرة ام اند امز